مسحراتي غزاوي يستعيض عن الطبلة التقليدية بسيارة اذاعية لايقاظ النائمين
غزة - قدس برس
لطالما ارتبط عمل المسحراتي خلال شهر رمضان بقرع الطبلة في إيقاع يوقظ من خلاله النيام لتناول طعام السحور قبل دخول وقت الصيام، إلا أن مسحراتي “حي الزيتون” بمدينة غزة اختار لنفسه وسيلة جديدة تعينه على إنجاز المهمة.
“سيارة الإذاعة” هي أحد التقاليد الإعلامية المرتبطة بالانتفاضة الفلسطينية الثانية، عام 2000، كانت تجوب شوارع القرى والمدن الفلسطينية لنعي الشهداء والإعلان عن فعاليات الانتفاضة، كما كانت تتقدم المسيرات ومواكب تشييع الشهداء؛ ومن هنا استوحى الفلسطيني “محمد صبحي ياسين” وسيلته الجديدة لعمل “مسحراتي حي الزيتون”.
يقول ياسين لـ “قدس برس”، إن فكرة استخدامه لسيارة الإذاعة (وهي عبارة عن حافلة نصف نقل من نوع فولكس، توزّد بسماعات لمكبرات الصوت، جاءته عام 2005، وناقشها مع مجموعة من أصدقائه الذين أشادوا بها وشجعوه على البدء بتطبيقها في العام ذاته.
ويضيف “بالفعل كان ذلك العام أول عام أخرج به في سيارة الإذاعة كي أقوم بإيقاظ الناس على السحور، دون استخدام الطبلة التي اعتاد الناس عليها”.
وحول آلية عمله، يوضح ياسين البالغ من العمر 49 عاما، أنه اعتاد مغادرة منزله قبل موعد أذان الفجر بساعتين، ليجوب بسيارته شوارع “حي الزيتون” و”حي صبرة” جنوب مدينة غزة، مناديا على أهاليه لإيقاظهم.
مرورا في شوارع “حي الزيتون” وأزقته، يستذكر ياسين العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، صيف عام 2014، والذي دام 51 يوما، كان معظمها في شهر رمضان الذي عمل خلاله وعاين في بعض لياليه عمليات قصف منازل الحي من قبل طيران الاحتلال الحربي، غير أنه أصّر على مواصلة عمله الذي قال إنه يجد فيه متعة كبيرة.
يروي المسحراتي لـ “قدس برس”، “من أصعب المواقف التي مررت بها هو بلوغي نبأ استشهاد نجلي رامي خلال الحرب الأخيرة؛ أثناء قيامي بعملي في إحدى الليالي الرمضانية التي عادة ما كان يشتد بها القصف الإسرائيلي لجنوب قطاع غزة، لدرجة دفعت بالأهل إلى أن يثنونني عن الخروج للمناداة إلى السحور ودعوتي لترك هذه المهمة لطائرات الاحتلال التي حرمت أهالي القطاع من النوم بقصفها المتواصل”.
ويضيف “في بعض الليالي، كنت أسير وحيدا بسيارة الإذاعة في الشوارع الفارغة، وأنادي على أهالي الحي كي يستيقظوا على السحور، غير أن الانفجارات كانت تُسمع من كل مكان ولا أعتقد أن أحدا من أهالي الحي قد نام لأوقظه”، وفق قوله.
من جانبهم، يثني مواطنو “حي الزيتون” على أداء “أبو رامي” (كنية ياسين)؛ إذا تحتشد مجموعة منهم أمام منازلهم كل ليلة، في انتظار المسحراتي لمشاركته بأداء بعض الفقرات عبر مكبرات الصوت؛ كالنشيد والمديح.
المسحراتي أو المسحر هو اسم يطلق على من يقوم بمهمة إيقاظ المسلمين خلال ليل شهر رمضان لتناول وجبة السحور.
والمشهور عن المسحراتي هو حمله للطبل أو المزمار ودقها أو العزف عليها بهدف إيقاظ الناس قبل صلاة الفجر وعادة ما يكون النداء مصحوب ببعض التهليلات أو الأناشيد الدينية.
ويعتبر الصحابي بلال بن رباح أول مؤذّن في الإسلام وابن أم كلثوم؛ هما أول من قاما بمهمّة إيقاظ النّاس للسّحور.
وأول من نادى بالتسحير “عنبسة ابن اسحق” سنة 228 هجرية، وكان يذهب ماشياً من مدينة العسكر في الفسطاط إلى جامع عمرو بن العاص وينادي النّاس بالسحور.