الكشف عن كتاب مجهول للاديبة المصرية لطيفة الزيات
مؤخرا صدر عن المركز القومي للترجمة بالقاهرة، كتاب “حركة الترجمة الأدبية من الإنجليزية إلى العربية في مصر (1882 – 1925)، ومدى ارتباطها بصحافة هذه الفترة”، للكاتبة المصرية لطيفة الزيات (1923 – 1996)، من إعداد وتقديم الدكتور خيري دومة، أستاذ الأدب الحديث بكلية الآداب جامعة القاهرة.
ويشير دومة في مقدمته الوافية إلى أن الكتاب هو في الأصل رسالة الكاتبة لطيفة الزيات للحصول على درجة الدكتوراه، والتي: “نوقشت بقسم التحرير والترجمة والصحافة، بكلية الآداب جامعة القاهرة عام 1957، لكنها على أهميتها، ولأسباب غير مفهومة، لم تُنشَر إلى اليوم”.
ويضيف خيري دومة في مقدمته عن ملابسات عثوره على هذه الدراسة المجهولة للطيفة الزيات قائلاً إن “قصة العثور على نسخة من هذه الرسالة، ربما تشير إلى ما تواجهه ثقافتنا العربية الحديثة من نقص مرعب في المعلومات البديهية والأولية، فقد عرفت بأمر هذه الدراسة لأول مرة من كتاب أستاذي الكبير الراحل عبد المحسن طه بدر “تطور الرواية العربية الحديثة في مصر”، وهو الآخر كان رسالة دكتوراه صدرت لأول مرة عام 1963، وقد اعتمد فيها عبد المحسن طه بدر اعتماداً كبيراً على رسالة لطيفة الزيات المخطوطة في مكتبة جامعة القاهرة، خصوصاً في الفصل الكبير المهم الذي عقده لما أسماه “رواية التسلية والترفيه”. وعبثاً بحثت في كل اتجاه عن احتمالية أن تكون رسالة لطيفة الزيات هذه قد نشرت في كتاب، نظراً لأهميتها ولمرور وقت طويل على إنجازها، ولما لم أعثر لها على أثر بين الكتب المنشورة، اقترح علي أستاذي العزيز وتلميذها المقرب سيد البحراوي أن أسأل واحداً من القريبين إلى جيلها وممن عاصروا الفترة التي نوقشت فيها رسالتها، الدكتور محمد عناني المترجم الكبير والأستاذ بقسم اللغة الإنجليزية. وجاءتني الإجابة أخيراً من الأستاذ الكبير: أن لطيفة الزيات حصلت على رسالتها من “معهد الصحافة العالي”.
وجاءت رسالة لطيفة الزيات لنيل درجة الدكتوراه في 6 أجزاء رئيسية، وحملت العناوين التالية: “حركة الترجمة والعوامل الفاعلة فيها”، وهو القسم الأول من الرسالة، وفيه بدأت لطيفة الزيات بالبحث في: “حركة الترجمة الأدبية قبل الاحتلال البريطاني”، ثم “نشأة حركة الترجمة الأدبية عن الإنجليزية في ظل الاحتلال البريطاني لمصر”، فـ”العوامل السياسية والاجتماعية والثقافية التي أثرت في حركة الترجمة الأدبية عن الإنجليزية في الفترة 1882 – 1925”.
وحمل القسم الثاني عنوان “القصص” وتناولت فيه الزيات: “تطور القصص الإنجليزي – الرواية والقصة القصيرة، مع عرض ونقد نماذج منها، متتبعة “مراحل تطور أسلوب وترجمة القصص، فيما تناولت الزيات في القسم الثالث من دراستها المجهولة “تطور المسرح في مصر في فترة البحث”، متتبعة كذلك مراحل تطور ترجمة المسرحية المترجمة وتطور أسلوب المسرحية المترجمة ثم علاقة المسرحية بالصحافة آنذاك، وفي القسم الرابع ركزت الزيات على “الشعر المترجم”، فرصدت تطور الشعر الإنجليزي ونماذجه المترجمة إلى العربية، وفي القسم الخامس تناولت النثر الفني اللاروائي المترجم، فدرست تطور المقال في الأدب الإنجليزي ثم علاقة النثر الفني اللاروائي بالصحافة. أما آخر أقسام الكتاب، فتناولت فيه لطيفة الزيات مراحل واتجاهات حركة الترجمة والصحافة.
وفي ختام مقدمته للكتاب النادر، يشير الدكتور خيري دومة أستاذ الأدب العربي الحديث بجامعة القاهرة، إلى أن لطيفة الزيات حين حصلت على درجة الدكتوراه عن رسالتها هذه في تموز 1957: “لم تكن دراسات الترجمة قد ازدهرت على النحو الذي نراه اليوم. ولم يكن بين يدي القراء العرب بحوث علمية حول حركة الترجمة أو تاريخها. لم يكن لدى القراء سوى دراسات ثلاث، كلها صدرت في السنوات العشر السابقة على دراسة لطيفة الزيات. ولم تكن هناك دراسة واحدة تركز على الترجمة الأدبية بكل ما مثلته من تحول في الثقافة العربية الحديثة، وبكل ما تركته من آثار في الأدب العربي الحديث بموضوعاته وأشكاله وأساليبه”.
قدمت لطيفة الزيات العديد من الأعمال الروائية والنقدية المهمة خلال مسيرتها مع الكتابة، وكانت روايتها “الباب المفتوح” 1960، والتي تحولت إلى فيلم من بطولة السيدة فاتن حمامة سنة 1963، من أشهر أعمالها الأدبية، إلى جانب سيرتها الذاتية “حملة تفتيش، أوراق شخصية”، والتي صدرت سنة 1992.