في مسجد مبني داخل كنيسة.. طقوس اسلامية على الطريقة الالمانية
أسس مسلمون داخل مبنى تابع لكنيسة في برلين مسجداً وصفوه بالمسجد الليبرالي يكسر المحظورات إذ يمكن فيه أن يصلي الرجال والنساء سوياً، بمن فيهم غير المحجبات والمثليون، وأن تؤم المصلين فيه امرأة، وذلك في محاولة منهم للترويج لما وصفوه بالإسلام المعتدل.
ومع حلول صلاة الجمعة يرتفع صوت الأذان في أرجاء مسجد ابن رشد-غوتيه وهو عبارة عن قاعة صغيرة اكتظت بالمصلين نساء ورجالاً. ولكن في هذه الصلاة الأولى المؤذن هو امرأة. إنها الأميركية-الماليزية آني زونيفيلد التي تعتبر واحدة من “الأئمة” القليلات في العالم.
بعدها تستهل امرأة أخرى هي المحامية الألمانية-التركية سيران أتيس (54 عاماً) بعباءتها البيضاء وشعرها القصير المكشوف، صلاة الجمعة بعبارات ترحيب بالمصلين.
وتقول هذه المرأة البرلينية الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق النساء والشهيرة جداً في معرض تعريفها بالمسجد الذي شاركت في تأسيسه “نريد توجيه رسالة ضد الإرهاب الإسلامي واختطاف ديانتنا. نريد أن نمارس ديانتنا معاً”.
أما المصلون الذين احتشدوا جنباً إلى جنب نساء ورجالاً وقد ركع كل منهم على سجادة صلاة فردية خضراء فيسجدون باتجاه القبلة أمام عدسات المصورين وتحت أنظار مسيحيين ويهود تمت دعوتهم إلى هذه الصلاة الافتتاحية التي أثارت عاصفة من ردود الفعل على الإنترنت.
وفي حين كانت بعض المصليات محجبات فإن مصليات أخريات لم يجدن أي حرج في الصلاة بدون حجاب والإنصات إلى الخطبة التي ألقيت بالألمانية.
والمبادرون إلى تأسيس هذا المسجد هم سبعة ناشطين وناشطات لم يجدوا مكاناً لهم في المساجد المحافظة لأداء الصلاة كما يريدون فأطلقوا هذه المبادرة.
وتقول أتيس التي أثارت فضيحة في أوساط المسلمين بدعوتها الإسلام إلى ثورة جنسية أن “هؤلاء السادة والسيدات (السلفيين) عليهم أن يكفوا عن السعي لسلبي حقي في أن أكون مسلمة”.
وهذا المسجد، وهو واحد من حوالي 80 مسجداً في برلين، أقيم في الطابق الثالث من مبنى تابع للطائفة البروتستانتية ويضم أيضاً كنيسة ودار حضانة، في خطوة أراد منها المؤسسون التأكيد على انفتاح مسجدهم على الجميع.
ويؤكد المؤسسون أن كل تيارات الإسلام مرحب بها في هذا المسجد التقدمي الذي أطلق عليه عن قصد اسم “ابن رشد-غوتيه” تيمناً بكل من الفيلسوف والطبيب الأندلسي الشهير، والكاتب والمفكر الألماني فولفغانغ غوتيه.
وبذلك فإن المسلمين السنة والشيعة والعلويين والإسماعيليين.. هم جميعاً موضع ترحيب في هذا المسجد الذي يفتح أبوابه أيضاً أمام المثليين.
ويقول الخبير الألماني في الشؤون الإسلامية عبد الحكيم أورغي إن “هذا المسجد يتيح أمام المسلمين إمكانية التعريف عن أنفسهم بطريقة جديدة (…) سنعمل على نزع الصبغة السياسية عن الإسلام لأن الدين شأن خاص”.
وجرت الصلاة في حين انتشر أمام المبنى عناصر من الشرطة في إجراء احترازي على الرغم من أن مؤسسي المسجد أكدوا أنهم لم يتلقوا أي تهديد مع علمهم أن ما يقومون به ليس موضع ترحيب من كثيرين.
وألمانيا التي تعد أكثر من أربعة ملايين مسلم تعرضت في الآونة الأخيرة لهجمات جهادية عدة ولا سيما في 19 كانون الأول حين دهس جهادي يقود شاحنة جمعاً من المارة في سوق للميلاد في برلين موقعاً 12 قتيلاً.
وأدى تدفق أكثر من مليون لاجئ على ألمانيا، غالبيتهم العظمى من المسلمين، منذ 2015 إلى تأجيج مخاوف بعض الألمان ولا سيما حين تبيّن أن بعض الجهاديين استغلوا موجة الهجرة هذه للتسلل في صفوف هؤلاء اللاجئين.