البرزاني يلعب بالنار ويستقوي باسرائيل على العراق وتركيا وايران

أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق اليوم، أمرا بإيقاف إجراءات استفتاء إقليم كردستان العراق، المقرر إجراؤه في الـ25 من الشهر الجاري، مؤكدة أن قرار الاستفتاء غير دستوري.

وقال إياس الساموك، مدير المكتب الإعلامي
للمحكمة الاتحادية العليا في بيان، “عقدت المحكمة الاتحادية العليا جلستها، اليوم، بحضور الأعضاء كافة، ونظرت في الطلبات المقدمة بوقف إجراءات الاستفتاء في إقليم كردستان وفي المناطق المشمولة بالاستفتاء”.

وأضاف الساموك، “بعد المداولة ولتوفر الشروط الشكلية القانونية في الطلبات، أصدرت المحكمة أمرا ولائيا بإيقاف إجراءات الاستفتاء المنوي إجراؤه بتاريخ 25 أيلول بموجب الأمر الرئاسي المرقم (106) في 8 حزيران 2017 الصادر عن رئاسة إقليم كردستان لحين حسم الدعاوى المقامة بعدم دستورية القرار المذكور”.

هذا وأكد مكتب رئيس الوزراء، اليوم أن المحكمة الاتحادية وافقت على طلب رئيس الحكومة حيدر العبادي بشأن استفتاء انفصال الإقليم.

وقال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء إن “العبادي وجه طلبا إلى المحكمة الاتحادية بشأن عدم دستورية إجراء انفصال أي أقليم أو محافظة عن العراق، وكذلك إصدار أمر ولائي بإيقاف إجراءات استفتاء انفصال إقليم كردستان، وبناء عليه وافقت المحكمة الاتحادية على الطلب”.

يذكر أن “الأمر الولائي”، هو نمط من القرارات التي يجوز للقضاء اتخاذها في قضايا مستعجلة، ويغلب على هذه القرارات الصفة الإدارية أكثر من الصفة القضائية، وهو قرار يصدره القاضي في أمر مستعجل بناء على طلب يقدم إليه من أحد الخصوم، ولا يشترط في إصداره مواجهة الخصم الآخر.

يذكر أن أحزابا كردستانية أعلنت في اجتماع عقدته في الـ 7 من حزيران الماضي، برئاسة رئيس إقليم كردستان ​مسعود بارزاني، تحديد يوم 25 ايلول الجاري موعدا لإجراء ​استفتاء شعبي​ حول انفصال الإقليم عن العراق، لكن القرار لقي رفض العديد من الدول، أبرزها ​الولايات المتحدة الأمريكية​ وتركيا وإيران.

وفي معرض رد الفعل على تصرفات البرزاني, بدأت القوات المسلحة التركية مناورات عسكرية في منطقتي سيلوبي وهابور في ولاية شرناق قرب الحدود العراقية جنوب شرقي تركيا، بحسب ما ذكره الجيش، قبل أسبوع واحد فقط من إجراء الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق، الذي دعت أنقرة إلى إلغائه.

وقال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، إن الاستفتاء المقرر إجراؤه في 25 أيلول هو مسألة أمن قومي بالنسبة إلى بلاده، محذرا من أن تركيا ستتخذ الخطوات الضرورية ردا على ذلك.

وأوضح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان أن بلاده سوف تعلن عن خطتها للتعامل مع استفتاء الانفصال المرتقب الذي ينوي إقليم شمال العراق إجراؤه عقب اجتماع مجلس الأمن القومي يوم 22 أيلول الجاري.

ونصحت تركيا، والولايات المتحدة، والقوى الغربية الأخرى، السلطات في إقليم كردستان، الذي يتمتع بحكم ذاتي، بإلغاء الاستفتاء، خشية أن يؤدي إلى توتر يلفت الانتباه عن الحرب الدائرة حاليا على مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.

كما تخشى تركيا، التي يوجد بها أكبر عدد من الأكراد في المنطقة، من أن التصويت بالموافقة في الاستفتاء قد يشعل الشعور بالرغبة في الانفصال في جنوبها الشرقي، حيث لايزال يشن متشددون أكراد من حزب العمال الكردستاني تمردا على مدى 30 عاما.

وقال أردوغان امس الأحد إنه سيلتقي برئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، هذا الأسبوع لمناقشة مخاوفهما بشأن الاستفتاء.

ورغم رفض الحكومة العراقية ومعظم دول الجوار الجغرافي والعالم لتنظيم استفتاء إقليم كردستان العراق المقرر في يوم 25 أيلول المقبل؛ فإن لسان حال رئيس الإقليم مسعود البارزاني بقي يقول إنه “لا رجعة عن الاستفتاء”.

