انتصار ايار عام 2000 مفتاح انتصارات محور المقاومة

التاريخ لا تصنعه الصدفة ولا هرولة المهرولين المفرطين المستسلمين, بل تصنعه إرادة المقاومين وعظمة الشهداء الذين يسطرون أروع الملاحم الكفاحية في حياة شعبهم وأمتهم ليخلدهم التاريخ في ذاكرة الأمة.

نعم لقد تمكن أبطال المقاومة الوطنية اللبنانية من مراكمة الإنجازات في مواجهة العدو الصهيوني حتى توّجت في الخامس والعشرين من أيار عام 2000 بالملحمة الكبرى التي تمثلت بدحر قوات الاحتلال الصهيوني عن معظم الاراضي اللبنانية المحتلة في الجنوب اللبناني المقاوم, فاستحق هذا اليوم المشهود أن يكون عيداً للمقاومة والتحرير صنعه رجال المقاومة الوطنية اللبنانية بكل قدرة واقتدار لتثبت للعدو قبل الصديق والشقيق أن نهج المقاومة هو الخيار الاستراتيجي الوحيد القادر على كسر شوكة العدو الصهيوني المحتل الذي لا يعرف إلاّ لغة القوة, بعدما فكك حزب الله بقيادته التاريخية بقيادة سماحة السيد حسن نصر الله كل المعادلات الصهيونية العنصرية الوهمية ومحرماتها بدعم ومساندة كل شرفاء الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم وفي مقدمتها سورية الصمود وإيران وشركاء الدم من المقاومين الفلسطينيين.

لقد اسس هذا النصر العظيم لانتصارات تموز على العدوان الصهيوني عام 2006 وفرض الهزيمة على قوات تحالف الشر الغربي في العراق بقيادة العدو الصهيوامريكي وصمود الشعب الفلسطيني المقاوم في مواجهة العدوان الصهيوني على قطاع غزة المحاصر, وكل هذه الانتصارات والصمود الاسطوري لشعبنا وشرفاء امتنا في محور المقاومة والصمود بفضل دعم ومساندة سورية حاضنة المقاومة والجمهورية الاسلامية الايرانية, وهذا ما جعل حزب الله المقاوم يظهر قدرة واقتدار عظيمين في التقاط دقائق الظروف وتشخيص ملابساتها واستيعاب الواقع بكل تجلياته وتناقضاته وتعقيداته ليحدد بشكل واضح وصريح ماذا يريد من هذه المقاومة ؟  وما هي حدود أهدافها التكتيكية والاستراتيجية في زمن تكالبت معظم الأنظمة العربية المتصهينة وفي مقدمتها النظام الوهابي التكفيري السعودي المتصهين والنظام الاردغاني التركي والنظام الاخونجي القطري على سورية وايران بدعم ومساندة تحالف الشر الغربي بقيادة العدو الصهيوامريكي لتفكيك محور المقاومة بعدما هدد الكيان الصهيوني بشكل جدي .

كلنا يعلم ان هذا هو سبب الحرب الشرسة على سورية التي دخلت عامها السابع وما زالت مستمرة لكن سورية صمدت بوحدة الشعب والجيش والقيادة بقيادة الرئيس بشار الاسد مما اغاض هذه الانظمة وفي مقدمتها النظام الوهابي السعودي الذي وضع كل امكانيات الشعب في الجزيرة العربية تحت تصرف الرئيس الامريكي ترامب الذي ارعب اركان هذا النظام قبل ان يصل الى البيت الاسود الامريكي في حملة الانتخابية التي شن خلالها حملة معادية وشرسة على النظام السعودي ووصفه بالبقرة الحلوب التي تدر ذهبا ودولارات,  وقال في حديث تلفزيوني مع قناة ” ان , بي , سي , ان ” بصريح العبارة مطلوب من العائلة السعودية تقديم ثلاث ارباع ثروة السعودية الى امريكا مقابل حماية نظامها لاستمراره في الجزيرة العربية واضاف أن ما يقدمه حكام السعودية لا قيمة له نظرا لما تقدمه القوات الامريكية من حماية ورعاية داخليا وخارجيا وهذا صحيح .

