السعودية تستغني عن المدرسين الإخوان ومناهجهم التعليمية الحافلة بالتطرف

تتجه المملكة العربية السعودية إلى تسليط المجهر على برامج التعليم للعمل على تنقيتها من أي خطاب يتناقض مع استقرار الدولة وانسجام المجتمع، وعلى تطهير الجهاز التعليمي من كافة منابر الكراهية والتطرّف والإرهاب، وخاصة سيطرة الكادر المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين ومن يواليهم على هيئات التدريس سواء من السعوديين أو غيرهم.

وأعلنت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية يوم امس الاول الثلاثاء أنها لن تجدد لبعض المتعاقدين السعوديين وغير السعوديين ممن هم متأثرون بالأفكار الإخوانية والداعشية وغيرها.

وجاءت هذه الخطوة بعد أيام قليلة من حملة سعودية على قائمة من الدعاة المتهمين بالتشدد، وموالاة قطر في الأزمة المتصاعدة، ما يعطي انطباعا قويا بأن مواجهة التطرف خيار رسمي وليست ردة فعل ظرفية.

وقالت الجامعة في بيان لها “إن مجلس جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وبمتابعة دقيقة ومستمرة من الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل عضو هيئة كبار العلماء يوصي بعدم التجديد لبعض المتعاقدين السعوديين وغير السعوديين ممن هم متأثرون بفكر (…) تنظيم إرهابي أو حزبي متطرف، مثل تنظيم داعش الإرهابي وتنظيم جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية التي كشف عن غيّهما ونواياهما الخبيثة، تجاه الأمة الإسلامية وشعوبها الآمنة والمستقرة”.

ورأى مراقبون أن السياسة التي تعتمدها السعودية منذ تبوّأ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز العرش، لا تكتفي بالمواقف والتدابير السياسية المرتبطة بالأمن الاستراتيجي والسياسة الخارجية المناهضة للتطرّف والإرهاب، بل إن مؤسسات الدولة ووزاراتها عاكفة على مواكبة الخطوات الجريئة في كافة الملفات، بما في ذلك معالجة ملف التعليم الذي لطالما تمت مقاربته في السابق على نحو حذر يعوزه الكثير من الإقدام والجرأة.

وتعتبر مراجع سعودية متخصصة في شؤون التربية والتعليم أن الرياض تستجيب بحماس لتقارير لطالما كانت تحذر من تمادي تمدد تيارات الإسلام السياسي داخل النظام التعليمي السعودي.

وتضيف هذه المراجع أن ما كان ينتجه النظام التعليمي في العقود الأخيرة متخلّف عما تبديه الدولة السعودية من توق للالتحاق بركب الحداثة العالمية، وأن هذا الجدل لم يكن يحظى بجرأة من أصحاب القرار للانتقال بالتعليم إلى ما يتناسب مع الرؤى والأهداف السامية للدولة.

وذكرت جامعة الإمام محمد بن سعود في بيانها أنها اتخذت قرارها بناء على “ثبوت الوثائق والحقائق، والمشاركات الإعلامية المؤيدة لهذه الجماعات وغيرها، التي تمّ رصدها وثبوت تأثرهم بها، وتطبيق الأنظمة والتعليمات في حقهم وتنفيذ الأوامر المتعلقة بذلك، والتي تهدف إلى حماية عقول الناشئة والطلاب والطالبات ومنتسبي الجامعة، من تلك الأفكار الحزبية المنحرفة والتوجهات الخطيرة الضارة والمدمرة”.

وأكد متخصصون في شؤون الجماعات الإسلامية أن طرد هذه التيارات الفكرية من داخل البيئة التعليمية للسعودية يعتبر ضربة موجعة لجماعة الإخوان المسلمين والدوائر الأخرى التي تدور في فلك التنظيمات الإرهابية الكبرى كداعش والقاعدة، وأن قرار الحزم في شأن إخراج الأساتذة الذين ينتمون إلى تلك التيارات من مدارس ومعاهد وجامعات يرفع جدارا بين المجتمع السعودي وأفكار الكراهية والتكفير والتطرف والإرهاب.

وكانت الرياض قد بادرت نهاية 2015 إلى سحب العشرات من الكتب التي تنشر الفكر الإخواني من مدارس وجامعات السعودية، وبينها كتب لأسماء بارزة مثل حسن البنا وسيد قطب ويوسف القرضاوي. وتزامن ذلك مع دعوات لمنع كوادر الإخوان من التدريس في الجامعات السعودية.

وتلفت منابر مجتمعية ناشطة إلى أن ممارسة الدولة ومؤسساتها قطيعة كاملة مع دوائر الإخوان والتيارات الفكرية المتطرّفة تنهي ذلك اللبس والرمادية التي كانت تشوب علاقة السلطات الرسمية بهذه التيارات.

ويضيف هؤلاء أن المنابر التي ما فتئت تطالب بترشيق النظام التعليمي وتطهيره من الأفكار البالية التي تتناقض مع روحية العصر وقواعد العيش في عالم القرن الحادي والعشرين، ستجد من خلال التدابير الجديدة فضاء أوسع من أجل المزيد من الضغط لتخليص البيئة الفكرية السعودية برمتها مما بات يشد البلاد إلى الخلف ويسيء إلى سمعة السعودية والسعوديين في العالم.

وكشف محمد بن سعيد العلم وكيل الجامعة للتبادل المعرفي والتواصل الدولي أن الجامعة تسعى إلى تعزيز قيم المواطنة الصالحة والانتماء مؤكدا أن هذه الجهود التي تقوم بها إدارة الجامعة ليست الأولى في هذا الاتجاه ولن تكون الأخيرة، “فالخير قادم”.

وأكد مراقبون سياسيون أن السعودية ستمضي قدما في اتخاذ كافة التدابير والإجراءات التي تأخرت لإعادة تصويب التعليم السعودي وفق ما يتّسق مع الفلسفة التي اعتمدتها الدولة منذ سنوات من خلال إرسال الآلاف من المبتعثين للتعلّم في كبرى الجامعات الدولية.

ورأى هؤلاء أن عودة المبتعثين وانخراطهم في ورش التعليم والاقتصاد والتنمية داخل البلاد كشفا هزال ما يتم تداوله من أفكار ومعتقدات داخل النظام التعليمي للدولة التي باتت حجر أساس في حاضر المنطقة ومستقبلها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى