سلطات الاحتلال تختار للعرسان الصحفيين قضاء شهور العسل في المعتقلات

صحافي من دورا وممرّضة من الظاهرية.. لم تجمعهما المهنة وجمعت بينهما الحياة الزوجية؛ قبل أن تفرق بينهما قُضبان سجون الاحتلال، بعد نحو 40 يومًا من زواجهما.

بيان جبّارين (23 عامًا) زوجة الأسير الصحفي منتصر نصّار (28 عامًا)، والذي اعتقلته قوات الاحتلال “عريسًا”؛ عقب تسارع أحداث انتفاضة القدس، والتي انشغل خلالها في تغطية الأخبار.

في اليوم الـ 31 من شهر آب 2016، اقتحم جيش الاحتلال مدينة دورا جنوبي مدينة الخليل، بما يقارب 12 دورية عسكرية وشاحنة كبيرة للمواد المصادَرة، والمركبة التي تقلّ المعتقلين من الفلسطينيين.

واعتقل الاحتلال فريق السنابل الواحد تلو الآخر بعد اقتحام منازلهم، وبقيت الموجة مفتوحة حتى وصل الجيش مبنى الإذاعة، واعتقل أيضًا من تواجد فيها، وصودرت جميع معدّاتها وأغلقت لمدة ثلاثة شهور بحجة “التحريض”.

كان منتصر آخر المعتقلين من صحفيي السنابل، حيث خرج قبل اقتحام المنزل بوقت قصير، وبعدما أحاط الجنود منزله ومنزل عائلته في دورا، تم الاقتحام واحتجاز العائلة في غرفة بإحدى الطوابق، كما تم الاعتداء على بيان زوجة منتصر بحجة عدم انصياعها للأوامر.

معتصم هو الأخ التوأم لمنتصر، في البداية شكّوا بأمره معتقدين بأنه هو، وبعد أن فحصوا البطاقات الشخصية، سألوا والد منتصر عنه، فقال لهم إنه ليس في المنزل، فأجبروه على الاتصال به والعودة فورًا إلى المنزل لأنه موقوف.

لم يُطل منتصر الغيبة، وعند أول حاجز قريب من المنزل تم اعتقاله وتكبيله واقتياده إلى المنزل، هناك تم مصادرة اللاب توب الخاص به بعد فشلهم في الحصول على هاتفه.

خرجوا يجرّونه معصوب العينين، مكبّل اليدين والرجلين إلى جهة مجهولة دون أن يودعه أهله، واستمر ذلك لمدة أسبوع كامل ولا يعلم أحد أي شيء عنه.

وأوضحت بيان (زوجة الصحفي منتصر)، أن العائلة تلقت بعد أسبوع مكالمة هاتفية منه أخبرهم فيها بأنه في “تحقيق عتصيون”.

وأفادت لـ “قدس برس”، في اليوم الأول من عيد الأضحى؛ أول المناسبات تمرّ على العروسين بيان ومنتصر، “شعرت بالكآبة، وعدم القدرة على رؤية أحد، اختبأت في البيت، لكن دائماً هناك من يشجّعك على الثبات والصبر”.

كان منتصر حينها في سجن عوفر (سجن عسكري إسرائيلي جنوبي غرب مدينة رام الله) وكانت اتصالاته ضعيفة جدًا؛ سوى تلك الدقائق التي كلم فيها عائلته في اليوم الأول من عيد الأضحى.

الزيارة الأولى

بيان، لم تذق طعم الاعتقال المقرّب سابقًا، ولم تجرّب معاناة ذوي الأسرى الذين يخرجون مع نسمات الفجر ويعودون في وقت متأخر من المساء، متعبون نفسيًا وجسديًا، كانت تسمعهم فقط، لكن وكما قالت: “لا يشعر بالوجع إلّا من ذاقه”.

وتابعت: “كانت الزيارة الأولى صعبة عليّ، ففي البداية قاموا بإعطاء تصاريح للزيارة لجميع أهالي طاقم السنابل الذين اعتُقلوا مع منتصر باستثنائي، ولكن وبحمد الله تمكّنت من زيارته بعد 5 شهور من اعتقاله”.

وأردفت: “رغم المسافات الطويلة، والتفتيش، وساعات الانتظار، والإهانة من قبل الاحتلال، لكن في النهاية كنت كطفلة صغيرة مليئة بالمشاعر المختلطة، وكان قلبي يخفق بشدّة، وما إن فُتح الباب حتى انطلقتُ لأبحث عنه، وهو كان يقف ويبحث عنّي أيضًا”.

وتصف الزيارة بأنها “لحظات جميلة وصعبة ومؤلمة، في الحقيقة تمالكت نفسي في البداية، لكن بعد فترة وجيزة لم أستطع أن أثبت أكثر، وكذلك منتصر، وانهرنا بكاء، حينها جاء أحد الأسرى وأخذ السماعة من منتصر وقال لي قلت لمنتصر أن الزيارة الأولى ستكون على هذا الحال لأنك عريس”.

صحافيون يواجهون تُهمة “التحريض”

يواجه فريق السنابل؛ منتصر نصار، أحمد الدراويش، محمد أكرم، نضال عمرو، وحامد حامد، لوائح اتهام بحق كل منهم تتضمّن التحريض، كما تُطالب نيابة الاحتلال بسجنهم لمدة ثلاث سنوات فعلية، ومنتصر في انتظار محكمته التي سيتم النطق بالحكم فيها في الخامس من شهر أيلول القادم.

وبيّنت زوجة نصار: “توقعنا شهورًا قليلة ما بين 8 إلى 18 شهرًا، بحسب محاميهم، لكن مؤخرًا تم إبلاغنا أن الحُكم سيكون أعلى بكثير، حيث طالبت نيابة الاحتلال بالسجن لمدة ثلاث سنوات”.

وما يزيد من قلق بيان هو ما حصل مع منتصر في السجن، حيث ظهرت عليه بعض الأعراض المرضية، وبعد الفحص تبيّن أنه وعقب اعتقاله بنحو شهر أصابه مرض السكري، وهي كممرّضة تتألّم لذلك لأنّها تعلم ما حاجة المريض لأن يعيش في ظروف صحية ممتازة إلى جانب الطعام الخاص والرعاية الطبية والفحوصات المستمرة.

منتصر وبيان ليسا الوحيديْن اللذيْن اختطف الاحتلال حلمهما، وسرق منهما أجمل لحظات كانا يخططان لعيشها في أجمل ظروف، في أوقات الأعياد الدينية والمناسبات العامة والخاصة وحفلة تخرج بيان من جامعة النجاح الوطنية -ألغتها لأنّها لا تُريد أن تعيشها دون وجود شريكها معها- فهناك مئات الزوجات اللواتي ينتظرن أزواجهن، وآلاف الأبناء الذين ينتظرون آباءهم وإخوانهم كي يستقرّ عيشهم بكرامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى