صحيفة محمد بن سلمان تصف قطر بـ”إمارة للانقلابات والخيانات واللعب بالنار”
انتقد وزير الخارجية القطرية محمد عبد الرحمن، إساءة صحيفة «الاقتصادية» للشيخة «موزة» والدة أمير قطر «تميم بن حمد» وزوجة الأمير الأب «حمد».
وفي تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي، لفت «عبد الرحمن»، إلى الإساءة دون ذكرها صراحة، ونقل مقوله الإمام «علي بن أبي طالب»، رابع الخلفاء الراشدين، حين قال: «كل جراحةٍ فلها دواءٌ.. وسوءُ الخلقِ ليسَ له دواءُ».
وأمس، نشرت صحيفة «الاقتصادية»، تغريدة قالت فيها: «منذ الانقلاب استخدم حمد زوجته موزة واجهة للمشاريع ذات الطابع التغييري للمجتمع، خشية من ردة فعل الشعب القطري»، وهي التغريدة التي اعتبرها مغردون أنها إساءة لقطر وأميرها الحالي والسابق.
يشار إلى أن صحيفة «الاقتصادية»، تعد أحد أشرس الصحف السعودية، المهاجمة لقطر، وأميرها خلال الأزمة الأخيرة، وهي جزء من الشركة «السعودية للأبحاث والنشر»، التي تأسست عام 1972، واستحوذ «بن سلمان» على أكثر من نصف أسهمها، في تشرين الثاني 2015، من الأمير «الوليد بن طلال».
ففي مقال لها اليوم قالت “الاقتصادية” تحت عنوان ” قطر منذ التأسيس .. إمارة للانقلابات والخيانات واللعب بالنار”
** انتهجت قطر منذ تأسيسها سياسة الانقلابات بين أفراد الأسرة الحاكمة، فما بين منقلب ومنقلبا عليه يظهر الوجه الآخر لإمارة اعتادت اللعب على تناقضات المنطقة، وتفريق الشمل والخروج عن الصف الخليجي، هذا ما أكده الكاتب آلين جي فرومهيرز، البرفيسور المساعد في التاريخ في جامعة ولاية فيرجينا الأمريكية والاستاذ السابق في جامعة قطر، في كتابه” التاريخ الحديث لقطر”.
وقد رصد الكاتب فرومهيرز في كتابه، تقليد انتقال الحكم في قطر “إمارة الانقلابات”، للابن المفضل بدلا من البكر، جعل الأسرة الحاكمة القطرية عرضة للانشقاقات، مشيرا إلى أن هذا التقليد كان أحد أسباب انقلاب والد الأمير الحالي لقطر على والده بعدما راودته الشكوك حول تفضيل أحد إخوانه عليه.
وأوضح “فرومهيرز”، أن حمد بن خليفة حيّد أخيه الشيخ عبدالعزيز بن خليفة وزير المالية بعد تنامي نفوذه ونجح في تجميده عام 1992. ويتناول فرومهيرز ، في كتابه، تاريخ قطر منذ تأسيسها ككيان سياسي إلى اليوم، محاولة الشيخ خليفة إعادة ابنه الشيخ عبدالعزيز لدوره في الساحة القطرية، وهي المحاولة التي أدت إلى وقوع انقلاب عام 1995 الذي قاده حمد مستخدما سلطته على الجيش. ومنذ انقلاب حمد، حسب الكتاب، يتولى حمد بن جاسم بن جبر وزير الخارجية السابق ملف الدبلوماسية المعتمدة على اللعب بالنار.
ويؤكد “فرومهيرز” أن قطر كانت موطنا لقبائل مختلفة لا يجمعها حلف قبلي ولا زعامة موحدة لكن الحماية الخارجية دعمت وضع آل ثاني. وتشير الوثائق البريطانية إلى وجود زعامات أقوى من آل ثاني، لكن اتفاقية الأسرة مع البريطانيين منحتهم التفوق، وأن الحماية الخارجية دعمت وضع آل ثاني كحكام لقطر في وجه بقية القبائل القطرية.
يقول “فرومهيرز ” مستندا إلى وثائق إن 40 في المائة من عوائد النفط توزع على أسرة آل ثاني، في ظل عدم قدرة القبائل الأخرى على مواجهة الحكم المدعوم من بريطانيا. ويرى “فرومهيرز” أن احتفاء القيادة القطرية الحالية بمعركة الوجبة ضد العثمانيين له علاقة بصراع الأجنحة في أسرة آل ثاني، وهو الاحتفاء الذي يستغله وزير الخارجية السابق حمد بن جاسم في الصراعات داخل الأسرة.
ويأتي الرصد التاريخي للكاتب في هذا الكتاب متسقا مع السياسة القطرية اليوم والتي تعتمد على اللعب بالنار “الممتعة” كما قال وزير خارجيتها السابق حمد بن جاسم، وأيضا ترتكز على التنقل من طرف لآخر واللعب على تناقضات المنطقة، فبينما كان الخليج ينتظر ردا حاسما من قبل تميم أمير قطر يوضح طبيعة العلاقات مع طهران لا طبيعة الاختراقات، تفاجأ الجميع برسالة تهنئة تحمل كثيرا من مشاعر الود تجاه الرئيس الإيراني روحاني. إذ تجاوزت البروتوكولات الرسمية الاعتيادية لتعبر عن تبعية وخضوع واضحين بغرض استمالة الجارة الفارسية وإرضائها عبر تجريد الخليج من عروبته ووصفه بالخليج الفارسي. وكما تحمل هذه التسمية تبعية واضحة فهي بالنسبة لكثير من المراقبين رسالة سياسية للأشقاء الغاضبين بأن الدوحة لن تتراجع عن قرارها المبيت بشق الصف الخليجي والعربي لصالح إيران والاستقواء بها.
حيث الاستقواء بالآخرين سياسة قديمة لم تخل منها تصريحات تميم الأخيرة إذ استقوى بالقاعدة الأمريكية تجاه جيرانه ووصفها بالضامن الوحيد. وها هو يهرول تجاه إيران بعدما أعلنتها الرياض ومن معها من دول العالم صراحة في قممها الثلاث: “لا ضامن للإرهاب ولمن يحمي الإرهابيين”.
فلم تجد الدوحة في هذه الحالة المكشوفة غير طهران راعية الإرهاب لتستقوى بها، فقد غابت عن المشهد سياسات أوباما الانسحابية. وحضرت سياسات ترمب الأكثر حزما وصلابة تجاه التفاوض مع الجماعات الإرهابية أو حتى استخدامها كذرائع للمقايضة السياسية لدرجة لوحت فيه القيادة الأمريكية بنقل قاعدة العيديد الأمريكية. ومن سياسة اللعب بالنار التي لا ينكر وزير الخارجية الأسبق حمد بن جاسم الراعي الأكبر لدعاية قطر الإعلامية “إثارتها واستمتاعه بها” إلى سياسة الاستقواء بالآخرين.
عاشت حكومة الدوحة عقدين من التذبذب السياسي والقرارات الخاطئة تجاه شعبها وأشقائها. ظنا منها أن هذه الطريقة مع شيء من إعلام الصراخ العالي و”الاتجاه المعاكس” الذي لا يقدر رموز الآخرين ولا يوقرها من شأنه أن يهبها دورا أكبر وأن يخيف الآخرين منها. بينما الحقيقة أنها اليوم في طريقها لعزلة حارقة تشبه عزلة طهران، لتكتوي الدوحة بالنار ذاتها التي كان يستمتع بها وزير خارجيتها الأسبق.