وقد أثارت “لا” البارزاني الثابتة هذه الكثيرَ من الأسئلة عن دوافع الإقليم من المضي في إجراء الاستفتاء وقدرته على تحمل التداعيات المحتملة، خاصة بعد إعلان كل من طهران وأنقرة (الحليفة الأساسية للبارزاني) رفضهما للاستفتاء، بل والتلويح بإجراءات مشتركة ضد الإقليم إذا ما قرر الانفصال أو إعلان الاستقلال عن العراق.

لقد كونت التطورات الدرامية -التي شهدها العراق وسوريا خلال السنوات الماضية- قناعة عامة لدى كرد العراق بأنهم باتوا أمام فرصة تاريخية قد لا تتكرر لتحقيق حلمهم القديم/الجديد بإقامة دولة مستقلة لهم، وعليه يمكن فهم إصرار الأحزاب الكردستانية في العراق على تنظيم هذا الاستفتاء، وهو ما يطرح السؤال الجوهري: هل أصبحت الظروف مهيأة فعلا لإعلان استقلال الإقليم الكردي؟

“كونت التطورات الدرامية -التي شهدها العراق وسوريا خلال السنوات الماضية- قناعة عامة لدى كرد العراق بأنهم باتوا أمام فرصة تاريخية قد لا تتكرر لتحقيق حلمهم القديم/الجديد بإقامة دولة مستقلة لهم، وعليه يمكن فهم إصرار الأحزاب الكردستانية في العراق على تنظيم هذا الاستفتاء”

في توقيت الدعوة إلى الاستفتاء لا بد من الوقوف عند جملة من المعطيات والأسباب، لعل أهمها:

1- أن إقليم كردستان العراق نجح عمليا في بسط سيطرته على ما كان يعده مناطق متنازعا عليها مع بغداد ولا سيما كركوك الغنية بالنفط والغاز، وأن مثل هذه السيطرة رسمت الحدود الجغرافية للإقليم وأمّنت له موارد مالية، حيث يحتل نفط كركوك قيمة كبيرة في طبيعة الصراع على المدينة.

2- وصول إقليم كردستان العراق إلى قناعة بأن العلاقة مع بغداد لم تعد مجدية كثيرا، خاصة في ظل تراكم الخلافات وغياب الثقة، وقناعة حكومة الإقليم بأن حكومة بغداد تستغل أغلبيتها الشيعية في البرلمان لاتخاذ قرارات تتعلق بمصير الدولة وسياساتها العليا دون مراعاة الأطراف الأخرى، كما حصل في قضية تشكيل الحشد الشعبي وجعله مؤسسة رسمية تابعة للجيش للعراقي.

3- استمرار بغداد في عدم دفع ميزانية الإقليم (17 % من ميزانية العراق) الذي يعاني من أزمة اقتصادية كبيرة، وصلت إلى درجة أنه بات عاجزا عن تسديد رواتب الموظفين والبشمركة في الإقليم.

4- إحساس الكرد في العراق وسوريا وتركيا بأنهم باتوا يشكّلون قوة حليفة للولايات المتحدة والغرب عموما من بوابة الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وسعيهم إلى الربط بين الحاجة الأمنية الغربية لهم والتطلع إلى جلب اعتراف دولي بهم.                                                                    5- ثمة قناعة في أوساط كردية بأن البعد الداخلي المتمثل في أزمة رئاسة الإقليم بعد انتهاء ولاية البارزاني وتعطيل البرلمان والاستعداد للانتخابات المقبلة، بات يشكل عاملا أساسيا في توجه قيادة الإقليم إلى إجراء الاستفتاء لكونه قد يرتب المعادلة الداخلية من جديد، انطلاقا من أنه يعزز الوعي القومي للناخب الكردي وكذلك علاقته بسياسة قيادة الإقليم، بعد أن تراجعت مصداقيتها في الشارع على وقع الأزمتين الاقتصادية والسياسية.

6- في الوعي القومي الكردي تبقى قضية حق تقرير المصير قائمة في صلب التوجه الكردي، ما دام أن هذا الحق شكل مدخلا لإقامة العديد من الدول التي نالت لاحقا اعتراف المجتمع الدولي، وأصبحت أعضاء في الأمم المتحدة.               وتأسيسا على ما سبق؛ فإن لسان حال البارزاني يقول إن الحدود التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو انتهت، وعليه يمكن القول إن الهاجس الأساسي الذي يشغل البارزاني وكرد العراق عموما في هذه المرحلة هو: متى يكون إعلان الدولة الكردية المستقلة؟

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى