مصدر قطري يخلع السعودية من قيادة المنظومة الخليجية

رأى “مركز الجزيرة للدراسات” أن “الأزمة الخليجية، ومهما كان مصيرها، وضعت نهاية لفكرة القيادة السعودية للمنظومة الخليجية والعربية، التي طُرحت بقوة بعد التراجع الهائل في وضع مصر وانهيار كل من العراق وسورية”.

وقال المركز في تقرير له اليوم الخميس: “المشكلة هنا لا تقتصر على خلافات السعودية مع دول خليحية أو عربية أخرى، ولكنها تتعلق أيضًا بردِّ الفعل الشعبي، الخليجي والعربي، على مستوى الحملة التي تعهدتها وسائل الإعلام السعودية وطبيعة القرارات التي اتخذتها السعودية وشركاؤها ضد دولة خليجية وعربية شقيقة أخرى”.

وأضاف: “خلال هذه الأزمة، بدت السعودية، ليست كشقيقة كبرى تحرص على أخذ مشاغل إخوتها بعين الاعتبار واحترام استقلالهم كما يحترمون هم استقلالها، بل كدولة تسعى للهيمنة وفرض الوصاية، تبعث الخوف والخشية وليس الثقة والاطمئنان”.

وحسب ذات التقرير فإن “تداعيات هذه الأزمة تمتد أيضًا إلى صورة الولايات المتحدة الأمريكية في العالم؛ حيث ترتبط الولايات المتحدة مع قطر باتفاقيات استراتيجية سمحت الدوحة للولايات المتحدة بإقامة قاعدة العديد الجوية ثم القيادة المركزية، وظلت قطر ملتزمة بهذا الاتفاق منذ بداية التسعينات من القرن الماضي، رغم المخاطر المحتملة التي كانت تحدق بها، مثل ردود الفعل الانتقامية من إيران أو الجماعات المسلحة الناقمة من الأعمال العسكرية الأمريكية. وستتابع دول العالم حاليًّا باهتمام بالغ الموقف الأمريكي من قطر لمعرفة ما هي القيمة الحقيقية للالتزام الأمريكي نحو أمن الحلفاء”.

وأكد أن “انكسارًا حقيقيًّا وقع في العلاقات القطرية ـ السعودية، ربما يفوق حتى الانكسار في العلاقات القطرية ـ الإماراتية، وأنَّ قدْرًا ملموسًا من فقدان الثقة ترسَّب في رؤية كل من الرياض والدوحة للأخرى”.

وأوضح تقرير المركز “أن قطر تستطيع الصمود أمام الإجراءات التي اتخذتها بعض الدول الخليجية ضدها؛ لأنها تمتلك احتياطيات كبيرة، وخيارات واسعة للاستيراد، ومنافذ بحرية وجوية عديدة، وشركاء اقتصاديين كبارًا يرتبطون معها باستثمارات كبيرة وبعقود حيوية مثل استيراد الغاز. كما أن الحكومة القطرية اتخذت إجراءات لمواجهة وضع حصار شبيه بالوضع الحالي منذ أزمة 2014”.

ولم يستبعد التقرير أن تنجح الوساطة الكويتية، بدعم من عُمان وتركيا، في احتواء الموقف، ومنع التصعيد، ومن ثم إيجاد مخرج ما، خلال أسابيع أو شهور، لكنه قال: “قطر، على وجه الخصوص، لن تنسى اللغة التي استُخدمت في الحملة الإعلامية ضدها، ولا أن السعودية فرضت عليها حصارًا قُصد به تجويع سكانها، وقطع صلات الرحم الوثيقة بين شعبي البلدين”.

وأضاف: “سيصعب عودة العلاقات القطرية ـ السعودية إلى طبيعتها، خاصة أنها ضربت كل الإنجازات التي حققها مجلس التعاون الخليجي منذ نشوئه، مثل حرية تنقل الأفراد، والعلاقات البنكية، وغيرها من الإنجازات على قِلَّتها”.

وأشار التقرير إلى أن “ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد ابوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات محمد بن زايد يريدان استسلامًا قطريًّا، وتحكمًا كاملًا في قرار الدوحة الخارجي والداخلي، على السواء”.

وقال التقرير: “حتى إن وافقت قطر على تقديم تنازلاتٍ ما لصالح إنجاح جهود المصالحة وخفض التوتر الخليجي، فلن تتخلى القيادة القطرية مطلقًا عن قرارها المستقل؛ لأنه يعرِّض أمن بلادها ورفاهية شعبها لخطر كبير”.

ورأى التقرير أن “معسكر الرياض و(أبو ظبي) سيجد صعوبة في إلزام قطر بشروط لا يلتزمون هم بها، مثل فرض الوصاية على علاقات قطر الخارجية بينما تتدخل أبو ظبي في الشأن الليبي والشأن اليمني، وتدعم محمد دحلان المناهض للسُّلطة الفلسطينية، وتعطي لنفسها حق مخالفة السعودية مثلًا في الملف اليمني. فلماذا تعطي الإمارات نفسَها هذه الامتيازات وترفضها لغيرها؟”.

ولفت التقرير أن “الأزمة الخليجية الحالية تطرح شكوكًا ثقيلة الظل على مستقبل مجلس التعاون الخليجي، في المديين القصير والمتوسط، على الأقل، وعلى فعالية المجلس وتعبيره عن إرادة خليجية موحدة”.

وكانت السعودية ومصر والإمارات والبحرين قد قطعت يوم 5 من حزيران الجاري العلاقات الدبلوماسية مع قطر، واتهمتها بـ “دعم الإرهاب” في أسوأ صدع تشهده المنطقة منذ سنوات، بينما لم تقطع الكويت وسلطنة عمان علاقاتهما مع الدوحة.

وحسب بيانات الدول الأربع، فإن قرار مقاطعة قطر، يشمل إغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية، ومنع العبور في الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية لتلك الدول، والبدء بالإجراءات القانونية الفورية للتفاهم مع الدول الشقيقة والشركات الدولية لتطبيق ذات الإجراء.

ونفت قطر الاتهامات، وقالت إنها تواجه حملة افتراءات وصلت حد الفبركة الكاملة بهدف فرض الوصاية عليها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى