رجال الاعمال الاردنيون يشجعون التطبيع مع اسرائيل رغم المعارضة الشعبية الواسعة
في تقرير نشره امس الاول, القى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ضوءا حول تطور التعاون الاقتصادي بين الحكومة الأردنية وإسرائيل، وانعكاسه على نظرة الأردنيين إلى التطبيع مع دولة الاحتلال.
وقال التقرير الذي أعده الباحثان بمعهد واشنطن، هيثم حسنين، وأرييه ميلمان: “بينما ترى بعض النخب الأردنية قيمة في إقامة علاقة متبادلة المنفعة مع إسرائيل، إلا أن نسبة كبيرة من الجمهور لا تزال تعارض التطبيع الاقتصادي الكامل مع الدولة اليهودية”، مؤكدا أن سبب ذلك هو استمرار الصراع الإسرائيلي -الفلسطيني.
وتوقع التقرير أن يؤدي انفتاح مجتمع الأعمال الأردني المتزايد مع إسرائيل وما نتج عنه من عدة مشاريع كبرى، إلى تمهيد الطريق نحو التطبيع الاقتصادي الكامل بين البلدين، فضلا عن زيادة المشاركة الأردنية في عملية السلام الإسرائيلية- الفلسطينية.
وأشار التقرير إلى المحادثات التي تجرى لفتح معبر حدودي جديد بين إسرائيل والأردن بالقرب من البحر الميت، قائلا إن هذا المشروع يمكن أن يمهد الطريق أمام الأردن لكي يكرر برنامج واسع تم إطلاقه من قبل الحكومة الإسرائيلية في عام 2014، والذي جلب 1,500 أردني للعمل في الفنادق في منتجع مدينة إيلات الإسرائيلية”.
وأوضح التقرير أن البرنامج يتم تنظيمه بإحكام، “حيث ينام العمال الأردنيون في ثكنات مجاورة تابعة للشركات، مع حظر تجوال صارم، على الرغم من أنهم يتقاضون الحد الأدنى من الأجور الإسرائيلية، التي تعادل أربعة أضعاف ما قد يحصلون عليه في الأردن”.
وتابع: “حتى الآن، لم تكن هناك أي نكسات كبرى مع البرنامج، ويمكن أن يعمل معبر البحر الميت الجديد بطريقة مماثلة، وأن يوفر للأردنيين وظائف جديدة في المنتجعات والمصانع في المنطقة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن لهذه المبادرة أن توفر فرصة للأردنيين للقاء الإسرائيليين وجها لوجه، وتبديد بعض المعتقدات الأكثر تشددا التي قد تكون لديهم حول جيرانهم”.
وأكد التقرير أن المركز الأردني للدراسات الإسرائيلية، (وهو مركز أبحاث مستقل تم تأسيسه في عام 2014)، يسعى إلى توسيع هذه المبادرات، وينصب هدف المركز في دراسة إسرائيل بموضوعية لكي يتمكن الأردنيون من اكتساب فهم أعمق للسياسة والمجتمع الإسرائيلي.
وكشف التقرير أن هذا المركز يتعاون مع عدد من الجامعات ومعاهد البحوث الإسرائيلية لإرسال وفود من الطلاب الأردنيين إلى إسرائيل، لافتا إلى أن “المركز يهدف أيضا إلى استحداث برامج دائمة توفر لأعداد متزايدة من الأردنيين فرصة التفاعل وجها لوجه مع الإسرائيليين”.
وتوقع التقرير أن يؤدي تزايد فرص اللقاءات بين الأردنيين والإسرائيليين إلى بعض التحولات الصغيرة في تصورات الجمهور الأردني حول إسرائيل.
وأضاف التقرير أن هناك عددا من المشاريع الأخرى (الأردنية – الإسرائيلية) يمكن أن تؤدي دورا كبيرا في تحسين حياة الإسرائيليين والأردنيين على السواء، ومنها مشروع “بوابة الأردن”، ومشروع البحر الأحمر والبحر الميت بين إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية.
وأوضح أن مشروع “بوابة الأردن” قيد التطوير، من شأنه أن يُقيم منطقة للتجارة الحرة بين البلدين، وما سيترتب عليه من “إتاحة الفرصة لكلا الجانبين التمتع بحرية تدفق العُمال ورجال الأعمال والسلع والمواد الخام، ويوفّر جميع أنواع المزايا والامتيازات التنظيمية، مثل الإعفاءات من الضرائب على الشركات، والرسوم الجمركية، وضرائب الشراء، وضرائب القيمة المضافة، وضريبة الدخل، ورسوم التسجيل على أعمال البناء، والضرائب على الأراضي”.
واستطرد: “ستقع هذه المناطق في منتصف الطريق بين ميناء حيفا وعمّان، ليس بعيدا عن إربد، ثاني أكبر مدينة في الأردن، مما سيسهل الوصول إلى أوروبا والولايات المتحدة من الجانب الإسرائيلي، وإلى خليج العقبة ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ من الجانب الأردني، ولن يُسمح بدخول المنطقة إلا للأفراد المرخص لهم والزوار الذين تم التدقيق والتحقق منهم من قبل الحكومتين، وعلى الجانب الإسرائيلي من المنطقة، سيتم تطبيق القانون الإسرائيلي، بينما سيتم تطبيق القانون الأردني على الجانب الأردني منها”.
ولفت التقرير إلى أن مشروع البحر الأحمر والبحر الميت بين إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية والذي تبلغ قيمته 1.1 مليار دولار يهدف إلى توفير المياه إلى الأطراف الثلاثة، فضلا عن زيادة تدفق المياه إلى البحر الميت الذي يعاني من نضوب شديد.
وأكد معهد واشنطن، أن هذه الخطة ستؤدي إلى تحويل المياه من البحر الأحمر، وتحويل بعضها إلى مياه للشرب، ونقل المياه المتبقية شمالا إلى البحر الميت.
وذكر التقرير أنه “على الرغم من مرور 23 عاما على توقيع الأردن على معاهدة سلام مع إسرائيل، لا يزال الجمهور الأردني غير مرتاح تماما من زيادة التعاون الاقتصادي مع جارته الغربية”، قائلا إنه على الرغم من أن الأردن يواجه نقصا هائلا في موارد الطاقة، حيث يستورد 97 في المائة من احتياجاته من الطاقة، إلا أن صفقة الغاز التي تم توقيعها مع إسرائيل في الخريف الماضي بقيمة 10 مليارات دولار، أسفرت عن قيام احتجاجات شعبية واسعة النطاق حيث خرج الآلاف من الأردنيين إلى الشوارع للاحتجاج على الاتفاقية.