المطالبة بهذه الدولة الفلسطينية مؤامرة على هدف تحرير فلسطين

بقلم : أحمد السعدي

 الدولة الفلسطينية التي روج لها بعض موظفي الادارة الاسرائيلية بعد احتلال الضفة الغربية مباشرة

الدكتور محمد وحيد الجعبري حفيد الشيخ محمد علي الجعبري ذكر للمؤلف في رسالة خطية اتصالات مسؤولين اسرائيليين بجده طرحوا فكرة دولة فلسطينية في الضفة، ونقل الشيخ الجعبري ذلك للملك الحسين وللرئيس جمال عبدالناصر وللرئيس الفلسطيني ياسر عرفات

الضفة الغربية ترفض الدولة الفلسطينية التي اقترحها مسؤولون اسرائيليون

اننا نؤكد اصرارنا على عودة وحدة الضفتين.. اننا نرفض باصرار الدعوة المشبوهة لاقامة دولة فلسطينية، يراد لها أن تقوم منطقة عازلة بين العرب واسرائيل.. وهي وسيلة لاخراج القضية الفلسطينية من محيطها العربي وتجريدها من بعدها القومي، وعزل الشعب الفلسطيني عن أمته العربية، وأن اقامة مثل هذه الدولة من شأنه تصفية القضية الفلسطينية تصفية نهائية تؤدي الى انحلال الشعب الفلسطيني.

الميثاق الوطني المرحلي لوجهاء وهيئات فلسطينية في الضفة الغربية ردا على الاقتراح الاسرائيلي في 4/10/1967

ماهر الشريف، البحث عن كيان، ص 182 / 183

 نماذج من تصريحات ومواقف برفض ما يسمى هدف الدولة الفلسطينية

 المجلس الوطني الفلسطيني الرابع الذي انعقد خلال الفترة 10 – 17/7/1968، حذر المجلس من الدعوات المشبوهة لانشاء كيان فلسطيني مزيف يقوم على اساس اعطاء الشرعية والديمومة (لاسرائيل).

ان هنالك مخطط أمريكي اسرائيلي يرمي الى اقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع مرتبطة باسرائيل مؤكدا ان الثورة الفلسطينية ستقاوم انشاء هذه الدولة حتى آخر رجل.

ياسر عرفات في حديث لجريدة الأهرام المصرية في 10/11/1970

المصدر: ماهر الشريف، البحث عن كيان، ص 212

 ان الثورة الفلسطينية ترفض الدولة الفلسطينية سواء كانت مطروحة أو غير مطروحة ويراد منها أن تكون جسرا بين (اسرائيل) والدول العربية.

حديث لصلاح خلف احد قادة فتح والذي يعتبر الرجل الثاني في جريدة الراي العام الكويتية

11/1/1971

نفس المصدر السابق

 الحل التصفوي للقضية الفلسطينية يتمثل في مشاريع الدولة الفلسطينية التي يجري دفع الشعب الفلسطيني نحو قبولها.

مذكرة الجبهة الديمقراطية الى الدورة الثامنة للمجلس الوطني الفلسطيني 27/2/1971

 نماذج من تصريحات ومواقف للسير نحو الدولة الفلسطينية بعيدا عن هدف التحرير

منذ شهر تموز عام 1967 أي بعد شهرين من الانتفاضة، تقدم فاروق القدومي من اللجنة المركزية في فتح، بتقرير سياسي نجده يقترح علينا ان نعلن تأييدنا لقيام دويلة في الضفة الغربية وغزة، وبالرغم من واقعية التقرير، وخاصة الجزء المتعلق بالدويلة، فانه اصطدم بمعارضة حادة، فقررنا احالة التقرير الى المحفوظات بانتظار مجيء ايام افضل.

صلاح خلف في كتابه / فلسطيني بلا هوية ص 219 / 220

 تعديل الميثاق.. مقدمة لشطب قومية الصراع وشطب المواد التي ترفض الدولة الفلسطينية

  • في اول جلسة للمجلس الوطني في 10 – 17/7/1968 بعد سيطرة حركة فتح على المجلس فتغير اسم الميثاق القومي الى الميثاق الوطني.
  • المادة الأولى اصبحت فلسطين وطن الشعب العربي الفلسطيني بدلا من نص (فلسطين وطن عربي، كما ورد في الميثاق القومي).
  • أسقطت وحذفت المادة الرابعة والعشرون التي تنص على أن (لا تمارس هذه المنظمة أية سيادة اقليمية على الضفة الغربية في المملكة الأردنية الهاشمية ولا قطاع غزة).

 صلاح خلف يعلن هدف انشاء دولة ديمقراطية

وبناء على تكليف من القيادة أعلنت في مؤتمر صحفي عقد في 10/10/1968، بأن هدفنا الاستراتيجي هو دعم انشاء دولة ديمقراطية على امتداد فلسطين التاريخية يعيش فيها العرب واليهود في وفاق!!

فلسطيني بلا هوية ص 220 / 221

 المجلس الوطني الفلسطيني الخامس في شباط 1969 يتبنى قرارات يؤكد فيها على هدف الدولة كاستراتيجية

 12/10/1970 جوزف سيسكو معاون وزير الخارجية الأمريكي يتحدث بصراحة عن اقامة كيان فلسطيني.. وعن اهمية مشاركة الفلسطينيين في مفاوضات توصل للسلام.

ماهر الشريف، البحث عن كيان، ص 211

 انني من موقعي في مركز صنع السياسة الفلسطينية استطيع ان اقول لكم بدون خوف من الوقوع في تناقض بأن هؤلاء الذين يشكلون قيادة التيار الرئيسي في منظمة التحرير الفلسطينية كانوا منهمكين في الجزء الأكبر من السنوات العشرين الماضية في صراع حياة أو موت لتحضير الأرضية من جانبنا للوصول الى حل سياسي عن طريق التفاوض مع (اسرائيل).

من محاضرة لعضو اللجنة المركزية لحركة فتح هاني الحسن في 11/12/1989 بجمعية لحزب المحافظين البريطانيين نشرت في مجلة اليوم السابع ترجمة للمحاضرة في عدد 5/1/1990

 لقد شكل بالنسبة لي تحقيق السلام والتعايش بين الفلسطينيين والاسرائيليين التزاما طوال حياتي، وكنت أول القادة الفلسطينيين الذين أسسوا وشجعوا الحوار بين الفلسطينيين والاسرائيليين منذ فترة بدأت في سبعينات القرن الماضي مهدت لمعاهدة أوسلو 1993.

من مقال لمحمود عباس بعنوان (فرصة الساعة الأخيرة) منشور في جريدة الرأي الأردنية 17/6/2010

  المطالبة بالدولة الفلسطينية.. مؤامرة على هدف تحرير فلسطين

كما هي مؤامرة على وحدة المصير العربية

شعار الدولة الفلسطينية قاطرة الشعارات المضللة*

هدف دولة الضفة وغزة.. تآمر على هدف تحرير فلسطين

فماذا حقق هذا الهدف ؟!

  • تحت شعار (الدولة الفلسطينية) ارتكبت الموبقات بحق فلسطين والوطن العربي عموما.
  • دولة في الضفة وغزة مقابل اعتراف وعلاقات بين 57 دولة عربية واسلامية مع (اسرائيل)، وفق المبادرة العربية والتي أيدها المؤتمر الاسلامي!! فحصل الاعتراف المجاني والحديث عن الدولة مستمر.
  • تحت شعار (الدولة الفلسطينية) قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة عباس وبتوقيع عرفات الاعتراف بحق (اسرائيل) في الوجود على 78% من فلسطين، مقابل التفاوض على الـ 22% وليس الحصول عليها.
  • تحت شعار (الدولة الفلسطينية) ولتحقيقها أصبحت قضية الصراع العربي الفلسطيني صراعا فلسطينيا / اسرائيليا.. وبذلك اخلاء ذمة دول عربية بذلك عن هذا الصراع.
  • تحت شعار الدولة الفلسطينية.. تمزق الشعب الفلسطيني الى الضفة وغزة من جهة، اللاجئون في الدول العربية من جهة أخرى، وعرب فلسطين المحتلة عام 1948 فريق آخر..
  • تحت شعار الدولة الفلسطينية.. تعمقت الهوية والكيانية الفلسطينية الفولكلورية.. وأبعدت الأنظار عن هدف التحرير. هوية انغلاقية يائسة عاجزة عن التحرير، لايجاد تبرير للاستسلام باسم المصالحة أو الأمر الواقع، كما هو الحال في دول ابتليت بالاحتلال، كان دائما فيها فريق ينادي بقبول الامر الواقع، وهو الفريق الخاسر دائما.
  • تحت شعار الدولة الفلسطينية تم غض النظر اعلاميا عن خطر الكيان الصهيوني على الأمة العربية.
  • وتحت هذا الشعار فتحت الطريق لأنظمة عربية واسلامية ودول أخرى لاقامة علاقات مع الكيان الصهيوني ونشرت ثقافة التطبيع.
  • والتمهيد لتحقيق هذا الشعار الهدف، كانت هنالك شعارات خطيرة مقلقة.. ومنها القرار الفلسطيني المستقل، وشعار منظمة التحرير هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.. والصراع الفلسطيني الاسرائيلي والقيادات الشرعية المنتخبة!

في الفصل المتعلق بحركة (فتح) تم الحديث عن نشر ثقافة وشعارات وصناعة أوهام حول حركة فتح ورئيسها عرفات وذكر الكثير من الشعارات المضللة، وهنا التركيز على شعار الدولة الفلسطينية الشعار الأكثر تضليلا، وقد ورد الكثير مما ورد في هذا الفصل في فصول سابقة، ولأهمية الموضوع، خصص له هذا الفصل.

 مقدمة وخلفية لشعار الدولة الفلسطينية

 شعار الدولة الفلسطينية قاطرة الشعارات المضللة للتآمر على فلسطين وعروبتها وعلى شعبها

واحدى أبرز استعمالات هذا الشعار التآمرية وصلت ذروتها عام 1988 في المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر حيث أعلن قيام الدولة الفلسطينية؟! وكان ثمن هذه الدولة المعلنة على الورق أو في الخطابات المهرجانية تلك الليلة، كان هذا الاعلان لاخفاء اعتراف ذلك المجلس (باسرائيل) على 78% من فلسطين المحتلة عام 1948. وفي نفس العام استكمالا للمسرحية انتقلت الجمعية العامة للأمم المتحدة من نيويورك الى جنيف للاستماع لخطاب ياسر عرفات رئيس المنظمة المتضمن اعترافه بقراري مجلس الأمن 242 و338 وبحق (اسرائيل) بالوجود، مقابل اعلان هذه الدولة، مقابل الاعلان عن هذه الدولة وليس اقامتها، والتي اعترف بها أكثر من مائة دولة.

ويتابع محمود عباس خطى عرفات فيريد الطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة الاعتراف بدولة فلسطين مع استمرار احتلال (إسرائيل) لها. في هذه المسرحية لا بد من السؤال ماهو التنازل الذي سيخفيه اعلان الدولة هذه المرة.. تبادل الأراضي مع (اسرائيل) أي ابقاء المستوطنات ولا سيما حول القدس تحت السيادة الاسرائيلية.. وماذا عن موضوع اللاجئين..

في اي حديث عن القضية الفلسطينية يجدر أن نتذكر ونؤكد على حقائق القضية الفلسطينية، حيث تم تشويه أو اغفال هذه الحقائق، فلنذكر ثلاث حقائق أساسية للقضية الفلسطينية، ونرى كيف يتم القفز عنها اعلاميا؟:

1 – هناك هجمة غربية استعمارية للهيمنة على الوطن العربي: جناحها الأول: التجزئة، كما عبرت عنها – اتفاقية سايكس بيكو عام 1916، والجناح الثاني اقامة قاعدة عسكرية تثبت التجزئة وتهدد الأمن العربي وهي قاعدة على شكل دولة، فكانت (اسرائيل) وليدة الحركة الاستعمارية الصهيونية، واعلان اقامتها بتصريح بلفور عام 1917 الذي تعهد باقامة وطن لليهود في فلسطين.

تختلف (اسرائيل) عن أي استعمار او استيطان، بكون الدول الاستعمارية الغربية تتكامل جهودها في هذا الجانب بينما كانت تتصارع في المناطق الأخرى أحيانا وتتقاسم النفوذ أحيانا أخرى.

ويوضح موقف الدول الاستعمارية الغربية هذا ما ورد في مذكرة لبلفور صاحب التصريح سيء الذكر.. يقول فيها “سواء كانت الصهيونية خيرا أو شرا على حق أو باطل فالحلفاء سيؤيدونها” والحلفاء هم حلفاء الحرب العالمية الأولى، انكلترا، فرنسا، ايطاليا والولايات المتحدة.. وهذا القول نراه ساريا حتى يومنا هذا.

2 – اقامة الكيان الصهيوني موجه ضد أمن الأمة العربية ووحدتها، والتعامل مع هذا الكيان منذ نشأته كفكرة كان عربيا وليس فلسطينيا. فعند صدور وعد بلفور لم يكن هنالك دولة فلسطينية أو كيان فلسطيني، ففلسطين كانت جزءا من جنوب سوريا.

  • فالمقاومة الشعبية العربية في فلسطين كانت في قياداتها وعناصرها عربية كجزء رئيسي من المقاومة في فلسطين، ليس فقط انتصارا للشقيق الفلسطيني بل دفاعا عن الأمة، وأرض فلسطين تزخر بالشهداء العرب قادة وجنودا.
  • مسيرة القضية الفلسطينية كانت بقرارات ومواقف الحكومات العربية: حربا وسلما، هدنات ومبادرات، مواقف سلبية أو ايجابية. والمقاومة الشعبية للمشروع الصهيوني كانت مقاومة فلسطينية عربية قيادات وكوادر.

3 – حقائق القضية هذه بدأ العبث بها، ولتثبيت الاحتلال للارض، يجري العمل على الاحتلال للعقول والأفكار. كانت هنالك سياسات واجراءات واعلام في هذا الاتجاه تضليلا وانحرافا عن حقائق القضية. ومن شعارات التضليل وأخطرها شعار الدولة الفلسطينية.. وتبعها شعارات تضليلية أخرى كعوامل مساعدة: القرار الفلسطيني المستقل! والصراع الاسرائيلي الفلسطيني، والقيادات الشرعية المنتخبة والحروب تنتهي باتفاقيات. تم التضليل حتى في حدود فلسطين، فترفع شعارات.. فلسطين من رفح إلى جنين في مظاهرات ومناسبات وطنية في الضفة الغربية، لتعلم الجيل حدودا جديدة لفلسطين.

فتحذف من أفكار وذاكرة الجيل الجديد معرفة مدن فلسطين وقراها المحتلة يافا وحيفا وعكا وبئر السبع وصفد والناصرة وغيرها من المدن والقرى المحتلة عام 1948. وللمزيد من التضليل ان يدرس للطلاب في الضفة والقطاع رسالة عرفات بحق اسرائيل بالوجود!!

ولا ننسى أن من مرادفات التضليل اعتبار 1/1/1965 بداية الثورة الفلسطينية والكفاح المسلح ليتم تجاهل ثلاثين سنة سبقتها من الكفاح الفلسطيني المسلح في ظل الانتداب البريطاني حيث لم يكد تسلم أسرة فلسطينية من معتقل أو شهيد، عندما كانت القوات البريطانية هي التي تواجه الثورات الفلسطينية، وحيث شارك المتطوعون العرب قادة وجنودا في هذا الكفاح واستشهد العديد منهم على أرض فلسطين، كما استمر العمل الفدائي بعد قيام الكيان الصهيوني عام 1948 فكانت هنالك آلاف العمليات الفدائية قبل 1/1/1965 وعبر سنوات الاحتلال.

ان مناقشة شعار الدولة الفلسطينية الذي أصبح هو شعار التضليل الرئيسي، وهو الشعار والهدف المؤامرة الذي يحول قضية الاحتلال الى قضية الخلاف مع (اسرائيل) على حدود هذه الدولة ووظيفتها.. ومن يحق له الاقامة فيها من اللاجئين، وطبيعة دورها، وحجم الاستيطان فيها وموقع القدس منها؟ ومما يسمى قضايا الحل الدائم بما فيها المياه الجوفية، فهذه القضايا ليس فيها ثابت، فهي قضايا للتفاوض، والتفاوض حولها مستمر منذ أوسلو 1993 وحتى تاريخه (2017) وإلى حين!!

فلسطين وطن عربي محتل وكل الحركات والمنظمات الفلسطينية الفدائية كان شعارها وهدفها تحرير فلسطين.. بما في ذلك حركة فتح التي قامت ولم تكن الضفة الغربية وقطاع غزة محتلين فقامت لتحرير ما احتل عام 1948 وليس ما احتل عام 1967، بل كان شعار المنظمات الفلسطينية جميعها تحرير فلسطين وبالكفاح المسلح وحده.. وكانت حركة فتح تضيف إلى ذلك حين يطلب منها اللقاء والتنسيق مع أي منظمة فلسطينية فتجيب “الحوار واللقاء على أرض المعركة” تهربا من اي لقاء.. فكيف تحول هدف التحرير إلى اقامة دولة وبالتفاوض مع العدو المحتل على جزء محتل عام 1967؟ وهي الضفة التي احتلت وهي جزء من المملكة الأردنية الهاشمية، وقطاع غزة الذي احتل وهو تحت اشراف ومسؤولية الحكومة المصرية. فتحول المحتل عام 1967 عمليا الى أراض متنازع عليها!!

فلنتابع كيف تحول هدف التحرير إلى هدف الدولة.. وأصبح هذا الهدف بديلا أو تآمرا أو تجاهلا وتجهيلا بهدف التحرير كأي أرض محتلة في العالم. وبذلك تعفى الأردن ومصر من مسؤوليتهما عن تحرير ما احتل بسبب حرب معهما لأرض كانت تحت مسؤوليتهما بل كانت الضفة جزء من المملكة الأردنية الهاشمية.

مراحل ومحطات للوصول الى شعار وهدف الدولة الفلسطينية

هذا التحول أو الانقلاب على هدف التحرير يمكن لتفهمه تتبع فكرة الكيان الفلسطيني والدولة الفلسطينية في مسيرة القضية الفلسطينية في ثلاث مراحل أو محطات رئيسية:

المرحلة الأولى 1897 – 1948

بدأت هذه المرحلة عام 1897 بانعقاد المؤتمر الصهيوني الأول ثم بعد عشرين عاما تتوجت قرارات هذا المؤتمر بتصريح وزير الخارجية البريطاني بلفور عام 1917 باقامة وطن لليهود في فلسطين، وتبع ذلك الاحتلال والانتداب البريطاني على فلسطين لثلاثين عاما 1917 – 1948. كانت وظيفة الانتداب البريطاني كما جاء في صك الانتداب المادة الثانية، العمل على ايجاد الظروف لاقامة دولة لليهود في فلسطين. فكان البريطانيون يصنعون دولة للكيان الصهيوني في فلسطين يوما بيوم حتى قيل بحق.. (اسرائيل) صنعت في لندن. والذي كان يقوم بالتضحيات وتكلفة الاحتلال ومقاومة الثورات ضد الحركة الصهيونية هي القوات البريطانية.

حين عقد المؤتمر الصهيوني الأول وحين صدر تصريح بلفور كانت فلسطين جزءا من ولايات سورية خاضعة كغيرها من المشرق العربي للخلافة العثمانية، فلم يكن هنالك كيان فلسطيني بالحدود التي صنعتها بريطانيا ولم تكن هنالك دولة فلسطينية مستهدفة بل كان الوطن العربي مستهدفا في فلسطين وتبنى العرب الفلسطينيون منذ ايار 1918 علم الثورة العربية الكبرى ونشيدها. ولذلك فالقيادات الفلسطينية في المؤتمر العربي الفلسطيني الأول المنعقد في القدس في شباط عام 1919 اعتبرت فلسطين جزءا من سوريا العربية حيث لم يسبق أن انفصلت عنها في يوم من الايام (1). وفي مذكرة لمجلس الشيوخ الأمريكي ارسلتها الأندية والجمعيات العربية في مدينة القدس تتحدث فيها عن فلسطين بأنها الجزء الجنوبي من سوريا والاعتراض على تقسيم سوريا التي خاضت الحرب مع الحلفاء رغبة في الاستقلال، وجعل الجزء الجنوبي منها وطنا قوميا لليهود (2). وفي عام 1931 صدر الميثاق القومي العربي في القدس الذي عقد على هامش المؤتمر الاسلامي، واشار هذا الميثاق إلى المؤامرة الاستعمارية باشغال كل قطر عربي  عن الأقطار الأخرى (3).. ورفض الميثاق كل اشكال التجزئة.

وفي عام 1947 رفضت القيادة الفلسطينية برئاسة الحاج أمين الحسيني تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية أي ما يسمى حاليا حل الدولتين.. وساندت هذا الموقف دول الجامعة العربية، وهكذا في هذه المرحلة كان هنالك رفض لفكرة الدولة الفلسطينية على جزء من فلسطين، واعتبار فلسطين كلها جزءا من سوريا ومن الوطن العربي.

وفي هذه المرحلة كانت الثورات الفلسطينية والتي شارك فيها الى جانب عرب فلسطين قيادة وجنودا، مواطنون عرب من مختلف الأقطار العربية ولا سيما الأقطار المجاورة، نذكر من القيادات العربية عزالدين القسام وسعيد العاص من سوريا وفوزي القاوقجي من لبنان ، الحنيطي وعبيدات من شرق الأردن، هذه قيادات شعبية ومتطوعون، أما الجيوش العربية فلها حديث آخر. وانتهت هذه المرحلة عام 1948 بحرب بين جيوش عربية وعصابات صهيونية انتهت بما سمي بالنكبة وتقسمت فلسطين اثر ذلك إلى ثلاثة اقسام:

  • قسم محتل من الكيان الصهيوني أعلن فيه دولة (اسرائيل) على 78% من ارض فلسطين مع أن قرار التقسيم المقر من الأمم المتحدة يعطيها 55% من فلسطين وكان اليهود ثلث سكان فلسطين ويملكون فقط 6ر5% من مساحة فلسطين.
  • والجزء الشرقي من فلسطين أصبح الضفة الغربية من المملكة الأردنية الهاشمية.
  • والجزء الجنوبي وهو قطاع غزة تحت اشراف الادارة المصرية.

وعقدت دول عربية الهدنة الدائمة مع العدو الصهيوني، وليس مع اي كيان فلسطيني أو قيادة فلسطينية، وقد شكلت الهيئة العربية العليا لفلسطين حكومة أسمتها حكومة عموم فلسطين لم يكن لها أي سلطة على اي جزء من فلسطين بل كانت حكومة رمزية لها ممثل في الجامعة العربية وكان ذلك ردا على الاحتلال وتوقف الحرب والمقاومة. ولم تقم أي معارضة فلسطينية تذكر لضم ما تبقى من فلسطين للأردن أو لاشراف الادارة المصرية على قطاع غزة.

المرحلة الثانية 1948 – 1967

خلال الجزء الأول من هذه الفترة أصبح واضحا للجماهير العربية مأساة التجزئة للوطن العربي ومسؤوليتها عن نكبة عام 1948، فنشطت حركات التغيير في الوطن العربي نحو الوحدة كطريق للتحرير لمواجهة (اسرائيل) المدعومة بدون حدود من الدول الاستعمارية الغربية. وانخرط الشباب العربي الفلسطيني في الأحزاب العربية دينية أو قومية او اشتراكية.. وعمت الانقلابات دولا عربية وعم عدم الاستقرار دولا عربية أخرى.. ونجم عن المد الوحدوي قيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا خلال الفترة 1958 – 1961، كما كان هنالك نهوض جماهيري استطاع احباط الأحلاف العسكرية وفي مقدمتها حلف بغداد.. والمد الوحدوي عبرت عنه القيادة الفلسطينية وهي الهيئة العربية العليا والتي قادت الحركة الفلسطينية خلال فترة الانتداب البريطاني، حين طالبت عام 1957 “اعتبار فلسطين فريقا في الاتحاد العربي المزمع عقده بين مصر وسوريا” (4).

وفي الجزء الثاني من هذه المرحلة قامت حركات فدائية فلسطينية لتقوم بدورها في التحرير.. ولم تتبن أي منها شعار دولة فلسطينية، وكان هنالك تصريح للرئيس التونسي بورقيبة عام 1965 بالاعتراف (باسرائيل) وفق قرار التقسيم الذي ينص على قيام دولتين في فلسطين، دولة عربية ودولة يهودية، وواجه تصريح بورقيبة استنكارا رسميا وشعبيا ولم يجد اي تأييد يذكر.

وأما الرئيس العراقي عبدالكريم قاسم فأنشأ فوج التحرير الفلسطيني وطالب بدولة فلسطينية، وكانت هنالك مطالبات عربية بالكيان الفلسطيني ليقوم بدوره بالتحرير، ويعبر عن مأساة قيام (اسرائيل) وتهجير الشعب الفلسطيني وأخيرا تم التعبير عن أهمية وجود قيادة فلسطينية بقرار قمة عربية دعا اليها الرئيس المصري جمال عبدالناصر وأدى ذلك لقيام منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة الشقيري في عام 1964 وعلى أساس ميثاق قومي صدر عن المجلس الوطني الفلسطيني الذي أسس منظمة التحرير. وفي هذه القمة تقرر كذلك قيام القيادة العربية العسكرية الموحدة، حيث أن تحرير فلسطين مسؤولية عربية يتكامل الدور الفلسطيني فيها مع الدور العربي الشامل وتم التعبير بوضوح عن ذلك في الميثاق القومي لمنظمة التحرير الفلسطينية، تنص مواده:

المادة الأولى: تنص على أن فلسطين وطن عربي.

المادة الرابعة: تنص على أن شعب فلسطين يقرر مصيره بعد أن يتم التحرير.

المادة 24: تنص على أن لا تمارس المنظمة أية سيادة اقليمية على الضفة الغربية في المملكة الأردنية الهاشمية ولا في قطاع غزة، وسيكون نشاطها على المستوى القومي الشعبي في الميادين التحريرية والتنظيمية والسياسية والمادية.

 المرحلة الثالثة 1967 – 2017، محطات للترويج لهدف الدولة

في بداية هذه المرحلة فان شعار (دولة فلسطينية) كان مرفوضا ومدانا وقد طرح للغرابة!! من الكيان الصهيوني ومن قيادة حركة فتح.. وقد مرت صناعة هذا الشعار والترويج له بعدة محطات.

المحطة الأولى 1967 – 1971، في هذه المحطة تداخلت مواقف الرفض والادانة لفكرة الدولة الفلسطينية مع مواقف الترويج الحذر وبذر الفكرة. فلنتابع أولا نماذج مواقف الرفض والادانة:

أ – الادارة العسكرية الاسرائيلية وبعض قيادات حركة فتح تدعوان لقيام دولة فلسطينية في الضفة والقطاع

في الشهور الأولى للاحتلال للضفة والقطاع عام 1967، روج بعض موظفي الادارة العسكرية الاسرائيلية لفكرة دولة في الضفة الغربية، ولكن كان هنالك شبه اجماع في الضفة لرفض هذه الفكرة رغم مرارة الهزيمة والاحتلال، وصدر بيان بعنوان (الميثاق الوطني المرحلي) وقعه ممثلو القوى والهيئات الوطنية في الضفة الغربية في تشرين أول 1967، ونقتطف من هذا البيان التالي:

“اننا اذ نؤكد اصرارنا على عودة وحدة الضفتين لنتذكر بألم أوضاعا سادت أجهزة الحكم في الأردن خلقت آثارا محزنة في نفوس المواطنين، ولكننا نعلم أن شعب الأردن بضفتيه وقد هزته النكسة.. يرفض باصرار الدعوة المشبوهة لاقامة دولة فلسطينية يراد لها أن تقوم منطقة عازلة بين العرب واسرائيل مرتبطة بالوجود الصهيوني الدخيل، ونعتبر تلك الدعوة وسيلة لاخراج القضية الفلسطينية من محيطها العربي وتجريدها من مفهومها القومي وعزل الشعب العربي الفلسطيني عن أمته، وأن اقامة مثل هذه الدولة من شأنه تصفية القضية الفلسطينية تصفية نهائية”. (5)

وصدر عن المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الرابعة في تموز 1968 بالنسبة لفكرة الدولة الفلسطينية التالي: “تسعى الحركة الصهيونية والاستعمار وأداتهما (اسرائيل) الى تثبيت العدوان الصهيوني على فلسطين وإلى تعزيز الانتصار العسكري في 5 حزيران، باقامة كيان يقوم على اعطاء الشرعية والديمومة لدولة (اسرائيل) الأمر الذي يتناقض كليا مع حق الشعب العربي الفلسطيني في كامل وطنه”!!

في هذه المرحلة بل واعتبارا من اعلان الهزيمة العربية عام 1967 فان قادة حركة فتح ومنهم خالد الحسن وفاروق القدومي وكمال عدوان رأوا في هزيمة حرب عام 1967 واحتلال بقية فلسطين أن الفرصة اصبحت سانحة للانفلات من السيطرة العربية ولتأسيس كيان فلسطيني مستقل وان القضية الفلسطينية بعد هذه الهزيمة عادت الى صورتها الحقيقية صراع فلسطيني اسرائيلي. (يزيد صايغ، الكفاح المسلح والبحث عن الدولة، ص 243).

  وفي 10/11/1970  في حديث لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات في جريدة الأهرام المصرية يقول فيه “ان هنالك مخطط أمريكي اسرائيلي يرمي الى اقامة دولة فلسطينية مرتبطة باسرائيل مؤكدا أن الثورة الفلسطينية ستقاوم انشاء هذه الدولة حتى آخر رجل”.(6)

وفي 11/1/1971 وفي حديث للقائد البارز في حركة فتح صلاح خلف لجريدة الرأي العام الكويتية “ان الثورة الفلسطينية ترفض الدولة الفلسطينية سواء كانت مطروحة أو غير مطروحة لكونها تعني أن نوقع هزيمتنا بأيدينا.. ويراد من هذه الدولة أن تكون جسرا بين (اسرائيل) والدول العربية لتحتل (اسرائيل) هذه الدول مرة ثانيا اقتصاديا”. (7)

ب – قيادات حركة فتح تطرح فكرة الدولة الفلسطينية كهدف

وفي نفس الوقت الذي دعت فيه القيادة الاسرائيلية للدولة الفلسطينية، فان قيادات حركة فتح طرحت هذه الفكرة.

