دراسة جديدة توضح ان المسلمين لا يصومون رمضان في موعده الحقيقي

«هل نصوم رمضان فى موعده الحقيقى؟»، سؤال طرح نفسه خلال الفترة الماضية، مع وجود عدد من الباحثين، الذين أدلوا بآراء معتمدة على أدلة عقلية، تثبت وجود خطأ فى موعد رمضان، مقارنة بالعصور الإسلامية القديمة.

ويرى غالبية هؤلاء الباحثين أن التوقيت الحالى لشهر رمضان، ليس هو التوقيت الحقيقى الذى كان يصوم فيه المسلمون القدامى، وأنه من المفترض أن يكون فى بدايات سبتمبر من كل عام، وبعدد ساعات صيام متقاربة حول العالم، موضحين أن الخطأ فى التقويم الهجرى جعله يتعاقب على شهور السنة، مع اختلاف شديد فى عدد ساعات الصيام.

التقويم الهجرى المستخدم حاليًا «خاطئ» منذ «فتنة عثمان»

الدكتور حسنى المتعافى، الأكاديمى ومؤلف عدد من الكتب، تحدث فى إحدى الدراسات الخاصة به، عما اعتبره «عدم جدوى التقويم الهجرى المستخدم الآن فى تحديد موعد شهر رمضان والحج»، وأطلق عليه «اللاتقويم الهجرى».

ويشير إلى أن الحسابات البسيطة تقول إن السنة القمرية حوالى 354,4 يوم، فى حين أن السنة الشمسية 365,2  يوم، وبالتالى هناك فارق حوالى 11,25 يوم، ما يستدعى إجراء تصحيح أو تقويم كل فترة، من أجل أن تتطابق الأشهر مع الفصول مرة أخرى، وتصبح أسماء الشهور مرتبطة بالفصول المناخية التى تعبر عنها.

ويقول إن العرب اتجهوا إلى استخدام طريقة التقويم العبرى، مع اختلاف أسماء الشهور، وذلك بإضافة شهر إلى التقويم كلما مر 32 شهرًا قمريًا، لإعادة الاتساق بين الشهور القمرية وبين الفصول المناخية، فكانوا إذا مر   32 شهرًا يضيفون شهرا بعد شعبان يسمى شعبان الثانى، أما الإضافة التالية بعد مرور 32 شهرًا مرة أخرى فتكون بعد ربيع الآخر، وبعد مرور32 شهرًا مرة أخرى يضيفون شهرا بعد ذى الحجة، ثم تعاد نفس الدورة مرة أخرى، وسمّى ذلك «التقويم العربى».

ويشير إلى أن الإسلام اعتمد الدورة القمرية لتحديد الشهر، وذلك بناء على ما كان يفعله العرب حينها، وبها تم تحديد مواقيت الصيام والحج والأشهر الحرم، ولم يرد فى الإسلام ما يلغى أو يعدّل من طريقة «التقويم العربى»، أو قصره على الأمور التعبدية فقط مثل تحديد شهر رمضان وموعد الحج الأكبر.

ويضيف: «لكن عندما انفصلت الأمة الإسلامية تماما عن اليهود، لم يعد من يستطيع الحفاظ على استمرارية التقويم العربى وضبطه، ما أدى إلى حدوث أخطاء به، وازداد الأمر سوءا عندما حدثت الفتنة الأولى «فتنة عثمان» وضياع السلطة المركزية، وبعد ذلك لم يعد للتقويم قيمة بسبب الانشغال بحركة الفتوحات وبعدها انتقال العاصمة إلى الشام، وبالتالى تم إلغاؤه فى العصر الأموى».

رمضان وشوال مرتبطان بـ«الخريف»

رأى المتعافى أن الزعم الذى يقول بأن الغرض من عدم وجود شهر التقويم هو تعاقب شهر رمضان على أشهر السنة، فيصوم الناس فى مختلف فصول السنة، هو زعم خاطئ، وظن لا يملك من يردده أى أدلة، إضافة إلى القول بأن الإنسان يجب أن يكابد مشقة الصوم فى القيظ لا يتماشى مع رحمة الله وقوله «يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ»، وذلك عندما كتب الصيام على الناس فى الآيات الواردة عن شهر رمضان.

ويوضح أن هناك بعض التفسيرات تقول بأن إضافة هذا الشهر هو «النسىء» الذى حرمه الله تعالى فى القرآن الكريم «إِنَّمَا النَّسِىءُ زِيَادَةٌ فِى الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا»، لكن هذا ليس صحيحا، فالنسىء المذكور هنا هو تلاعب العرب فى الجاهلية فى الأشهر الحرم، فكانوا يحلّون أحد الشهور الحرم، ويحرمون شهرا آخر بدلا منه بعد ذلك، وبالتالى لم يكن هناك سبب واضح لإلغاء «شهر التقويم». ويشير إلى أنه ورد فى معجم «لسان العرب» وكتاب «القاموس المحيط»، المتخصصين فى علوم اللغة العربية، كلاما يفيد بأن فصل الربيع يعادل شهرى «ربيع الأول» و«ربيع الآخر»، وأن الصيف فى شهرى «جمادى الأول» و«جمادى الآخر»، ويأتى شهرا «رجب» و«شعبان» فى موسم القيظ.

وجاء فيه أن شهرى الصيف هما «جمادى الأولى» و«جمادى الآخرة»، وشهرى القَيظ هما «رجب» و«شعبان»، أما شهرا «رمضان» و«شوال» فهما بداية الخريف وسقوط أمطار الخريف المسماة «الرمض»، وشهرا خريف «ذو القعدة» و«ذو الحجة»، ويكون شهر «ذى الحجة» أفضل الشهور مناخا، وهو ما يتناسب مع موسم «الحج الأكبر»، فيما يأتى الشتاء فى شهرى «محرم» و«صفر»، أى أن الشهور العربية مرتبطة بالفصول المناخية، وليست منعزلة عنها.

تعديل التقويم يوحد عدد ساعات الصوم بـ12 ساعة حول العالم

الكاتب محمد داوود، شرح فى مقال له عدة أسباب وأدلة، توضح نفس وجهة النظر، ويوضح أن كلمة «تقويم» تعنى جعل المعوج المنحرف مستقيمًا، وبالتالى لا يمكن اعتبار التقويم الهجرى الحالى تقويمًا.

ويضيف داوود أن هناك ارتباطا واضحا بين أسماء الشهور والوضع المناخى، فمثلا «ربيع الأولى» دلالة على دخول فصل الربيع، وكان يأتى بين فبراير ومارس، و«جمادى الأول» كان بداية لجماد الحبوب فى سنابلها، كعلامة على بداية موسم الحصاد، وكان يأتى بين مايو ويونيو، أما «ذو القعدة» فكان دلالة على دخول فصل الشتاء برياحه الشديدة، وكان العرب يقعدون ولا يرحلون، وتأتى تسمية شهر «ذو الحجة»، لأن العرب تعارفوا أن يحجوا فيه إلى مكة وكانت تنشط التجارة، فكان دائما ما يأتى بين شهرى كانون اول وكانون ثاني.

ويوضح أن اسم شهر «رمضان» جاء من «أول مطر بعد الصيف»، وهو ما يحدث فى بداية الخريف شمال خط الاستواء وبداية الربيع جنوبًا، وكان يطلق البدو قديما على أول مطر بعد فصل الحر «الرمض» و«الرمضان»، وكان دائما يأتى بين ايلول وتشرين اول.

ويقول إنه فى حالة تعديل التقويم، وتطبيق «الشهر المقوّم»، سيأتى رمضان فى خريف نصف الكرة الشمالى، وفى ربيع نصف الكرة الجنوبى، وسيصبح عدد ساعات الصيام فى كل العالم تقريبا  12ساعة يوميا، وبذلك تتحقق سمة من سمات الدين الإسلامى وهى «العالمية».

ويضيف: «الذى أقتنع به تماما أن الله لم يشرع الصوم حتى يصوم بعض الناس  22ساعة ويصوم آخرون ساعتين فقط، وهو الذى يقضى بالحق ويأمر بالعدل، وقناعتى بأن الله لا ينحاز إلى طائفة أو يفضّل سكان منطقة ما فى الكرة الأرضية على حساب منطقة أخرى».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى