رحيل المفكر الاستراتيجي الامريكي بريجنسكي عراب معاهدة كامب ديفد
توفي زبغنيو بريجينسكي, مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، عن عمر يناهز 89 عاما. حيث أعلنت ابنته ليلة امس السبت، على موقع التواصل الاجتماعي تويترأن والدها مات بهدوء.
تولى بريجنسكي منصب مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بين عامي 1977 و 1981، إلا أنه احتفظ بنفوذه في السياسة الخارجية الى آخر أيام حياته.
كان زبغنيو بريجينسكي من الشخصيات القليلة من خبراء السياسة الخارجية الأمريكية التي حذرت إدارة بوش صراحة من غزو العراق. وينقل عنه في شباط 2003 وقبل حرب العراق بأسابيع قوله إنه إذا قررت الولايات المتحدة المضي قدما في خططها الخاصة بالعراق، فسوف تجد نفسها بمفردها لتتحمل تكلفة تبعات الحرب، فضلا عن ازدياد مشاعر العداء والكراهية الناتجة عن تلك الحرب.
في كتابه الجديد ” فرصة ثانية” وجه سهام نقده اللاذعة إلى السياسة الخارجية الأمريكية في عهد كل من جورج بوش الأب وبيل كلينتون وجورج بوش الابن، حيث كان يعتقد أن الولايات المتحدة خلال حكم هؤلاء الثلاثة قد فرطت وأهدرت فرصتها الأولى لقيادة العالم عندما سنحت هذه الفرصة مع انتهاء الحرب الباردة بسقوط الاتحاد السوفيتي.
كما دعى واشنطن إلى الابتعاد عن إذكاء الصراع المذهبي في المنطقة, وقال إن السعودية مدعوة إلى الاتعاظ وعدم الانخراط في صراعات مكلفة لها كاليمن, أما في سوريا فالأسد يمثل واقعاً ليس بقليل في الحياة السياسية وفق رؤية بريجنسكي ويجب أن يكون بطريقة ما جزءاً من الحل.
وفي حديث صحفي على هامش “منتدى بروكسل” السنوي قال بريجنسكي إن “السعودية تحدث نفسها ببطء لكن بشكل معتبر، وفي الوقت ذاته هي نقطة انطلاق لحركات وهابية, ولا أعتقد أنه علينا أن ندعم هذا لأنه سيساهم في الصراع”.
لبريجينسكي مؤلفات عديدة ومواقف كثيرة، ففي كتابه رؤية استراتيجية امريكا وازمة السلطة العالمية، يناقش بريجنسكي التحديات التي تواجه المكانة الامريكية في النظام الدولي ومستقبل النظام الدولي في ضوء مؤشرات تراجع الدور الامريكي وانتقال القوة العالمية من الغرب للشرق، حيث ان عدم استغلال الولايات المتحدة الامريكية الفرصة السانحة التي وفرتها النهاية السلمية للحرب الباردة بعد زوال الخطر السوفيتي وانفراد القطب الامريكي بالعالم والذي لم يدم طويلا بفعل ادارة الرئيس جورج بوش الابن, وتأثير الازمة الاقتصادية التي كانت تمر بها الولايات المتحدة واوربا مقابل بروز دور القوى الاقتصادية الصاعدة التي نجحت في المزج بين سياسة التحرير الاقتصادي ورأسمالية الدولة، كل ذلك ادى الى ظهور المخاوف على مستقبل القوة الامريكية وقيادتها للنظام الدولي.
وفي كتابه “رقعة الشطرنج الكبيرة”، الذي اعتبره الكثير من المراقبين دليل الولايات المتحدة الامريكية من أجل السيطرة على العالم، كتب بريجينسكي أن المنطقة الأوروآسيوية هي رقعة الشطرنج التي سيجري عليها الصراع من أجل السيطرة والأولوية على الصعيد العالمي.
وكان يعتبر أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية يجب أن تكون غير اعتذارية فيما يخص إدامة السيطرة الأميركية لجيل كامل على الأقل وأطول حتى إذا أمكن ذلك. ويؤكد على حتمية القيادة الامريكية للنظام الدولي شريطة حل مشكلاتها الداخلية وتبني استراتيجية مستجيبة لمصالحها الاقليمية المختلفة.
يذكر ان زبغنيو بريجينسكي كان له دور مؤثر في الجمع بين الرئيس المصري انور السادات ورئيس وزراء كيان الاحتلال “مناحيم بيغن”, ونتج عن ذلك توقيع اتفاقية كامب ديفد, ونجح ايضا في تطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، بعد ثلاثة اشهر من الاتفاقية.
تسلم منصب مستشار الامن القومي في العام 1977، وكان كارتر قد عرض عليه منصب وزارة الخارجية، لکنه رفضه معتبرا ان تواجده في البيت الابيض الى جانب كارتر له تأثير اكبر.