حركة فتح تعرض على مؤتمر لها اقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع.

وضع بذور هذه الفكرة والترويج الحذر لها تمشيا مع فلسطنة الصراع مع الكيان الصهيوني الاستعماري ومن قيادات أدانت هذه الفكرة!! ففي الاشهر الأولى التي كان مسؤولو الكيان الصهيوني يعرضون فكرة اقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع، كانت قيادة حركة فتح تعرض الفكرة في مؤتمر لها. فالقيادي البارز في حركة فتح صلاح خلف في كتابه (فلسطيني بلا هوية) يذكر بأنه بعد شهرين من هزيمة حزيران 1967 تم عرض تقرير سياسي لحركة فتح يتضمن اعلان التأييد لقيام دويلة في الضفة الغربية والقطاع! وانه كما يذكر بالرغم من واقعية التقرير اصطدم بمعارضة حادة داخل اجهزة القيادة لحركة فتح.. فقررنا احالة التقرير الى المحفوظات بانتظار مجيء “أيام افضل”، وينسب خلف عرض التقرير الى القيادي في فتح فاروق القومي. (8) وطرحت حركة فتح شعار الدولة الديمقراطية عام 1968 فصلاح خلف عرض هذا الشعار كما يذكر في كتابه المذكور في تشرين أول 1968، ولكن لم يتم تبني هذه الفكرة رسميا الا في الدورة الثامنة للمجلس الوطني الفلسطيني في آذار 1971.

وتمشيا مع فلسطنة القضية.. طريقا للدولة الفلسطينية يجب العودة إلى المجلس الوطني الفلسطيني الرابع المنعقد في تموز 1968 حيث كانت بداية نفوذ حركة فتح لقيادة المجلس، تم تعديل الميثاق القومي الفلسطيني، والتعديلات توضح النهج لفلسطنة القضية والبحث عن الدولة..

– المادة الأولى التي كانت تنص على أن (فلسطين وطن عربي) عدلت لتنص على أن (فلسطين وطن الشعب العربي الفلسطيني).

  • وألغيت المادة 24 من الميثاق القومي التي تنص بأنه (لا تمارس هذه المنظمة أية سيادة اقليمية على الضفة الغربية في المملكة الأردنية الهاشمية ولا في قطاع غزة). وتغير اسم الميثاق القومي الفلسطيني الى الميثاق الوطني الفلسطيني.
  • في نيسان 1971، يذكر المناضل بهجت أبوغربية في مذكراته: أن عرفات طرح عليه سؤالا.. (ما رأيك بتشكيل حكومة فلسطينية في المنفى؟) والتي في رأي الأستاذ بهجت في تلك الظروف تعني التخلي عن الكفاح المسلح والدخول في مفاوضات مع العدو، فنصحته بالابتعاد عن هذا الطريق. (9)

سعيد حمامي وعصام السرطاوي باشراف محمود عباس يقومون باتصالات مع العدو الصهيوني

 لم يتوقف نشاط حركة فتح عند هذه التعديلات، فبدأت باتصالات سرية قام بها مدير مكتب منظمة التحرير سعيد حمامي منذ عام 1973، بدأ بكتابة مقال في جريدة بريطانية The Times، في شهر 11 من هذا العام، يتحدث فيه عن حل الصراع مع الكيان لاصهيوني باقامة دولة فلسطينية بالضفة والقطاع، وتلا ذلك لقاءات منذ بداية عام 1975 مع يوري أفنيري الصحفي الاسرائيلي والنائب السابق في الكنيست، ثم استقال حمامي من هذه المهمة واستأنفها عصام السرطاوي، وتم اغتيال حمامي عام 1978 والسرطاوي عام 1983، ولعل ذلك لاغلاق الحوار حول هذه الاتصالات التي كانت مرفوضة ومدانة في ذلك الوقت، وكان محمود عباس هو المكلف بالاشراف على هذه الاتصالات التي شرجها يوري أفنيري في كتابه “صديقي العدو My friend the Enemy”. وشارك في هذه الاتصالات واستضافها ملك المغرب الحسن، كما شارك فيها رئيس النمسا السابق كرايسكي.

محطات في سنوات 1974، 1977 و1981 و1982 و1988 و1993 وهي سنوات طرح فكرة الدولة الفلسطينية في جلسات المجلس الوطني الفلسطيني بدءا تحت عنوان سلطة مقاتلة.. إلى اعلان الدولة.. إلى دولة تعترف (باسرائيل) وبقرار مجلس الأمن 242 وفي نفس هذه السنوات تم التنازل التدريجي عن الكفاح المسلح وتحرير فلسطين وصولا الى اتفاقية أوسلو 1993.

  عام 1974، اعلان رسمي للفلسطنة من قبل جهات فلسطينية وعربية ودولية

في هذا العام، كان اعلان فلسطنة الصراع مع العدو الاستعماري الصهيوني، ففلسطينيا تم اعتماد المجلس الوطني الفلسطيني ما سمي بالبرنامج المرحلي، برنامج النقاط العشر.. ففي 8/6/1974، أقر المجلس الوطني الفلسطيني هذا البرنامج وبين نقاطه العشر:

المادة 2 : تناضل المنظمة بكافة الوسائل وعلى رأسها الكفاح المسلح لتحرير الأرض الفلسطينية واقامة سلطة الشعب الوطنية المستقلة المقاتلة على أي جزء من الارض الفلسطينية التي يتم تحريرها.. ولاحقا حذفت المقاتلة من قاموس المنظمة.

وفي المادة 3 تذكر أن المنظمة ضد اي مشروع كيان فلسطيني ثمنه الاعتراف والصلح وحرمان شعبنا من حقه في العودة. (وضعت هذه المادة حتى يوافق المجلس الوطني على المادة 2).

المادة 4: ان أي خطوة تحريرية تتم هي لمتابعة تحقيق استراتيجية منظمة التحرير في اقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية.

ومع هذا البرنامج صدر قرار القمة العربية في الرباط في تشرين أول 1974.. حق الشعب الفلسطيني باقامة السلطة الوطنية المستقلة بقيادة منظمة التحرير بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني على أية ارض فلسطينية يتم تحريرها. والمادة العاشرة تنص على أن قيادة الثورة تضع التكتيك الذي يخدم ويمكن من تحقيق هذه الاهداف.

  التطمينات التي صيغت حول فكرة السلطة الوطنية على أي جزء يتحرر، لم تطمئن الكثيرين، فأعلنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أنها ستقاوم أي انحراف.. وأن موافقتها على برنامج النقاط العشر، لمنع أي تفجير في الساحة الفلسطينية!! ثم انسحبت الجبهة الشعبية من اللجنة التنفيذية حتى لا تتحمل مسؤولية الانحراف التاريخي لاي قيادة للمنظمة تتعامل وبرنامج النقاط العشر كترخيص شرعي لها للسير على طريق الانحراف. (10)

هذا البرنامج المرحلي لاقى تجاوبه ومكافآته في مؤتمر القمة العربي السابع المنعقد في نفس العام في قمة الرباط / تشرين أول 1974،  ليصدر القرار (بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وفي اقامة السلطة الوطنية المستقلة بوصفها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني على أي أرض فلسطينية يتم تحريرها).

ومع ما سمي المرحلية، والتي هي في حقيقتها مرحلية في التنازل عن التحرير نحو هدف جديد وهو اقامة سلطة على ارض محررة!! وليس مرحلية الحصول على الحقوق واحدا بعد آخر، بل تنازل عنها واحدا تلو الآخر.

مع هذا الموقف الفلسطيني المؤيد والمبارك بل هو المطلوب من أنظمة عربية من توابع الادارة الأمريكية، فتم فلسطنة الصراع دوليا حيث دعت الأمم المتحدة رئيس المنظمة ليخاطب الجمعية العامة حاملا، كما قال، غصن الزيتون فلا تسقطوه من يدي!! أي السير نحو حل سلمي، وأصبحت المنظمة عضوا مراقبا في الأمم المتحدة.

1977 – المحطة الثانية على طريق تبني هدف الدولة، والتنازل وحذف كلمة المقاتلة التي كانت توصف بالسلطة المنشودة في برنامج النقاط العشر.

صدر عن الدورة الثالثة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني في آذار 1977 الاعلان السياسي المتبني لهدف اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في البند الحادي عشر من الاعلان وبذلك أصبح شعار الدولة الفلسطينية وهدفها، هو ما تتبناه قيادة المنظمة، ورافق ذلك ما تضمنه الاعلان السياسي في البند الخامس عشر أ، (حق منظمة التحرير في الاشتراك بشكل مستقل ومتكافىء في جميع المؤتمرات والمحافل والمساعي المعنية لقضية فلسطين كما جاء في النقطة الخامسة عشرة من الاعلان.

وظلت بعض نقاط البرنامج تتحدث عن رفض التسويات الاستسلامية ورفض قرار مجلس الأمن الدولي 242، ولكن في المادة الرابعة عشرة تتحدث عن أهمية العلاقة والتنسيق مع القوى اليهودية الديمقراطية والتقدمية في داخل الوطن وخارجه.

وأعلنت وزارة الخارجية الامريكية استعدادها للحوار مع المنظمة في حال اعترافها بقرار مجلس الأمن 242.

واحتجت مرة أخرى الجبهة الشعبية وانسحبت من اللجنة التنفيذية، وبعد شهور من هذا الاعلان كان اعلان الرئيس المصري السادات رغبته بالذهاب للكنيست الاسرائيلي من اجل السلام وذلك في خطاب له في مجلس الشعب المصري بحضور رئيس منظمة التحرير عرفات، واتبعه بعد عشرة أيام بزيارة للكنيست الاسرائيلي والقاءه خطابا دعا فيه إلى اقامة دولة فلسطينية. وردا على زيارة السادات عقدت قمة عربية مصغرة في طرابلس في 2/12/1977 تحدث فيها ياسر عرفات وذكر بأنه ليس من حق هذا الجيل أن يطعن القضية ويغلق أبواب التحرير!! وأن قضية فلسطين قضية كل العرب، ولكنه اضاف بعدم اتخاذ مواقف وتصريحات تقيد حركتنا على أي صعيد سياسي؟!!(11)

1981 – المحطة الثالثة: الأمير فهد ولي العهد السعودي يعلن مبادرة السلام في مؤتمر صحفي في الرياض ويعرضها في 25/11/1981 على مؤتمر القمة العربية في فاس مقابل قيام دولة فلسطينية في الضفة والقطاع، والبند (ب) من المبادرة تأكيد حق دول المنطقة في العيش بسلام ولم تحصل على موافقة القمة فتم تعليق أعمالها.

وفي عام 1982 المحطة الثالثة مؤتمر القمة العربي في فاس يلغي قرارات مؤتمر القمة في الخرطوم عام 1967 التي ترفض الاعتراف والصلح والتفاوض مع (اسرائيل)

عرض على هذه القمة المنعقدة في ايلول 1982 مبادرة ولي العهد السعودي فهد وتم اقرارها، وفي أحد بنودها “قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس في الاراضي المحتلة عام 1967 بعد انسحاب (اسرائيل) منها” فبذلك اقرت القمة العربية الدولة الفلسطينية مع نسيان وتجاهل التحرير وقرارات القمم العربية السابقة، والاعتراف عمليا (لاسرائيل) فيما احتلته عام 1948، ورافق اقرار هدف الدولة بند آخر ينص على حق دول المنطقة أن تعيش بسلام.، لم يقل القرار الدول العربية بل المنطقة ليفهم منها أن ذلك يشمل (اسرائيل). القيادة الفلسطينية وافقت على هذه المبادرة، وبذلك ألغيت عمليا قرارات قمة الخرطوم، لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف (باسرائيل)، واصبح المطلب دولة فلسطينية ونسيان ما احتل عام 1948، وكانت مبادرة الأمير فهد عرضت قبل عام في فاس ولم تقر كما ذكر أعلاه، وجرت أحداث بعد ذلك أهمها احتلال (اسرائيل) لجنوب لبنان وصولا لحصار بيروت في ايلول 1982 الذي استمر ثلاثة شهور وكانت ضحايا هذا العدوان عشرات الالاف من الفلسطينيين واللبنانيين وخروج القوات الفدائية منها وفق اتفاقية بواسطة المبعوث الأمريكي فيليب حبيب.

 1988 المحطة الرابعة، المجلس الوطني لم يكتف بهدف الدولة بل أعلن قيامها ليحتفل المؤتمرون بها ويوقعون على اعلان الاستقلال الذي يتضمن الاعتراف بقراري مجلس الأمن 242 و338 ودولة في الضفة والقطاع

عقد المجلس الوطني في الجزائر في تشرين ثاني 1988 وصدر عنه ما سمي اعلان الاستقلال على الورق، وفي احتفال تخلله الأناشيد والهتافات لتغطية قرار هذا المجلس حيث تضمن الاعلان الموافقة على قرارات 242 و338 المعترفة (باسرائيل)، وتحدث عن أن قرار الجمعية العامة رقم 181 عام 1947 الذي قسم فلسطين إلى دولتين ما زال يوفر شروطا للشرعية الدولية. وكانت دورة هذا المجلس قمة التمثيل وشملت الاناشيد الوطنية والهتافات، وكل ذلك لتمرير الاعتراف بقرارات مجلس الأمن 242 و338 المعترفة (باسرائيل).

وبناء على ذلك بينما رفضت الولايات المتحدة اعطاء عرفات تأشيرة زيارة للولايات المتحدة ليلقي خطابا في الجمعية العامة للأمم المتحدة لكونه يؤيد الارهاب!! ذهبت الجمعية العامة كلها إلى جنيف بما فيها المندوب الأمريكي ليخاطبها عرفات معلنا اعترافه وتأييده لقراري مجلس الأمن 242 و338 اللذين رفضا منذ صدورهما عامي 1967 و1973.

هذا مع العلم وللتذكير فالولايات المتحدة عام 1974 منحت عرفات تأشيرة زيارة لنيويورك ليخاطب الجمعية العامة للأمم المتحدة ولم يكن حينذاك قد أعلن موافقته على قراري مجلس الأمن واستقبل كرئيس دولة!!

المحطة الخامسة، الاعتراف بحق اسرائيل بالوجود وفق اتفاقية أوسلو 1993

فتح الباب للتفاوض العلني في اعقاب حرب الخليج الأولى التي قادتها الولايات المتحدة لاخراج الجيش العراقي من الكويت، وأعقب ذلك مؤتمر دولي للسلام في مدريد عام 1991، والذي انتهى باتفاقية أوسلو 1993 التي اعترف بها ياسر عرفات بحق (اسرائيل) بالوجود على 78% من فلسطين والتفاوض على الـ 22% وما سمي قضايا الحل الدائم وهي القدس واللاجئين والاستيطان وحدود الدولة والمياه، فهذه قضايا للتفاوض فلم يبق أي ثابت سوى التفاوض الذي مضى عليه اربع وعشرين عاما عند كتابة هذه السطور، بشكل معلن واسرائيل ماضية في سياساتها وسلطة أوسلو ملتزمة بالتفاوض وفقط بالتفاوض أي ما تقره (اسرائيل) من كيان ودولة، اذ ارادت كيانا يوفر الأمن لاسرائيل وهذا دور محدد للدولة الفلسطينية، التي تشكل السلطة الفلسطينية نموذجها.

