فضائح مالية تزكم الانوف لمشايخ سعوديين موالين لحكام قطر
أدانت “المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا” قيام السلطات السعودية بشن حملة اعتقالات في صفوف دعاة ومفكرين أمس الاول الأحد، على خلفية منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي داعمة للحوار السعودي ـ القطري أو بسبب صمتهم وعدم إبداء مواقف معادية لدولة قطر.
وأشارت المنظمة في بيان لها امس الاثنين، إلى أن تلك الحملة قد طالت حوالي 20 شخصاً أبرزهم الشيخ سلمان العودة والداعية عوض القرني والدكتور علي العمري.
وكانت السلطات السعودية قد بدأت الحملة باعتقال الشيخ سلمان العودة، بعد مداهمة منزله من قِبل قوة من أمن الدولة السعودي، على خلفية نشره تغريدة عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر داعمة للحوار، ثم توالت الاعتقالات لتطال الداعية عوض القرني من قبل قوة من الديوان الملكي، وكذلك اعتقال الدكتور علي العمري رئيس جامعة مكة المكرمة المفتوحة، وقناة فور شباب، بالإضافة إلى عدد من النشطاء والمفكرين السعوديين.
وفي الرياض أكدت مصادر سعودية لصحيفة ”العرب” اللندنية أن اعتقال هؤلاء الشيوخ لا علاقة له بأفكارهم أو ما ينشرونه على مواقع التواصل الاجتماعي، بل لانهم صاروا يشكلون طابورا خامسا لقطر التي يقفون معها في مواجهة بلادهم، فضلا عن موالاتهم لجماعة الإخوان المسلمين وتنفيذ أوامرها حتى لو تناقضت مع المصالح السعودية.
وأشارت المصادر إلى أن اعتقال سلمان العودة وعوض القرني كان متوقعا بسبب مواقفهما الملتبسة من قطر، وصلاتهما برجل الدين المصري يوسف القرضاوي، رئيس اتحاد علماء المسلمين، الذي لا يعدو أن يكون واجهة لجماعة الإخوان المسلمين المصنفة إرهابية في السعودية، نافية أن يكون للأمر أي علاقة بما يكتبونه من تغريدات يمكن أن تفهم كنقد للحكومة.
وذكرت تدوينات على وسائل التواصل الاجتماعي أن السلطات السعودية قد طلبت منهم موقفا واضحا من الأزمة مع قطر، لكنهم رفضوا، واكتفوا بمواقف ملتبسة، ما فهم على أنه انحياز لقطر، أو أنهم فضلوا عدم إغضاب القرضاوي والسلطات القطرية.
وقال متابعون للشأن الخليجي إن سلمان العودة الذي لم يصدر عنه موقف واضح من الحملات الإعلامية القطرية على بلاده، وخاصة قناة الجزيرة التي طالما استضافته في برامجها، لا يريد إغضاب قطر التي يزورها باستمرار باعتباره عضوا بارزا في اتحاد علماء المسلمين الذي يتحرك بقوة لدعم الدوحة في الأزمة الحالية مع دول المقاطعة.
يشار إلى أن العودة، ومنذ تولى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، رفع اسمه من قائمة الممنوعين من السفر في 2015، طار العودة إلى قطر كخطيب في جامع أطلقت عليه اسم محمد عبدالوهاب، في سياق مساعي الدوحة للبحث عن مشروعية دينية لها.
وشأنه شأن عوض القرني، فإن العودة دأب على الدعوة إلى المصالحة مع قطر، ولم يتعرض بالنقد إلى سياستها ضد بلاده، أو رفض موقفها الداعم للإرهاب وتمويله، وهو ما أثار تساؤلات واسعة على مواقع التواصل بشأن ولائه للسعودية، ومدى تأثير عضويته لهيئة إخوانية دولية على مواقفه.
وقد اعتبر الكاتب السعودي عماد المديفر في تصريح لـصحيفة ”العرب” أن أسماء المعتقلين اشتُهرت بكونها مثار تساؤلات في أوساط المجتمع السعودي، بيد أن الملاحظ بجلاء هو ذلك الاطمئنان والشعور الجارف الذي عم أطياف المجتمع السعودي بعد سماعها تلك الأنباء.
وعزا المديفر ذلك الاطمئنان إلى ما تراكم في الذاكرة السعودية بشأن تلك الأسماء، مؤكدا أن الرياض تعيش اليوم عاصفة حزم داخلية.
وعرف العودة، الذي دأب على نفي أي صلة له بجماعة الإخوان، بامتداح سيد قطب مؤسس مصطلحات الحاكمية وجاهلية المجتمع، ووصفه بالمجدد، فضلا عن امتداح مؤسس الجماعة حسن البنا، وتبرئة الإخوان من التطرف، والزعم بأن الجماعة معتدلة.
ونقل عن العودة في “مؤتمر لتلاميذ القرضاوي” أنه همَ بتقبيل قدمي القرضاوي كناية على التبعية والولاء للشخص وأفكاره، فضلا عن المزايا التي يحصل عليها من صداقته لرئيس اتحاد علماء المسلمين الذي تحتضنه قطر وتساهم في تمويله، وتتخذه ورقة في تنفيذ استراتيجية السيطرة على الجماعة الإسلامية الإخوانية، فضلا عن توظيفه لاستهداف دول الجوار والتحريض على أمنها، وتحريك الجمعيات والمنظمات الإخوانية المنتمية إلى تلك الدول والموالية للتنظيم الدولي ولواجهته السياسية اتحاد القرضاوي في حملاتها.
وقد دأب العودة والقرني ومعهما دعاة آخرون على تحريض الآلاف من الشباب للانضمام إلى “الجهاد” في سوريا. وأدى ذلك بالفعل إلى سفر الكثيرين، خصوصا من بين الذين حملوا أيديولوجيا قريبة من الإخوان المسلمين، للقتال هناك.
وتقول مصادر خليجية إن هناك مجموعات داخل السعودية كانت تتولى مهمة تسهيل سفر هؤلاء الشباب، عبر تلقي دعم مالي من شخصيات وشركات قريبة من النظام القطري، من أجل تغطية كلفة إعالة الجهاديين الجدد، بالإضافة إلى مصاريف تنقلاتهم وتسليحهم قبل وضعهم على قوائم رواتب شهرية، ضمن ميزانيات أوسع مخصصة لفصائل جهادية تدين بالولاء للدوحة.
وكانت هذه الجهود تتم بتنسيق مع مجموعات تعمل مع تنظيم الإخوان المسلمين، وشخصيات تحمل الفكر السروري داخل السعودية. وغالبية هذه الشخصيات تحظى بعلاقات وثيقة بدوائر الحكم في الدوحة.
وسبق أن وضعت الجهات الأمنية السعودية العودة على رأس قائمة الممنوعين والمراقبين، وتم إشعار إحدى شركات الاتصالات المشغلة لأجهزة الهواتف النقالة بإيقاف خدمة تم إطلاقها يقدم فيها العودة بعضا من دروسه عبر الاشتراك الشهري للخدمة، وتم منعه من إقامة المحاضرات والدروس في كافة مناطق السعودية.
وفي مقال نشرته صحيفة الجزيرة السعودية تحت عنوان “لماذا لا يحاكمون؟” قال الكاتب محمد آل الشيخ : “انكشاف (قطر الحمدين) ليس جديدا، والأمر ليس مجرد اتهامات، وقد تم نشر تسجيلاتهما المعيبة والتآمرية ضدنا، فلماذا لا ندعهم يتخبطون في ورطتهم، ونلتفت إلى أذنابهم السعوديين، الذين قطّعوا طريق (سلوى) ذهابا وإيابا، يذهبون إلى هناك خفافا مطيهم، ويعودون من القصر الاميري بالدوحة بجر الحقائب، لماذا لا يُحقق معهم، ويتم تتبع ما استلموه من هناك من أموال، فالحمدان لم يكونا يدفعان لهم كرما ولوجه الله، وإنما كانا يستأجرانهم في تنفيذ أجندتهما التخريبية، التي تحدث عنها حمد وحمد بالتفصيل في الأشرطة المسربة، وهي دليل إثبات عليهم.
وليس لدي أي شك أن أولئك المتأسلمين السعوديين الأفاكين، ممن كانوا يزايدون على الإصلاح في المملكة، وبعضهم كان لا يكل ولا يمل من طرق أبواب الديوان الملكي جماعات و وحدانا، متذرعين بالاحتساب في عهد الملك عبدالله رحمه الله، هم الآن في قفص الاتهام، والدلائل على الإدانة أوضح من الشمس في رابعة النهار، فلماذا لا تباشر (النيابة العامة) التحقيق معهم، والتّحقق من ثرواتهم التي جنوها من عمالتهم، ومن أين أتوا بها، ولماذا؟
إن عقاب هؤلاء الخونة الأفاكين قضية محض وطنية، يُعتبر التفريط بها، أو التسامح فيها، تفريطا في أمن الوطن واستقراره، إضافة إلى أنها ستكون سابقة من شأنها ردع هؤلاء الانتهازيين الصعاليك، ضعفاء النفوس، من المساس بأمن البلاد، والعمالة لأعدائها، وتكون في السياق نفسه عبرة لمن اعتبر.
المستشار في الديوان الملكي معالي الأستاذ «سعود القحطاني» أشار في إحدى تغريداته إلى أن ثمة (قائمة سوداء) سيُعلن عنها لأولئك المتآمرين مع حمد لتنفيذ أجندتهم التخريبية، وأجد أن الوقت الآن مناسب للكشف عنها، خاصة وأن من ضمن هؤلاء أسماء تنتهز كل مناسبة للكيد للوطن، والمطالبة بأمور وقضايا متشددة لإحراج الدولة، ويزعمون كذبا وزورا أنها (نصرة للدين)، في حين أنهم يسكنون في الدوحة في فنادق تمتلئ ردهاتها بالبارات والمسكرات كما أكد لي كثيرون، فلوا كانوا صادقين لوظفوا (قربهم) من الحمدين، بالاحتساب بنصحهما عن تلك المنكرات المعلنة؟ .. طبعا الأمر في الدرجة الأولى لا يعنيهم، الذي يعنيهم وبسببه يشدون الرحال إلى هناك، حقائب الدراهم السوداء المليئة بالريالات القطرية، والتي يتعمد نظام الحمدين بتصويرهم بين الفينة والأخرى وهم يستلمونها، لتكون دليلا عليهم.
لقد عانينا من هؤلاء الانتهازيين المحتالين، ممن يمتطون الدين لأهداف وغايات مشبوهة، أشد المعاناة، وحان الآن وقت فضحهم وحسابهم، فمثل هؤلاء الأنذال جديرون أن ينالوا أشد أنواع العقاب؛ فمن يتآمر مع الآخرين ضد بلده، ساعياً لتشظي وطنه، وهز أمنه واستقراره، هو عدو الوطن الأول”.