المشروع الوطني الفلسطيني الى اين ؟ وما العمل ؟
بقلم: المهندس مصطفى الهرش
يكاد يكون هناك اجماعاً في الراي بأن المشروع الوطني اياً كانت مضامينه وحدوده ، يقف أمام مخاطر جدية اكثر من أي وقت مضى ، جراء التحديات التي ترتسم معالمها بأكثر من صورة ، لا تدع مجالاً للشك لضرورة وطنية تطرح نفسها بقوة من أجل حوار مسؤول ومجدي .وخاصة اننا نقف امام حلول يُعد لها ، تصفوية متوافقة تماماً مع الرؤية الصهيو امريكية .
من الصعوبة ان نضع عنوان او تعريف شامل للمشروع الوطني الفلسطيني ، حيث تعددت المفاهيم المعبرة عنه بمختلف المراحل والسنين التي مرت بها القضية الفلسطينية، والذي بدوره أي التعريف يجب ان يعكس جملة الظروف الوطنية والاقليمية والدولية ،التي تساعد في التوصل لحل او تُثبط المحاولات للوصول للأخير . ومن هنا فإننا نرى ان المشروع الوطني الفلسطيني مر بتقلبات كبيرة وهو الانتقال من كون القضية هي قضية قومية عربية ،الى الانتقال كون القضية هي قضية وطنية. وللخوض اكثر في هذه الفكرة فإنه من اللازم استعراض في البداية نشأة القومية العربية والموقف من عروبة فلسطين وموقفها من القضية الفلسطينية.
نشوء الحركة القومية العربية :
الحركة القومية العربية لم تأخذ شكلاً موحداً ونهائياً منذ نشأتها وحتى اليوم , ولكنها تطورت ونمت وتشكلت في كل فترة زمنية انماط مختلفة بما يتناسب مع الشروط الموضوعية والتاريخية التي عاصرتها . وكان من المتفق عليه ان الحركة القومية العربية وضعت دائماً نصب عينيها إقامة دولة عربية مستقلة . وقد يعود قيام هذه الحركة الى معطيين اساسيين وهما :
1- كرد فعل على حركة التتريك التي كانت تمارس بحق العرب
2- تأثراً بالحركة القومية التي قامت في اوروبا ونقلها الى بلاد العرب عبر الدارسين في تلك القارة، وهنا يبرز السؤال اين كان الفلسطينيون في ظل ما يحدث ؟
يذكر الباحثين (جوزيف جيفريز) ان العرب الفلسطينيون كانوا من المشاركين الاساسيين في هذه الاحداث , فقد برزوا بين منظمي الجمعيات القومية . ومع ذلك فإن ولوج الفلسطينين في الحركة القومية لم يجعلهم يغفلون عن المخاطر الصهيونية والمحاولات الحثيثة السرية في وقتها لاقتطاع بلادهم “فلسطين” من جسم الامة العربية.
وفي هذه المرحلة كانت القومية العربية تخطو خطواتها الاولى والفكر القومي العربي آنذاك مازال غامضاً يغلب عليه طابع التبشيرية المثالي إلى فكر علمي ذي محتوى فكري ايديولوجي، لذلك لم يجد الفلسطينيون ان الفكر القومي في مراحله الاولى يمكن ان يشكل تهديداً لمصالحهم الخاصة , وخصوصاً ان التركيب الطائفي والعرقي في فلسطين كان متناسباً للتجاوب مع الفكر القومي العربي بعكس ما كان عليه الحال مثلاً في مصر و لبنان في تلك المرحلة.
الا انه لسوء حظ الشعب الفلسطيني ترافق ظهور الحركة القومية العربية بتصاعد واتساع الاطماع الصهيونية , بحيث اصبحت تشكل عبئاً متزايداً عليهم , اضافة الى المعاناة اليومية من وطأة السيطرة التركية .
والسؤال الذي يطرح ما رد فعل القومية العربية من هذه الاطماع على القطر الفلسطيني ؟
في الواقع الى جانب هذه الظروف الذاتية للشعب الفلسطيني نرى ان موقف القومية العربية وتعاطيها مع هذه القضية كان عبئاً على شعبنا، فإن الظروف الموضوعية للحركة القومية العربية لم تسمح لها بإيلاء المسألة الفلسطينية الكثير من اهتماماتها , حيث كانت متطلبات الحركة القومية العربية اكبر من أن يتيح لها التفرغ للخطر الصهيوني , ولاعتقادها ان انتصار الثورة العربية سيعني حتماً تحرير فلسطين وتأكيد عروبتها, وهنا يظهر جلياً امامنا ان الحركة القومية كانت تجهل ان اطماع الصهيونية لا تقتصر فقط على الارض الفلسطينية وانما تمتد الى كامل الامة العربية .
واذا نظرنا ايضاً للفكر السياسي الاسلامي والذي تمثل في جماعة الاخوان المسلمين فإنه بدوره لم ينتج حالة فريدة بالنسبة للقضية الفلسطينية اذ اعتبرها قضية غير مركزية وتتوازى مع قضايا اخرى مثل افغانستان وباكستان وغيرها من المناطق.
انبثاق الحركة الوطنية الفلسطينية :
كان لابد في هذا السياق من انبثاق حركة وطنية في فلسطين في ظل تشتت الحركة القومية العربية وتعدد افكار المنظرين, وباحتلال فلسطين واعلان الاحكام العسكرية فيها, بدأ الفلسطينيون يلتمسون طريقهم الخاص ضمن امكانياتهم الوطنية نحو استلام زمام المبادرة في الدفاع عن قضيتهم وخوض غمار المعركة على ارض فلسطين ضمن المعطيات المستجدة على ارض الواقع.
واننا نرى ان ظهور الوطنية الفلسطينية في تلك المرحلة ليس مرجعه العامل الاقتصادي أو الضعف الى الانتماء القومي ولكن الشعور بالخطر الصهيوني المهدد لوجود الوطن ومن ثم لانتمائه القومي وفي الواقع لقد كان تأكيد الوطنية الفلسطينية والشخصية الفلسطينية هو المدخل لتأكيد الانتماء القومي للامة العربية.
ومنطلق الفكر السياسي واصول السيادة فإن اي شعب يتمسك أصحابه بمبادئ يطلق عليها عنوان ” الثوابت الوطنية أو المبادئ الوطنية “, تلك المبادئ أو الثوابت تبلورت نتيجة تطورات على صعيد الحياة البشرية, وكما يمكن لنا فهمها, هي ما يتفق عليه جميع أبناء الشعب من المواطنين, على الحقوق الأساسية الغير قابلة للتصرف، ومن غير المقبول على البعض وبما فيها السلطة السياسية, تقديم مشاريع تنازلية مجحفة بحق المشروع الوطني وقضيته، وعلى المستوى الفلسطيني قد طرح وثيقة وطنية, تنص على عدة أمور اعتمده المجلس الوطني في صيف عام 1968 في القاهرة بالإجماع ودون أية معارضة من الفصائل والشخصيات الفلسطينية كافةً نلخصها بالتالي: عروبة فلسطين, العمل المسلح, طرد الغزاة.
ومع التطور الحالي للقضية الفلسطينية تغيرت هذه الثوابت لتصبح في الوقت الحالي “نذكر بعضها” : إنهاء الانقسام , قضية اللاجئين الذين شردوا عن وطنهم قسراً , القدس عاصمة للدولة الفلسطينية العربية المستقلة , بناء دولة فلسطين كاملة السيادة, وهذا ما ذكرته وثيقة الأسرى الفلسطينية في سجون الاحتلال والتي توافق عليها الجميع من فصائل وشخصيات وطنية، عدا حركة الجهاد الإسلامي التي أبدت ملاحظات فيما يتعلق بالمفاوضات, وفي هذا يصبح كل من تبنى هذه الثوابت من التنظيمات الفلسطينية ومؤسسات وشخصيات… الخ , هو شخص داعم للمشروع الوطني, وعدها خطوط حمراء لا يمكن المساس بها.
وقد ذكرت وثيقة الاستقلال الفلسطينية, حق الفلسطينيين في الأرض حيث جاء نص فيها:
“واستناداً إلى الحق الطبيعي والتاريخي والقانوني للشعب العربي الفلسطيني في وطنه فلسطين وتضحيات أجيالها المتعاقبة دفاعاً عن حرية وطنهم واستقلاله وانطلاقاُ من قرارات القمم العربية، ومن قوة الشرعية الدولية التي تجسدها قرارات الأمم المتحدة منذ عام 1947، ممارسة من الشعب العربي الفلسطيني لحقه في تقرير المصير والاستقلال السياسي و السيادة فوق أرضه فان المجلس الوطني يعلن و باسم الله وباسم الشعب العربي الفلسطيني قيام دولة فلسطين فوق ارضنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف .”
ان الملاحظ في النص وجود صبغة وطنية قومية دينية أعطت القضية الفلسطينية فلسفة خاصة في العمل السياسي وعلى أساسه كانت منظمة التحرير الفلسطينية هي حاملة المشروع الوطني باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والتي نقلت الشعب الفلسطيني في مرحلة ما من شعب يعيش على المساعدات إلى شعب مناضل أو فدائي, كما وعملت على تحديد الهوية الفلسطينية الخاصة.
ومن هنا يأتي التأكيد أن الهوية الوطنية الفلسطينية ضرورة نضالية وليست طبيعة انعزالية, فالشعب الفلسطيني أحوج ما يكون للحفاظ على هويته الوطنية لأنها مستهدفة من عدو استيطاني بنى وجوده على مرتكزات أساسية أهمها:
أن ” فلسطين وطن بلا شعب لشعب بلا وطن”، ” الشعب الفلسطيني وطنه الأردن وبالتالي هويته أردنية “, “الشعب الفلسطيني جزء من الأمة العربية ولديه عشرون دولة ليقيم فيها”, وغيرها من الادعاءات التي ليس آخرها “هوية الشعب الفلسطيني مزيفة” .
لذلك يصح القول انه في السياق الفلسطيني يصبح التأكيد على الهوية الوطنية ضرورة نضالية لتأكيد الوجود وبالتالي الحقوق, أي بما يتجاوز ضرورات تمييز الذات عن الآخر كما هو الحال لدى الشعوب الأخرى. فالهوية الوطنية الفلسطينية تتميز بكونها تستند إلى وجود تاريخ من الصمود والنضال الفلسطيني مضمخ بدم الشهداء وعرق المناضلين في مواجهة عدو استيطاني فاشي إحلالي بدعم من كل دول العالم الاستعماري.
بالمقابل الشعب الفلسطيني هو أحوج الشعوب العربية إلى هويته القومية لآنه عجز، بإمكانياته الذاتية، عن تحقيق أهدافه في التحرر والعودة وبناء دولته الديمقراطية فوق أرضه. فإسرائيل التي تحتل كل الأراضي الفلسطينية وأراض عربية، قوية بما تحقق لها من دعم دولي مستمر مادياً ومالياً ومعنوياً، لكن هزيمتها ممكنة بقدرة عربية أساسها الانتماء القومي العربي الذي يوحد أهداف كل الشعوب العربية.
نحو استراتيحية كفاحية عامة :
في الواقع إن المشروع الوطني الفلسطيني عانا من ترهل حقيقي في الآونة الاخيرة اذا لم نقل انه شوه واصبح غير معروف المعالم و تحول الوضع من التعرف على معالم المشروع الوطني إلى أزمة حقيقية تعتلي المشروع الوطني ثم التساؤل الخطير حول وجوده : هل يوجد مشروع وطني فلسطيني؟
الواقع يقول إنه بالرغم من أن كلمة المشروع الوطني والثوابت الوطنية من أكثر المفردات تكراراً في الخطاب السياسي للقوى السياسية الفلسطينية، إلا انه لا يوجد اليوم مشروع وطني ولا ثوابت محل توافق، بل أصبح الفلسطينيون وكأنهم ينتظرون من يضع لهم مشروعهم الوطني ويحدد لهم نطاق حقوقهم ودولتهم. وانتظار لما سيقرر احد المحورين المتصارعين والمشرفة او المهيمنة عليهما الولايات المتحدة الامريكية ( الرباعية العربية ، قطر وتركيا والاخوان ) يقابلهم مشروع مرتبط مع ايران والمقاومة الاسلامية، وبقينا رهن دولة بالمفاوضات او انتظار للفتح الاسلامي ؟؟
والذي اغرى تلك الاطراف في التحكم بالمصير الفلسطيني وطمس الشخصية الفلسطينية وقدرتها على تقرير مصيرها هو بسبب حالة الاستئثار والتفرد من قبل حزب حاكم مما ادى الى التراجع التي تشهدها منظمة التحرير الفلسطينية وتمثيلها للشعب الفلسطيني وتنامي دور السلطة على حسابها واضافة الى بروز تنظيمات اسلامية وخاصة حماس والتي بدورها حملت مشروعها الخاص والذي رافقه حالة من الانقسام الشعبي والجغرافي تبلور بالانقسام الداخلي في يونيو 2007 ، وما يزيد الطين بله هو المراهنة من القيادة الرسمية الفلسطينية على دور امريكا والتي تتبنى اهداف المشروع الصهيوني بشكل واضح وعلني، غير الحالات الاخرى الاجتماعية والاقتصادية التي تدفع بالمشروع الوطني نحو الخلف والتراجع والتشتت.
بهذا الاطار يمكن طرح عملية الانطلاق نحو مشروع وطني يخدم القضية مرتكز على ثوابت شعبنا، فما العمل ؟
الرهان موضوع الان على طاقات شعبنا والذي شهد حالة من الثورة الحقيقية في القدس نتيجة اجراءات العدو الحصارية والقمعية لأبناء شعبنا
لعل الاجابة على هذا السؤال أي ما العمل تكمن في ما يخطر بالبال هو موضوع الانتفاضة الشعبية كسبيل لانقاذ المشروع الوطني واخراجه من ازمته والتي اساسا هي في صلب هذا المشروع وهذا يستلزم العمل على صعيدين :
الاول: وهو الوطني فيجب تركيز كل الجهود والقدرات الوطنية من أجل تصعيد ودعم وتنظيم الهبات الشعبية والمجابهة اليومية الكفاحية مع الاحتلال وعصابات مستوطنيه، وحمايتها في إطار الحفاظ على طابعها الشعبي والجماهيري، والمسارعة في بناء جبهة موحدة للمقاومة الشعبية، إلى جانب توحيد الجهود من أجل تشكيل هيئات قيادية ميدانية في كافة المواقع، بما يعزز من تنظيم الحركة والهبة الشعبية، وتوسيع المشاركة الجماهيرية فيها, والعمل على الاخذ بالنقاط التي تعتبر مشتركة بين جميع المناضلين وابرزها موضوع القدس وهنا نؤكد ان القدس هي رمز ديني مقدس ولكن لها أهميتها السياسية وهي عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة، ايضاً فالمعركة ليست دينية اي مسألة عبادة, بل مسألة سيادة، والسيادة تجلب معها العبادة، وحتى المتدين يجب ان يكون شعاره السيادة وليس العبادة في هذه المرحلة مرحلة التحرر الوطني.
