تعدد الاجتهادات حول مخطط السعودية لتغيير الامير تميم ام تدجينه
رُحب بالشيخ عبد الله بن علي آل ثاني، سليل مؤسس قطر، بحرارة في المملكة العربية السعودية من قبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ثم رحل إلى المغرب، حيث استضافه الملك السعودي سلمان في مقر إجازته في طنجة. وبينما قالت الحكومة القطرية إن الشيخ كان في زيارة شخصية، فإن بعض وسائل الإعلام القريبة من التحالف وصفت اجتماعاته بجهود دبلوماسية.
وحسب وكالة “بلومبرغ” الأمريكية قال الشيخ عبد الله إن الملك سلمان وابنه اتفقا على فتح حدود السعودية البرية مع قطر للسماح للحجاج القطريين بالسفر إلى مكة المكرمة. حتى أن الملك عرض إرسال طائرات على نفقته الخاصة لنقلهم من بلدان أخرى وأنشاء مركزا للعمليات تحت قيادة الشيخ لمساعدة القطريين في الأزمة.
وأشارت الوكالة إلى نفي المملكة العربية السعودية والحلفاء الذين قطعوا العلاقات الدبلوماسية والنقل مع قطر في يونيو حزيران سعيهم إلى تغيير النظام في الدوحة، مما جعل ظهور الشيخ على الصفحات الأولى تطورا مذهلا.
وحسب “بلومبرغ” قال عبد الخالق عبد الله المحلل السياسي في الإمارات العربية المتحدة إن الترويج له على الأرجح يشكل جزءاً من خطة لزيادة الضغط على الحاكم القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي رفض الاستسلام للشروط الـ13 للتكتل لإنهاء النزاع.
وتتهم السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر قطر بزعزعة استقرار الشرق الأوسط من خلال دعم الجماعات الإسلامية. وترفض قطر هذه التهم، وتقول إن السعودية تستخدم هذه الحجة كذريعة لمحاولة فرض سياساتها على المنطقة كلها.
وقال عبد الله “إن المملكة العربية السعودية لديها العديد من أدوات الضغط التي لم تستخدمها حتى الآن وهذا هو واحد منها”، مشيراً إلى أنه لا يعتقد أن التحالف يتبع حاليا سياسة لتغيير القيادة القطرية. ولكن إذا قررت المملكة العربية السعودية أن هناك حاجة لذلك، يمكنها تعبئة شبكة دعم داخل المجتمع القطري والأسرة الحاكمة “لتحفيز انقلاب القصر”.
ووصفت صحيفة “البيان” اليومية التي تصدرها دبي الشيخ عبد الله على صفحتها الأولى بأنه “صوت العقل الذي فتحت له القلوب”. وقالت أيضاً إنه معروف بأنه “مقبول على نطاق واسع داخل أسرة آل ثاني على وجه الخصوص، والقطريون بشكل عام”.
والشيخ هو سليل من فرع العائلة الحاكمة التي كان في السلطة لعقود من الزمن حتى عام 1972. وشقيقه أحمد كان قد تم إعدامه في عام 1972 من قبل جد الشيخ تميم، وفقا لما ذكرته الشبكة العربية السعودية للأنباء.
وقد أدت مآثر الشيخ الدبلوماسية إلى شهرة فورية في وسائل التواصل الاجتماعي. وفي غضون ثلاثة أيام من الانضمام إلى تويتر، اجتذب حسابه أكثر من ربع مليون متابع. وقدم تفاصيل الاتصال بمركز العمليات. وشدد على أن “المصارف في المملكة العربية السعودية لم توقفت عن صرف الريال القطري للمواطنين القطريين”.
وحتى الآن، قاوم الصراع الخليجي جهود الوساطة الأخرى. وكان أمير الكويت قد حاول مع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الشهر الماضي ثم أرسل مبعوثين اثنين لمحاولة حل النزاع.
وقال أندريس كريغ، المحاضر في قسم الدراسات الدفاعية في كلية كينغز في لندن، إن الشيخ رجل أعمال مقره لندن ولديه مصالح تجارية في الخليج، لكنه يفتقر إلى الدعم العام الذي من شأنه أن يساعده على دفعه إلى السلطة. إلا أن ظهوره يمثل وسيلة لإخبار القادة القطريين والقوى العالمية بأن الأزمة لم تنته بعد.
وقال كريغ “خلال الأسبوعين الماضيين كنا نعتقد أننا سنشهد تراجعا في الأزمة لأن الأميركيين يركزون على السعوديين لتقديم بعض التنازلات للتوصل إلى اتفاق”.
وكان المغرد السعودي “مجتهد” قد كشف في 24 تموز الماضي، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد استضاف شخصية قطرية من أسرة آل ثاني ليكون لها دور في مخطط الإطاحة بأمير قطر تميم بن حمد دون الكشف عن هوية تلك الشخصية آنذاك.