وبالرغم من حملة الرئيس الامريكي الجديد ترامب على النظام الوهابي التكفيري السعودي, الا انه اختار الرياض والكيان الصهيوني ليكون المحطة الاولى في زيارة الخارجية وعقد القمم الصورية لفرض صفقة تاريخية لم تشهد الادارات الامريكية السابقة مثيلا لها في التاريخ  تجاوزت 400 مليار دولار واغداق الهدايا والعطايا عليه لاسترضاء التاجر الامريكي الموتور, ليترجم ما طرحه من شعارات انتخابية الى واقع ملموس خلال هذه الزيارة على قاعدة ” امريكا اولا ” ليعزز الاقتصاد الامريكي المازوم ويوفر فرص العمل للعاطلين عن العمل في الداخل الامريكي  ويحقق ما عجز عن تحقيقه في الداخل الامريكي من مكاسب بعد فضيحة اقالة مدير المكتب الفدرالي” اف بي أي ” جميس كومي جراء تسريب ترامب معلومات امام وزير الخارجية الروسي لافروف تلقاها البيت الاسود الامريكي من الاستخبارات الصهيونية تتعلق بعصابات داعش الارهابية, واذا ثبتت هذه الادعاءات على تاجر البيت الاسود قد يتخذ القضاء الامريكي قرارا بعزله وتذهب مئات التريليونات السعودية في مهب الريح.

لهذا السبب تعمد تاجر البيت الاسود الامريكي تغليب العامل الخارجي على الوضع الداخلي من خلال الصفقات الاقتصادية والتسليحية والتجارية المشبوهة مع النظام الوهابي السعودي وبعض الانظمة الخليجية الاخرى للهروب من ازمته الداخلية وتعويضها بمكاسب خارجية قد لا تحقق له ما يتمناه, لذلك تعمد التصعيد مع الجمهورية الاسلامية الايرانية ومحور المقاومة وتسخين المواجهة من خلال لعبة الاحلاف الاقليمية المأجورة لتأزيم الوضع في منطقة الشرق الاوسط وتأجيج الصراعات الطائفية وفتح بوابات الحرب الاهلية على مصرعيها بين المسلمين لتكون الشركات الاحتكارية الامريكية لصنع الاسلحة الرابح الاول الى جانب الكيان الصهيوني .

وبصراحة تعتبر قمم الرياض الطائفية التي عقدها التاجر الامريكي ترامب رسالة واضحة لدعم النظام الوهابي التكفيري السعودي وحمايته على الصعيدين الداخلي والخارجي, وخاصة بعدما شكل وجود قانون جاستا الامريكي خطرا جديا على مقاضاة النظام السعودي الداعم للإرهاب, اما على الصعيد الدولي فان النظام الوهابي السعودي يخشى من الملاحقة الدولية بسبب ما يمارسه النظام من جرائم حرب في اليمن وسورية فتعزيز العلاقة مع رئيس الادارة الامريكية التاجر ترامب قد يشكل ضمانة لحماية هذا النظام الاجرامي السعودي في مواجهة أي قرار دولي لتجريم النظام سواء في مجلس الامن او محكمة الجنايات الدولية وغيرها .

لذلك تعمد الرئيس الامريكي ترامب تشكيل التحالف الطائفي الماجور في المنطقة لحفظ مصالح الادارة الامريكية وشركاتها الاحتكارية في المنطقة من جانب ومن جانب اخر حماية الامن القومي المزعوم للأنظمة الخليجية وفي مقدمتها النظام الوهابي السعودي .

بالإضافة لهدف مهم خاص بالنظام الوهابي السعودي يتمثل بالتمهيد لولي ولي العهد السعودي بتسلم السلطة لخلافة والده في قيادة النظام السعودي بمباركة الرئيس الامريكي ترامب .

وانطلاقا من هذه المعادلة تعمد تاجر البيت الاسود الامريكي ترامب في كلمته امام ما يسمى القمة العربية الاسلامية وضع الجمهورية الاسلامية وحزب الله وحركة حماس في نفس الكفة مع عصابات داعش والقاعدة, وهذا غيض من فيض صهيوامريكي, ولم يكتف بذلك بل تعمد تغييب القضية الفلسطينية بعدما ركز وشدد على التحريض على محور المقاومة والصمود الذي اصبح بشكل عملي يهدد وجود الكيان الصهيوني المصطنع في فلسطين المحتلة وعرقل اقامة ما يسمى النظام الشرق اوسطي الجديد الذي حاولوا فرضه على المنطقة منذ ثلاثة عقود مضت.

ومن يدقق في تشكيل هذا التحالف الطائفي الماجور يجد ان من اهم أهدافه فرض التطبيع القسري بين هذه الانظمة المتصهينة والكيان الصهيوني المصطنع في فلسطين وضمان امنه وحمايته في المنطقة وفرضه عليها بالقوة كمقدمة لشطب وتصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني, وخاصة بعد تجاهل ما يسمى حل الدولتين ومباركة الاستيطان في الاراضي الفلسطينية المحتلة وخاصة في القدس المحتلة .

وقد رحبت معظم قيادات الكيان الصهيوني بمواقف تاجر البيت الاسود الامريكي في الرياض, لكن المحللة الصهيونية في صحيفة ” يديعوت احرنوت ” سيما كدمون كان لها موقف مختلف رأت فيه ان الرئيس الامريكي هرب من بلاده الى الشرق الاوسط بسبب الفضائح التي تلاحقه على جميع الاصعدة وركزت على ان زيارة ترامب للكيان الصهيوني وسعادة النتنياهو لا تتعلقان بهاذين الشخصين, انما تتعلق بقرار المستشار القضائي الامريكي ونظيره ” الاسرائيلي ” الذين سيقرران في الملفات المفتوحة ضد هذين الشخصين اللذين قد يبعدا عن الحلبة السياسية قسراً بقوة القانون بعد ادانتهما حسب تعبيرها .

اما الخبير الالماني بشؤون الشرق الاوسط لزونس فقد اشار بصراحة ان النظام السعودي يعتبر التقارب مع ” اسرائيل ” خيار مهم لان كلا الطرفين يعتبر ايران تهديدا لوجوده اما النظام السعودي, فيعتبر ايران اكثر خطرا على وجوده من ” اسرائيل ” على قاعدة عدو عدوي صديقي .

وفي كل الاحوال ليس غريبا ولا مستغربا على النظام الوهابي التكفيري السعودي بعد هزائم عصاباته المسلحة في سورية والعراق واليمن وخسائره الكبيرة, ان يسعى للاستقواء الماجور بالتاجر الامريكي ترامب بتشكيل التحالف الطائفي الوهمي الماجور ليعزز وجوده الاقليمي في مواجهة محور المقاومة والصمود وفي مقدمتها ايران وسورية ليثبت وجوده في المنطقة والعالم وريادته على حساب الدور المصري والسوري والعراقي .

لكن سورية وشركاءها في محور المقاومة والصمود وفي هذه المرحلة بعد الانتصارات في سورية والعراق ولبنان واليمن على الارهاب والارهابيين, يدركون جيداً ان العدو الصهيوامريكي قلق جدا من هذه الانتصارات ويحاول بكل الاشكال والوسائل قطع الطريق على هذا التحالف  لعرقلة التواصل الجغرافي من ايران للعراق الى سورية وفلسطين الذي يهدد الوجود الصهيوني بشكل جدي, لهذا السبب يحاول العدو الصهيوامريكي قطع هذا التواصل من خلال التحرك العسكري السريع والعدوان على الجيش العربي السوري الذي يعتبر فضيحة للسيطرة على مثلث الحدود السورية –الاردنية- العراقية بالإضافة للسيطرة على بعض المناطق السورية في الحدود الشرقية في الرقة ودير الزور, لكن هذا المحاولات العدوانية فشلت بعدما تحرك الجيش العربي السوري وشركائه الى هذه المناطق بقرار واضح وصريح لحمايتها وقد أعلمَ وزير الخارجية السوري وليد المعلم  الجميع بشكل لا يقبل شكاً، بان الأولوية الآن هي حماية المنطقة الشرقية وصولاً إلى الحدود العراقية.

وانطلقا من هذه المعادلة فان معطيات اليوم تؤكد أن انتصار المقاومة عام 2000 شكلت مفتاح انتصارات المقاومة على ما يسمى الجيش الصهيوني الذي لا يقهر وحلفائه, ووضع بداية النهاية لزمن الهزائم المذلة ليكون درسا قاسيا وبليغا لمجرمي الحرب الصهاينة أفقدهم توازنهم أمام القطعان الصهيونية المستوردة في كيانهم المصطنع في فلسطين المحتل,ة ودرسا أبلغ لأدواتهم من الأنظمة العربية المتصهينة التي لم ترق لهم هذه الانتصارات التي أحرجهم بامتياز أمام شعوبهم التي تتطلع بكل فخر واعتزاز لهذه الانتصارات التي تعتبر المقدمة لتحرير كل الاراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها فلسطين كل فلسطين والجولان العربي السوري ومزارع شبعا وتلال كفر شوربا في الجنوب اللبناني المقاوم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى