دكتاتور بنما كان عميلاً للموساد الاسرائيلي.. فماذا عن الدكتاتوريات العربية ؟
اعلن مصدر اسرائيلي امس الاول أن سفاح بنما، الدكتاتور مانويل نورييغا الذي رحل قبل أيام كان عميلا سريا لجهاز «الموساد» الاسرائيلي.
وكان نورييغا (83 عاما) قد أطيح به عام 1989 بعد عملية عسكرية أمريكية واسعة، وتمت محاكمته وسجن بعد إدانته بالتجارة بالمخدرات ومخالفات أخرى، وفي الأسبوع الماضي أعلنت وفاته.
وكشف الباحث الصحافي المختص في شؤون المخابرات رونين بيرغمان في صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن المخابرات الأمريكية سبق وجندته في مرحلة معينة في الماضي للعمل بصفوفها قبل اعتقاله، ولاحقا اعتمده الموساد عميلا كبيرا.
ويوضح بيرغمان أن رئيس وحدة « قيساريا» للعمليات الخاصة في الموساد مايك هراري، هو من جنّد الطاغية البنمي في نهاية ستينيات القرن الماضي.
وينقل بيرغمان عن هراري قوله إن بنما كانت دولة بلا ضرائب وفيها 180 ممثلية لمصارف عالمية، وفيها استثمارات هائلة، وإنه تعرف لاحقا عبر مبادرة وكيل محلي للموساد على قائد في الجيش مسؤول أمن المطار، عمر طوريخوس، الذي تبين أنه معجب بإسرائيل وقادتها خاصة موشيه ديان. وفي اللقاء الأول نتجت علاقة صداقة عميقة».
وفي عام 1968 نفذ طوريخوس انقلابا عسكريا وأمسك بالسلطة في بنما ومن وقتها تعززت علاقاته الثنائية مع إسرائيل وفتحت الأولى أبوابها أمام الثانية.
ويوضح هراري أن الموساد لم يكافئه بالمال بل بطرق أخرى كتقديم خدمات صحية نوعيه له ولعائلته كما ساعده في العثور على والد زوجته اليهودية الذي هجرها لزواجها من غير يهودي. ونجح الموساد في إقناع والدها بعد العثور عليه في الولايات المتحدة بالصفح عنها، وأشرف على لم شمل العائلة برعاية موشيه ديان شخصيا الذي كان يشغل حقيبة وزير الدفاع انذاك.
وكان نورييغا وقتها رئيس جهاز المخابرات لدى طوريخوس وما لبث أن ورثه بعد رحيله في ظروف غامضة، وواصل التعاون الاستخباراتي مع الموساد بالمستوى نفسه الذي كان حتى الآن. وبفضل مساعدات نورييغا قام الموساد بعمليات كثيرة لم تكن لترى النور لولاه.
ويقول هراري للصحيفة إن نورييغا وطوريخوس عملا بتجارة السلاح والمخدرات وتورطا بجرائم قتل.
وفي 1980 طلب هراري إنهاء عمله في الموساد لكن رئيس حكومة الاحتلال مناحيم بيغن رفض الاستقالة، غير أنه صمم عليها، ومن جهته اشترط بيغن لقبولها بأن يؤدي هراري خدمة احتياط ومواصلة تركيز العلاقة السرية مع رؤساء بنما.
ويوضح بيرغمان أن بيغن رأى في هذه العلاقة السرية ذخرا استراتيجيا لإسرائيل وأمنها. ووافق هراري على ذلك بعدما صار رجل أعمال في بنما خاصة في مجال مبادرات زراعية وأنظمة ري متقدمة. وواصلت بنما التصويت مع إسرائيل بشكل أعمى في الأمم المتحدة ضمن هذه العلاقة الخاصة معها. وفي منتصف ثمانينيات القرن الماضي تدهورت علاقات بنما مع الولايات المتحدة، وأمر رئيسها جورج بوش بشن حملة عسكرية عليها وإحكام السيطرة على منطقة القناة بين المحيطين. وقبل ذلك طلبت جهات أمريكية رسمية من رئيس حكومة إسرائيل إسحاق شامير أن يأمر هراري بالتدخل كوسيط بين واشنطن وبين الطاغية.
ويوضح بيرغمان أن هراري أبلغه قبل رحيله في 2014 أنه صاغ نصا لتسوية بموجبها يتنازل نورييغا عن الحكم بهدوء والانتقال مع ثروته لدولة أخرى كلاجئ، لكن خلافات أمريكية داخلية حالت دون إتمامها.
وفي 1989 شنت الولايات المتحدة حملة عسكرية على بنما وبحثت هناك عن نورييغا وعن هراري الذي كانت على قناعة أنه مستشاره الأقرب واتهمته هو الآخر بالتورط بالمشاركة بتجارة السلاح والمخدرات مع الطاغية البنمي. ولاحقا حكم على نورييغا بالسجن المؤبد لكن هراري نجح بالهرب في غواصة إسرائيلية حضرت لتهريبه، كما اعتقد الجانب الأمريكي.