ومن وقتها لم تتوقف التخمينات حول هوية تلك الشخصية، قبل أن تعلن السعودية الأربعاء الفائت عن تسهيلات عدة لحل أزمة الحجاج القطرية بأوامر من الملك سلمان إثر وساطة من عبدالله بن علي بن عبدالله بن جاسم آل ثاني أحد أفراد الأسرة الحاكمة في قطر.
وتأتي الإشادات بابن جاسم آل ثاني من قبل وسائل الإعلام السعودية، وتركيز الأضواء على إنجازات 3 من أسرته أثناء حكمها قطر، لتعزّز من صحة التكهنات بأنه الشخصية التي قصدها مجتهد.
عن الرجل، قالت صحيفة “سبق” الإلكترونية السعودية إن جده هو ثالث حكام قطر عبدالله بن جاسم آل ثاني، ووالده رابع حكام قطر علي بن عبدالله آل ثاني، وشقيقه هو خامس حكام قطر أحمد بن علي آل ثاني.
وواصلت الصحيفة الحديث عن إنجازات أفراد عائلة ابن جاسم آل ثاني أثناء حكمهم قطر الذي امتد بين عامي 1913 و1972، والتي شملت اكتشاف أول حقل نفط بحري بالعالم، وتصدير النفط للخارج لأول مرة، وإنشاء إذاعة وتليفزيون قطر، وصكّ أول عملة قطرية، وتقديم الماء والكهرباء مجانًا للشعب القطري.
وذكرت من تلك الإنجازات، أيضا، إنهاء الوصاية البريطانية عن قطر، وإعلان الاستقلال عن بريطانيا في أيلول 1971، وإنشاء أول مجلس للوزراء، وأول مجلس للشورى.
كذلك أعدت قناة “العربية” السعودية تقريرًا عن الرجل وصفته فيه بأنه “سلسال أسرة باني قطر الحديثة”، وقالت إنه يحظى بقبول داخل الأسرة الحاكمة في قطر.
سعود القحطاني المستشار في الديوان الملكي السعودي والمقرّب من محمد بن سلمان دخل على الخطّ أيضًا، إذ خصّ بن جاسم آل ثاني بتغريدة حاول من خلالها تقديم الرجل على أنه “الأحق” بحكم قطر، فهو كما يقول “ابن حاكم قطر علي بن عبدالله بن جاسم، وأخوه أحمد حاكم قطر بعد أبيه الذي أعلن استقلال قطر، وانقلب عليه خليفة ابن حمد، في إشارة إلى جد أمير قطر الحالي. والمعروف عن القحطاني أنه من يدير المخططات والحملات الإعلامية على مواقع التواصل لمحمد بن سلمان، وبينها الهجمة الإعلامية الحالية ضد دولة قطر وأميرها، ومن ثم فإن ما ينطق به هو لسان حال ولي العهد السعودي، حسب مراقبين.
بموازاة ذلك، أكد رئيس تحرير موقع “رأي اليوم” الإعلامي عبد الباري عطوان أن السعودية تجهّز أميرًا بديلًا وتلعب على صراع أجنحة آل ثاني في سياق تصعيدها ضد قطر.
وكان الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني، قد عزز ما تم تداوله في وسائل الإعلام الأيام القليلة الماضية من شكوك حول تورطه في مخطط انقلابي في الدوحة يتم التحضير له في السعودية.
وأصدر الشيخ عبدالله بيانا نشره عبر حسابه على «تويتر»، هاجم فيه وزير الخارجية القطري الشيخ «محمد بن عبدالرحمن آل ثاني»، نافيا أن تكون وساطته لدى السلطات السعودية لأمور شخصية، قائلا: هذا الحديث «جانبه الصواب».
وأضاف: «مع احترامي للشيخ محمد بن عبدالرحمن، فلقد جانبه الصواب فأنا لم أعرض أي أمر شخصي على الملك وولي العهد.. هدفي كان تيسير أمور الحجاج القطريين، ثم تسهيل زيارات الشعب القطري لأقاربهم وأهاليهم في السعودية، وتيسير الأمور لأصحاب الأملاك القطريين لمتابعة شؤونهم».
وتابع: «وقد تفاعل ولي العهد مع وساطتي لأهل قطر، وأكرمني الملك ليس بقبول شفاعتي فقط بل أمر فورا بإنشاء غرفة عمليات خاصة تعمل على مدار الساعة لخدمة الشعب القطري ووضعها تحت إشرافي».لافتا إلى أن «هذه الاستجابة الكريمة السريعة ليست بالغريبة على إخوان (نورة الأمجاد) الذين يجمعنا معهم النسب والمصير المشترك والتاريخ العريض، وتربطنا بهم صلات الأخوة منذ وقت الآباء والأجداد».
هذا البيان يقترب كثيرا من تأكيد الشكوك حول الرجل الذي يحاول أن يتخطى نهج الحكومة القطرية وتعاملها مع الأزمة الخليجية الحالية مع دول الحصار، خاصة ما يتصل بأزمة الحجاج القطريين، فتدخله بهذا الشكل فيها والاستجابة السريعة لملك السعودية وولي عهده وترويج الإعلام السعودي الفج لتلك الوساطة، يصب كله في محاولة تلميع بديل للقيادة القطرية.