المحطة السادسة، مؤتمر القمة العربي في بيروت، آذار عام 2002 يقر مبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبدالله، التي هي تطوير وتأكيد لمبادرة ولي العهد السعودي فهد عام 2002، والمتضمنة الصلح مع الكيان الصهيوني من الدول العربية وتشمل المبادرة قبول قيام دولة فلسطينية على الاراضي الفلسطينية المحتلة (الضفة الغربية وقطاع غزة) ومنظمة المؤتمر الاسلامي أقرت هذه المبادرة، وها نحن بانتظار الدولة، فقد قامت سلطة فلسطينية تنسق أمنيا مع العدو الصهيوني أي ملحقة بالجهاز الأمني الاسرائيلي واعلنت حالها دولة ووزراء تقوم بمهمات خدمات أمنية وادارية، فقامت بهذه المهمة نيابة عن الاحتلال، هذا ما فعله شعار الدولة أو هدف الدولة سيان.

وتكررت مطالبة الدولة في الأمم المتحدة، دولة غير عضو، تعترف بها عشرات الدول والاحتلال مستمر والاستيطان يتضاعف والاعتقالات والاغتيالات والحواجز الصهيونية على الطرق، مزيدا من الاحتلال وتثبيته مقابل دولة على الورق.. وفي الأمم المتحدة!!

وأريد أن أنهي الحديث بالملاحظات التالية:

1 –  هذه محطات الدولة الفلسطينية ولم يقتصر العمل للدولة على هذه المحطات، فكان هنالك العديد من النشاطات من قادة فتح ومن صحفيين يعملون معها ومن كتاب وباحثين ألفوا كتبا ومقالات وندوات عن حل الدولة وحل الدولتين، ونذكر هنا خطابا لهاني الحسن عضو اللجنة المركزية للحركة في محاضرة له في لندن في 11/12/1989 بدعوة من احدى لجان حزب المحافظين ذكر فيها القول “انني من موقعي في مركز صناعة السياسة الفلسطينية استطيع ان اقول لكم بأن هؤلاء الذين يشكلون قيادة التيار الرئيسي في منظمة التحرير الفلسطينية كانوا منهمكين في الجزء الاكبر من السنوات العشرين الماضية في صراع حياة او موت لتحضير الارضية من جانبنا للوصول الى حل سياسي وانه منذ عام 1968، اكرر عام 1968 بدأ ياسر عرفات واولئك الذين كانوا زملائي الاساسيين في فتح بدأوا يستوعبون الواقع، المطلوب ان نقنع شعبنا بالحاجة الى التوصل الى سلام مع (اسرائيل) مقابل دولة فلسطينية على الاقل من 22% من فلسطين”.

– ان قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ما كان بامكانها أن تحول الأنظار عن التحرير الى هدف الدولة المتفاوض عليها مع (اسرائيل) بالضفة والقطاع لولا دعم كبير غير محدود مالي وسياسي وأمني واعلامي من قبل الأنظمة العربية التي أرادت ذلك أن تتخلى علنا عن هدف التحرير وبذريعة أن هذا شأن فلسطيني، ووجدت في قيادة المنظمة أو أوجدتها والتي هي قيادة حركة فتح لتقوم بهذا الدور، وبالتالي لتوقع هذه القيادة على الاعتراف بحق (اسرائيل) بالوجود نيابة ومقدمة وتغطية لدور أنظمة التسوية العربية والاستسلام للعدو. وقبل ذلك وبعده فهذا الهدف البديل للتحرير مطلب استعماري صهيوني، مما خلق اجواء اعلامية دولية للترويج لهذا الهدف.

  • – شعار الدولة الفلسطينية والهوية الفلسطينية لاقى هوى في نفوس قطاع كبير من الفلسطينيين، وتغذى ذلك من افتعال ومبالغة في الحديث عن تعامل دول عربية مع الفلسطينيين معاملة قاسية من جهة والعامل الثاني اتباع سياسات التأييس من التحرير.

المعاناة اليومية وسياسات تأزيم الأوضاع المعيشية في الدول العربية وان بدرجات متفاوتة.. فكان التطلع لمخرج من هذا الوضع بكيان، أي كيان؟ وقد تم المبالغة بالحديث عن مأساوية أوضاع الفلسطينيين في الدول العربية* لدرجة أنها أصبحت هذه هي المشكلة وليس الاحتلال الاسرائيلي..  ومن المبالغات لزرع فكرة الهوية الفلسطينية يذكر القيادي في حركة فتح خالد الحسن في الموسوعة الفلسطينية قصصا خيالية عن تعذيب الفلسطينيين ومعاناتهم في دول عربية لم يذكر اسمها، فيذكر ان دولة عربية كانت لا تسمح لفلسطيني اذا توفي أن يدفن في ارضها خوفا من ان اقاربه قد يطالبون بزيارة القبر!! (الموسوعة الفلسطينية، القسم الثاني، المجلد الثالث ص 984).

وفي نفس الوقت يذكر الكويت ودعم شيوخها من العائلة الحاكمة لحركة فتح ويذكر كلمة الملك السعودي عبدالعزيز الذي كان يذكر بأن فلسطين لا يحررها الا الفلسطينيون، فأين كان الفلسطينيون يعذبون.. أفي سوريا وهم يعاملون قانونيا كالسوريين، كما في العراق قبل غزوها من الولايات المتحدة.

وبشهادة سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني يذكر في مذكراته عن المعاملة الجيدة للمسؤولين المصريين للفلسطينيين، وكيف كانوا يرسلون افضل القضاة ولا يقبلون اعتقال الفدائيين وفتحوا أبواب التعليم المجاني للفلسطينيين، كل ذلك في عهد الرئيس المصري جمال عبدالناصر، وفي الأردن اصبح الفلسطينيون اردنيين واذا كان هنالك تعسف في الاعتقال او التحقيق فقد نال منه الشرق أردنيين، وقد عومل الفلسطينيون في لبنان من قبل الحكومات المتعاقبة، معاملة اقل ما يقال عنها غير أخوية وغير انسانية لحرمانهم من العمل في كثير من المهن وفي التضييق على المخيمات، فهل بشعار الدولة وقيام السلطة اصبح منع الفلسطينيين اقل معاناة؟! وماذا عن هدف التحرير؟! وانني ازعم ان قيادات حركة فتح كانت تؤزم اوضاع الفلسطينيين في الأردن وفي لبنان تبريرا لاتخاذ قرارات استسلامية او للسكوت عن انحرافات القيادة ولدعم ما سمي الهوية الفلسطينية.

  • الدول العربية التي تسيء معاملة الفلسطينيين وتعتبرهم أجانب يحذر منهم، هي صاحبة فكرة الدولة الفلسطينية وهي الداعمة لقيادة منظمة التحرير في هذا الاتجاه.

والعامل الثاني هو سياسات التأييس من التحرير الذي تبنته قيادة المنظمة بعكس كل ما تفعله قيادات التحرير في العالم بزرع الأمل.. وركز الاعلام والتوجيه السياسي لقيادة المنظمة على الهوية ومن النماذج.. كتاب القائد صلاح خلف  – فلسطيني بلا هوية – كتاب يزيد الصائغ الذي ارخ للحركة الفلسطينية الحديثة بعنوان “الكفاح المسلح والبحث عن الدولة”.. والتثقيف الذي ركز على ما سمي عذابات الفلسطينيين وسوء معاملتهم في الدول العربية.. أكثر من التركيز على الصراع مع العدو الصهيوني والاحتلال.. والتركيز على الهوية ترافق مع تراجع المد الوحدوي وطغيان التثقيف والسياسات الاقليمية في الدول العربية. ففي معظم الدول العربية يدرس الطلاب الحرب العالمية الأولى والثانية واكتشاف العالم الجديد ولكنهم لم يعودوا يدرسون الهجمة الاستعمارية  ولا القضية الفلسطينية والحروب العربية الاسرائيلية وهذه الهجمة التي نعاني منها، ليتعلموا أن باريس مدينة فرنسية ونيويورك مدينة امريكية ولكنهم لا يتعلمون أن حيفا ويافا وغيرها من المدن المحتلة عام 1948 مدنا عربية فلسطينية. بل في مناهج السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية يدرسون الطلاب حق (اسرائيل) في الوجود كما جاء في مذكرة ياسر عرفات لرئيس وزراء الكيان الصهيوني رابين.*

العامل الثالث، الاعلام المضلل الذي جعل من شعار الدولة الفلسطينية انجازا وطنيا كبيرا ومن المطالبين به وبشكل رئيسي، من ياسر عرفات رمزا وطنيا كبيرا، وكأنه هو فلسطين او بديلا لها!!

4 – فلسطنة الصراع فخ ما كان من المنطقي أن يقع فيه قوميون وطنيون وكذلك تنظيمات اسلامية في مقدمتها حركة حماس التي يعتبر ميثاقها بأن ارض فلسطين وقف اسلامي الى يوم القيامة لا يصح التفريط بها او بجزء منها او التنازل عنها او أي جزء منها ولا يملك ذلك دولة عربية او كل الدول العربية، ولا تملك ذلك منظمة او كل المنظمات سواء كانت فلسطينية او عربية، هذه الحركة التي أجبرت الكيان الصهيوني الانسحاب من غزة بدون شرط او قيد، بدأت تتحدث بالقبول بدولة في الضفة والقطاع عاصمتها القدس، من خلال وثيقة سياسية أصدرتها في ايار هذا العام (2017)، وكأنها بديل او تعديل لميثاقها، وتؤكد الحركة على ضرورة استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وبدأ قادتها في مناسبات عديدة يتحدثون عن شرعية التفاوض مع العدو، وان مسألة الاعتراف بالعدو الصهيوني سيجري الاستفتاء عليها، كما ذكر ذلك خالد مشعل في مناسبات عديدة.  وهكذا فان شعار الدولة هو تآمر على تحرير فلسطين، هذه الحركة التي اعتبرت سابقا مجرد حضور مؤتمر مدريد، مؤتمر بيع فلسطين، ان مصالحة حماس للكيان الصهيوني لا تقل خطورة بل تزيد من مصالحة حركة فتح، فاعتراف حركة حماس كحركة دينية لها امتداداتها في العالم العربي والاسلامي  وسيبحث عن فتاوى دينية لتبرير ذلك، فهل تفاجئنا حركة حماس بوثيقة جديدة بعودتها لروح ميثاقها؟!

5 – لا اريد أن أنهي هذا الحديث وأترك انبطاعا بأنه لا داعي لكيان فلسطيني، بل بالعكس من ذلك تماما، ولكنه الكيان المقاوم بكل أشكال المقاومة وهو شرط اساسي لابقاء شعلة التحرير ومنع التطبيع والوقوف في وجه التنازلات عن التحرير، ومن الواجب  توسع المقاومة الفلسطينية لتمثل جميع الهيئات والاتجاهات الوطنية من جهة، وبنفس الأهمية لا بد من تعريب المقاومة فكرا وعمليا وعلى كل المستويات، فالشعب العربي ليس نصيرا أو داعما فقط بل هو جزء أساسي من المقاومة.. تعريب المقاومة يصلب عودها ويحميها بأمتها. ومع دعم المقاومة تتم مجابهة التطبيع مع العدو الصهيوني بكل أشكاله بتركيزها.

ملاحظة: لمن يريد معرفة مراجع عالجت موضوع الكيانية الفلسطينية والدولة الفلسطينية فأشير هنا الى المراجع التالية التي توضح اهتمام قيادة فتح وشخصيات فلسطينية وتركيزها على الكيانية وليس على التحرير:

1 – ماهر الشريف، البحث عن كيان، حركة الابحاث والدراسات الاشتراكية في العالم العربي، نيقوسيا، قبرص، 1995.

2 – يزيد الصائغ، الكفاح المسلح والبحث عن الدولة، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت 2004.

3 – صلاح خلف (أبواياد)، فلسطيني بلا هوية.

4 – كتاب رشيد الخالدي بالانجليزية بعنوان Palestinian Identity.

5 – مقال لوليد الخالدي بالانجليزية في مجلة Foreign Affairs الأمريكية، عدد أغسطس 1978، ليفكر بالمحرمات Think the Unthinkable, A Palestenian State.

وأخيرا السؤال الواجب والمشروع، هل حركة فتح، عفوا!! هل عرفات وعباس اللذان توليا متابعة فلسطنة الصراع تحت عنوان (دولة فلسطينية)، وارتكب تحت هذا العنوان الموبقات بحق قضية تحرير فلسطين وبحق المصير العربي الذي يتحداه ويعبث به كيان استعماري صهيوني يحتل فلسطين، قاعدة عدوان على الأمة العربية، هل وهما اللذان نفذا قرارات أنظمة عربية تابعة لدول استعمارية يجوز أن يعتبرا رموزا لفلسطين، ليكونا قدوة ونموذجا لأي تنظيم يربد العبث بالقضية الفلسطينية والقضية العربية؟!

وأود ان أختتم هذا البحث الموجز عن الدولة الفلسطينية بالسؤال.. هل منظمة التحرير الفلطسينية بقيادة حركة فتح تمثل الشعب العربي الفلسطيني، أم انها فقط تمثل منظمات فدائية ولحركة فتح فيها الاغلبية، ليس فيها منظمة منتخبة، بل وهل منظمة التحرير حين يصدر قرار من قمة عربية بتشكيلها ثم يصدر قرارا بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، فهذا التمثيل ليس قرارا فلسطينيا، بل هو قرار قمة عربية!!

  • ماهر الشريف، البحث عن كيان، مركز الأبحاث والدراسات الاشتراكية، نقيوسيا، قبرص 1995، ص 25 و26.

    نفس المصدر، ص 26.

    (3) نفس المصدر، ص 33

    نفس المصدر، ص 32.

    المصدر السابق، ص 182، 183.

    المصدر السابق ص 211 / 212 . (7) المصدر السابق ص 212.

    صلاح خلف، فلسطيني بلا هوية، ص 220 /221

    سليم الزعنون، السيرة والمسيرة، عمان، الاهلية للنشر والتوزيع، 2013، ص 133 / 134، ويذكر الزعنون أن رفض الفكرة قاده محمود مسودة والذي كان يرفض قيادة عرفات وحتى يرفض أن يكون عرفات عضوا في اللجنة المركزية، وخالد الحسن اقترح محمود مسودة ليكون القائد العسكري لحركة فتح.

    بهجت أبوغربية، مذكرات (1949 – 2000)، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2004، ص 457.

    ماهر الشريف، مصدر سبق ذكره، ص 247، 248.

    الشريف، مصدر سبق ذكره، ص 272

    المصدر، مجلة اليوم السابع 5/1/1990

    يرجع لكتاب تاريخ فلسطين الحديث والمعاصر للصف الأول الثانوي، ص 87 .

    * محاضرة في المنتدى العربي، عمان 19/9/2017

     

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى