دريد لحام: سورية امنا ومن العار علينا خذلانها وقت الشدة
“الشجرة التي تتخلى عن جذورها بتيبس.. ووطني هو أمي، وإذا أمي مرضت بتركها وبدور على أم ثانية أو ببقى حدها وبرعاها لتشفى”، بهذه الجمل عاد الفنان السوري دريد لحام ليعبر عن رأيه عبر وكالة “سبوتنيك” الروسية، في حوار خاص يتحدث به عن رؤيته لحال الفن السوري، ودور الفن بوجه عام في مواجهة الإرهاب.
وعن الأزمة السورية بآراء يراها البعض صادمة، وإن عكست في مجملها تلخيصاً لقناعات لم تتغير أو تتبدل عبر سنوات الأزمة، حيث يؤكد أنه تم في سوريا تحريف مسار الأزمة من قبَل أمريكا وإسرائيل لتتحول إلى خطوات تدميرية.
سبوتنيك: هل نجحت الأعمال الفنية السورية برأيك في رصد وتوثيق ويلات الحرب داخل سوريا؟
الفنان: تم تقديم مسلسلات عديدة عن الحرب داخل سوريا، ولكنها كانت عبارة عن تصوير لما يحدث، من دون مناقشة الأسباب التي أودت لهذه الحالة، وأرى أن الخلاص من الإرهاب ودحره لن يتم إلا بمعرفة الأسباب التي ولدته، وأهمها في رأيي مسألة غياب العدالة الاجتماعية في العالم العربي، لأن الإنسان عندما يشعر بفقر وظلم في وطنه، فهذا من الممكن أن يجرفه نحو منطقة الإرهاب، ولذلك تعد العدالة الاجتماعية المفقودة بمثابة السبب الأكثر أهمية لنشوء الإرهاب وإيجاد حاضنات له.
سبوتنيك: ما دور الفن في مواجهة الإرهاب؟
الفنان: الفن يحمل رسالة في كل زمان ومكان، ولكن المهم نجاح هذه الرسالة، التي تتوقف على مدى جدية المشاهد في تلقيها، وإذا تحدثنا بصراحة سنجد أن المتلقي يشاهد الأعمال الفنية على سبيل التسلية لا الاستيعاب، وإلا كانت فلسطين تحررت بمساهمة المسلسلات التي تناولت القضية الفلسطينية، حيث بات الجمهور يميل لمتابعة المسلسلات وأداء ممثليها، وتنتهى المسألة لديهم عند هذا الحد، ومن هنا أرى أن الفن إذا تمت معاملته من منطق المشاهدة فقط فلن يؤدى أي رسالة.
سبوتنيك: ما تقيمك للدراما السورية؟
الفنان: الدراما السورية ما زالت تحتل موقعاً متميزاً وما زالت الدول العربية ترغب بها، رغم الظروف الأمنية والقذائف على دمشق، فبعض مواقع التصوير سقوط قذائف، ما تسبب في جرحى ومصابين، ولكنهم لم يتوقفوا عن التصوير، بل ارتاحوا قليلاً لتمالك أعصابهم، وعادوا بعدها لاستكمال التصوير.
سبوتنيك: يطلب كثيراً من الفنانين التوضيح عن حقيقة الحرب في سوريا، ما رأيك بهذا الموضوع؟
الفنان: للأسف أصبح لدينا انقسام وشرخ مع الأسف الشديد، ولا أجد حرجاً عندما أقول إننا أصبحنا إرهابيين، بعدم تقبلنا للرأي الآخر، ولعدم سماعنا لبعضنا البعض طوال الوقت، حيث تحولنا إلى جبهتين، إحداهما لا تشاهد المعروض على بعض المحطات الفضائية، لأنها لا تمثل أهواءها الشخصية، والأمر ذاته بالنسبة للجانب الآخر، ومن هنا باتت الحقيقة غائبة.
سبوتنيك: ما أبرز الصعوبات التي وقفت بطريقك خلال مشوارك الفني؟
الفنان: لقد فشلت في بداية الطريق والجمهور لم يتقبل الشخصية التي قمت بتمثيلها ولكن أنا شخص صبور وعنيد، وعندما خضت أولى تجاربي في مجال تقديم البرامج التلفزيونية، طالب البعض بإيقافه، ولكني لم أستسلم رغم المعاناة التي واجهتها على مدار مسيرتي الفنية، خاصة أنني أحب مقولة للسيد/ ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا إبان الحرب العالمية الثانية، قال فيها: “النجاح هو الانتقال من فشل إلى فشل دون أن تفقد الحماس” بمعنى أنك مهما فشلت لا تستسلم، ولا بد أن يتملكك الحماس طوال الوقت، وتحاول من جديد.
سبوتنيك: لم يراودك فكرة اعتزال الفن أو التوقف عن العمل به؟
الفنان: مستقبلي أصبح خلفي وليس أمامي لذلك علي أن أحافظ عليه وأن أعمل شيئا يضعف إنجازاتي، لذلك لم يخطر أبداً في ذهني ترك الفن رغم أنني خريج كلية الكيمياء وأنا مدرس بجامعة دمشق، وكان عملي في الفن مخاطرة بعملي بشكل كامل، ولكن لم استسلم وتابعت وسأتابع، فالفنان يبقى ملعبه مفتوحاً حتى آخر العمر.
سبوتنيك: تم توجيه لك العديد من الأخبار والشائعات عبر مواقع التواصل…هل أثرت عليك وفكرت بتغيير موقفك والخروج من سوريا بعيداً عن ضجيج الحرب؟
الفنان: لا أهتم أبداً بما يقال على مواقع التواصل، كما أنني لا أمتلك صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وأنا أعد معارضاً للفساد وموالياً لسوريا، وهذه الجملة تلخص موقفي السياسي بالكامل، وبالتالي لست مسئولاً عما ينسب لي من تصريحات على هذه المواقع، التي أعتبرها بمثابة مواقع للتخريب الاجتماعي وليس للتواصل، في ظل تعمد بعض الأشخاص كتابة تصريحات مسيئة.
سبوتنيك: في شهر رمضان كريم مالذي تحب أن توجهه للعالم العربي بشكل عام وللسوريين بشكل خاص عبر وكالة سبوتنيك الروسية؟
الفنان: أرغب أن أقول في أمل ببكرى يكون أحلى…لذلك علينا أن نبقي الأمل أمام أعيننا وأن لا نستسلم للحرب التي خربت كل الأِشياء الجميلة التي صنعنها في الماضي، فالمستقبل القادم سيكون جميل أكيد…
يذكر أن الفنان السوري دريد لحام من الفنانين الكبار، الذين قدموا للدراما السورية أعمالاً تلفزيونية هامة تتناول البيئة الشامية ببساطتها وتقاليدها من خلال مسلسلي صح النوم وحمام الهنا، أضحك خلالها جمهوره العريض كثيرا, وهو من مواليد دمشق 9-2-1934 من أب سوري وأم لبنانية من مدينه مشغرة، في البقاع الغربي.
تخرج من جامعة دمشق عام 1959 يحمل ليسانس في العلوم الكيميائية ودبلوم في التربية, عمل أستاذا لمادّه الكيمياء المخبرية في جامعه دمشق حتى عام 1961 حيث تفرغ للفنون, يحمل وسام الاستحقاق السوري بدرجة امتياز ووسام الكواكب الأردني و الثقافة التونسي والعديد الأوسمة والجوائز وشهادات التقدير من الجاليات العربية في العالم والبلاد العربية, تم اختياره سفيرا لمنظمة اليونيسف في منطقة الشرق الأوسط.
رصيده الفني حافل بالأعمال الخالدة في المسرح والتلفزيون والسينما العربية، فمسرحية غربة وتجارب مسرحية أخرى كثيرة ومسلسل صح النوم وحمام الهنا وأبو الهنا… سينمائيا مثل الحدود وكفرون وغرام في اسطنبول وإمبراطورية غوار وأعمال اخرى لازالت شاهدة في وجدان جمهوره العريض على لسان الفنانين، مما يثير حفيظة الجمهور ضدهم.