وفي التعمق في موضوع المقاومة الشعبية فإنه من المرجح ان في إمكان كيان الاحتلال إخماد تلك هباتها باستخدام اسلوبها العنيف بلا رحمة ، ولكن السؤال المهم هو : ما الثمن الذي سيدفعه كيان الاحتلال مقابل ذلك؟ وهل يتسبب القيام بمثل هذه الاجراءات القمعية تأثير على الكيان من الدول الاخرى؟ وما الاثر على الداخل الصهيوني؟ واختصاراً للاسئلة السابقة نطرح السؤال التالي من هو الطرف الذي يسبب مقدار الالم الاكبر للطرف الآخر؟
تمثل معادلة الالم أثمانا مختلفة جدا بالنسبة الى كل طرف فهي بالنسبة للطرف الفلسطيني مسألة شهداء وجرحى أي هي عملية فداء ، اما بالنسبة للطرف الصهيوني فإن عدد الضحايا قليل ولكن الالم يكون مقاس بمقياس القلق الداخلي العميق للمجتمع الصهيوني الذي اساساً لا يشعر بالانتماء الكامل الى هذه الارضن، وهو بالتالي حساس جدا اتجاه امور الانتفاضة, وكذلك فإن الانتفاضة التي يفجرها موضوع المساس بالمقدسات ستجبر المجتمع الدولي او على الاقل الدول العربية المتهادنة مع الكيان لاتخاذ موقف اكثر صرامة مما هو عليه في الاوقات الطبيعية، وايضا ستحرك بالتالي الدول الكبرى ضد هذا الكيان حتى وان اقتصر الموضوع فقط على الكلام.
هذا الشعب الذي يتقدم بكثير من الخطوات على قيادته اصبح تواق الى رؤية مشروع يلبي طموحاته ويدعم اهدافه الوطنية التي يجب ان لا يتم التنازل عنها بأي شكل كان , وفق الاستراتيجية العامة يجب العمل بحنكة دبلوماسية مع الدول الصديقة والداعمة لشعبنا الفلسطيني، أي التقدم بخطوة نحوهم على الصعيد الرسمي على ان يتم تحديد اولوياتنا مع الدول وهذا سيكون رافداً للسياسة الخارجية الفلسطينية ومبشراً بالإمساك بعنصر المبادرة في متابعة الهجوم السياسي والدبلوماسي على الساحة الدولية ، والعمل من اجل تغيير قواعد العملية السياسية والتفاوضية، والتي يجب الالتزام بها بضرورة التمسك بعدم التفاوض في ظل الاستيطان واشتراط الوقف الشامل للاستيطان في اية مفاوضات والى رفض المساعي الرامية لتجديد هذه المفاوضات بطرق تنازلية، دون التزام كيان الاحتلال بالمرجعية الدولية وفي المقدمة منها التمسك بحدود الرابع من حزيران1967.
ومن هذا المنطلق علينا اخراج انفسنا من الرعاية الاميركية المباشرة لحل القضية الفلسطينية واختيار صيغة افضل وهي مؤتمر دولي لإطلاق اية مفاوضات جديدة في ظل توفر القضايا المشار اليها.
وقد تكون صيغة الملف النووي الايراني (5+1) او الملف السوري أي جينيف او استانا ، وهذا يجب ان يترافق مع نقل الثقل للدور العالمي من امريكا الى دولة اخرى متعاظمة القوى ويمكن ان يطرح هنا روسيا.
وعلى المستوى الداخلي :
تمتين الجبهة الداخلية الفلسطينية، والعمل على صياغة الدستور الفلسطيني واعتماد هذا الدستور من قبل اجتماع مشترك يضم اعضاء المجلسين المركزي لمنظمة التحرير والتشريعي ، على أن تجري الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة وفقا لهذا الدستور ولما يشكله من حالة التعاقد التي تكفل الحفاظ على نظام سياسي ديموقراطي تعددي وتعيد تأكيد مرتكزات هذا النظام على اسس ديموقراطية تستند الى وثيقة الاستقلال والقانون الاساسي للسلطة الفلسطينية وهو الامر الذي يعني ايضا اعادة التزام كافة مكونات النظام السياسي بذلك خاصة بعد الانقسام وما رافقه من انتهاك خطير للقانون وللقواعد الديموقراطية للنظام السياسي، كما انه من الناحية الاخرى يحدد شكل علاقات فلسطين مع العالم الخارجي وفقا للمواثيق الدولية والقانون الدولي وما يرتبه ذلك من التزامات متبادلة على فلسطين ولصالحها ايضا، بالاضافة الى مغزى ذلك السياسي في مواصلة السعي من اجل توفير مقومات الدولة الفلسطينية وتامين الاعتراف الدولي بعضويتها الكاملة في الامم المتحدة.
وهذا يلزمه مواكبة خطوات انهاء الانقسام التي لا تزال بطيئة عبر مراقبة شعبية فاعلة، من خلال مشاركة القوى المجتمعية والمؤسسات الاهلية والقوى السياسية وذلك لقطع الطريق على محاولات تعطيل او افشال المصالحة من قبل مجموعات مصالح محلية او من خلال الضغوط الخارجية ،كما اكدت على ضرورة تشكيل حكومة التوافق الوطني واستمرار التحضير لإجراء الانتخابات .
ويعول فعلياً على التيار الثالث وهنا يبرز دور اليسار في المشروع الوطني :
حتى لا نطيل فان المشروع الوطني حالياً يقبع بين يمين ويمين اسلامي وليبرالي وهؤلاء اليمينين مرتبطين بشكل كبير مع الاجندات الخارجية ، من هنا كان الرهان دائما على التيار الثالث ، وهذا التيار الثالث يجب ان يكون نواته الاولى من ال3 فصائل اليسارية وهم حزب الشعب والجبهتين الشعبية والديموقراطية ، فبروز التيار الثالث سيعري كلا الطرفين وبالتزامن مع وضع رؤية كاملة متكاملة من قبل الثلاث فصائل ايضا ستعمل على ايقاف جميع المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية ، والتي تحاك بشكل اكبر حالياً وعلينا ان نضع هذا المشروع ضمن اطار برنامج انقاذ وطني تكون اهدافه :
اولاً: اعادة ابراز الصراع مع المحتل وفق ثنائية حركة تحرر وطنية واستعمار احتلالي .
ثانياً: العمل على التخلي عن اتفاق اوسلو وخصوصا جوانبه الامنية والاقتصادية وبقاء السلطة الفلسطينية تتولى المهام المجتمعية كتوفير الخدمات بما يدعم البقاء.
ثالثاً: اصلاح مؤسسات م.ت.ف وتفعيلها وزيادة تمثيلها.
رابعاً: العمل على تدويل القضية الفلسطينية.
ان العمل بشكل رئيسي على هذه المحاور وما تحمله من تفرعات في كل محور يشكل في الواقع برنامج انقاذي متفق عليه من جميع القوى وتكون لبنته قوى اليسار وانطلاقا من هذه اللبنة الاساسية وبحكم ايمانها وقناعتها بوجود ترابط بين النضال الوطني والنضال الاجتماعي وطموحها الى التعبير عن مصالح فئات الشعب الفلسطيني فإن عليها:
اولاً: ان تتجاوز البلبلة الفكرية التي اصابتها واعادة الاعتبار الى قيم اليسار التي لطالما ايقنت بأهميتها وان تكون على مسافة واحدة من الجميع.
ثانياً: الاستفادة من التجارب السابقة لوحدة القوى اليسارية والوقوف والتوقف عند اسباب نجاحها وفشلها.
ثالثاً : توظيف جميع الطاقات لمواجهة الاحتلال وان تحقق الربط الجدلي بين النضال الوطني والنضال الاجتماعي من خلال تبني قضايا ومطالب الفئات الاجتماعية الكادحة والمحرومة التي تطمح الى تمثيلها.
رابعاً : الدفاع بحزم عن الطابع العلماني والديموقراطي للدولة الفلسطينية المستقلة المنشودة .