المستوطنات الاسرائيلية بالضفة مشروع خاسر مالياً وامنياً

اعتبر ضباط عسكريون سابقون في الجيش الإسرائيلي، أن المستوطنات اليهودية المقامة على أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة “لا تخدم المصالح الأمنية الإسرائيلية”.

ونقلت صحيفة “هآرتس” العبرية في عددها الصادر، امس الأحد، عن الضباط الإسرائيليين قولهم “إن وجود مدنيين إسرائيليين في المناطق الفلسطينية المحتلة، يثقل على الأمن القومي، لأن الجيش سيضطر لتكريس قوات كبيرة لحمايتهم، حتى في الأيام الاعتيادية نسبيًا”.

وتفيد نتائج استطلاع للرأي كشف عنها معهد الأبحاث الإسرائيلي “مولاد”، في تقرير له، بأن “أكثر من نصف الجمهور يعتقد بأن المستوطنات تدعم أمن الدولة”.

وجاء في التقرير، أن “فكرة المستوطنات تدعم الأمن القومي الإسرائيلي، قد صمدت في الماضي، إلا أنها لم تعد سارية اليوم؛ فالوجود المدني الإسرائيلي المنتشر في الضفة الغربية، لا يُسهم في الدفاع وإنما يثقل على قوات الأمن ويمتص قسمًا كبيرًا من موارد الجهاز الأمني ويضيف الكثير جدا من نقاط الاحتكاك، ويطيل خطوط الدفاع”.

ونقل التقرير على لسان ضابط رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي، قوله “حجم القوات التي يطالب الجيش بإرسالها للضفة الغربية، يصل إلى أكثر من نصف وأحيانًا لثلثي القوات النظامية في الجيش (…)، وحوالي 80 في المائة من القوات العاملة في الضفة الغربية تعمل في الدفاع المباشر عن المستوطنات، والبقية فقط منتشرة حول الخط الأخضر الفاصل بين الضفة الغربية واسرائيل”.

وذكر أن الجدار الفاصل ساعد على منع وصول العمليات لداخل الخط الأخضر، “لكن بناءه لم يستكمل بسبب معارضة قيادة المستوطنين لإخراج قسم من المستوطنات إلى ما وراء الجدار”.

وبحسب الضابط الإسرائيلي؛ فإن “الانشغال الكبير في نشاطات الأمن الجاري وإلى جانبه أعمال الدوريات في صفوف الجمهور المدني الفلسطيني، يأتي على حساب توجيه القوات للتدريبات والاستعداد للحرب”.

وقال “المنطق الأمني لإنشاء المستوطنات اعتمد على خطة ألون؛ التي تعود لسنوات السبعينيات، لكنها لم تعد على صلة منذ اختفاء خطر اجتياح عسكري عراقي- أردني من الجبهة الشرقية”.

وأضاف “التهديد الوحيد الذي بقي من الشرق هو الصواريخ الإيرانية، لكن المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل في الضفة، وبالتأكيد المستوطنات، لا توفر ردًا على هذا الخطر”.

وأوضح أن المشكلة الرئيسية التي تواجه الجيش في المناطق “خطر العمليات الهجومية”، مؤكدًا “كل نقطة استيطان مدني إسرائيلي إلى الشرق من الخط الأخضر تتحول لنقطة ضعف، والمستوطنات لا تساعد الجيش على محاربة الإرهاب، ومساهمتها في الجهد العسكري سلبي بشكل واضح (…)، هي أهداف متنقلة، مجاورة لبلدات فلسطينية ويسهل التسلل اليها وجمع معلومات”.

بدوره، ذكر مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية، غسان دغلس، أن إسرائيل روجت في السابق أن الهدف من إقامة المستوطنات أمني ولحماية مصالحها الأمنية فقط؛ غير أن “الهدف الحقيقي من الاستيطان وإقامة المستوطنات كان عقائديا ودينيا بالدرجة الأولى؛ فالمستوطنون والأحزاب اليمينية اليهودية يعتبرون الضفة الغربية المحتلة أرض الميعاد”.

وقال دغلس في حديث لـ “قدس برس”، “المستوطنون نجحوا في الترويج لهذه الفكر داخل المجتمع الإسرائيلي، كونهم باتوا يشكلون الأكثرية فيه، وصوتهم مسموع ولهم دور رئيسي داخل حكومة الاحتلال”.

الجدير بالذكر ان دراسة فلسطينية أعدها معهد الأبحاث التطبيقية (أريج) المتخصص بشؤون الاستيطان ومركز أبحاث الأراضي، قد اوضحت إن مساحة المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة عام 1992، وقبل عام من توقيع اتفاقية “أوسلو” كانت 77 كيلو مترًا مربعًا، وكان يقطنها آنذاك 248 الف مستوطن, فيما ازدادت مساحتها عام 2016 بنسبة 156 في المائة، عما كانت عليه في العام 1992، حيث بلغت 197 كيلو مترًا مربعًا، ويقطنها حاليًا 763 ألف مستوطن، ثلاثة أضعاف عددهم قبل أوسلو.

في حين كشفت منظمة إسرائيلية غير حكومية، امس، النقاب عن أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أنفقت 20 مليار دولار على بناء وتوسيع مستوطنات الضفة والقدس المحتلتين.

جاء ذلك في تقرير لمنظمة “مركز ماكرو للاقتصاديات السياسية”، حول الاستيطان، أوردته القناة “الثانية” في التلفزيون العبري، بمناسبة مرور خمسين عاما على احتلال إسرائيل للضفة الغربية.

وقالت المنظمة إنه “لا يتوفر أي رقم رسمي شامل حول المبالغ التي أنفقت على الاستيطان منذ 1967، فيما تحدثت وزارة المالية، التي تنشر سنويا جزءا من المبالغ المستثمرة، عن إنفاق 3.5 مليار دولار بين عامي 2003 و2015 في الضفة الغربية وحدها”, إلا أن روبي ناتانسون، المدير العام للمنظمة، قدر، في التقرير ذاته، أن “إسرائيل استثمرت 20 مليار دولار على الاستيطان خلال الخمسين عاما الماضية”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى