الخلاف السعوديّ- الإماراتيّ في اليمن يهدد بتقسيمها شمالاً وجنوباً

يعود الخلاف الإماراتي السعودي في اليمن إلى الواجهة مجددا وبقوة هذه المرة. فعلى رغم أن هذا الصراع قديم بين الإمارات ورجل السعودية الرئيس هادي، إلا  أن الصراع بقي داخل الكواليس رغم أصدائه العالية حتى بضعة أشهر مضت. والسبب حسب  مطلعين هو محاولة إماراتية سعودية لاحتواء الوضع اليمني ومنع الشرذمة أكثر في الداخل خاصة في ظل الضعف والتشرذم الواضح للجماعات الموالية لهم، في مقابل وحدة قرار ومصير اتسم بها الحلف المقابل وعلى رأسه جماعة أنصار الله وحزب المؤتمر.

طبعا يحاول البعض حصر الخلافات ضمن الصراع على الحصص والنفوذ في الداخل اليمني، حيث تسعى كل من الرياض وأبو ظبي للضغط على هادي وفرض أزلامهم في المناصب الحكومية الإدارية والعسكرية، ولكن ورغم أن النفوذ هو من أهم محفزات هذا الصراع إلا أنه ليس المحفز الوحيد لخلاف تحول إلى انقلاب إماراتي كامل الأوصاف، مقابل صمت سعودي شبه مطبق إلى الساعة.

ويعود تاريخ بداية ظهور الأزمة للعلن إلى 12 شباط الماضي حيث عزل هادي قائد قوات حماية مطار عدن “صالح العميري” وهو أحد رجال الإمارات وما تبع ذلك من مواجهات تدخل فيها الطيران الإماراتي.

الرد السعودي أتى عبر هادي أيضا، الذي اقال فيه 27 نيسان الماضي, محافظ عدن “عيدروس الزبيدي” والوزير “هاني بن بريك” وهما من أقوى أزلام الإمارات في الجنوب اليمني، فالزبيدي من قيادات الحراك الجنوبي الداعي لانفصال الجنوب اليمني، وبن بريك من القيادات السلفية الذي تعتمد عليه الإمارات في مواجهة نفوذ جماعة الأخوان المسلمين هناك.

هذا الأمر لا يمكن حصره بخلاف إماراتي مع هادي، بل هو صراع سعودي- إماراتي، فهادي دمية بيد الرياض أرادت من خلاله إغاظة أبو ظبي، عبر إبعاد أزلامها من مفاصل القوة في اليمن، والذي يؤكد هذا الأمر تعيين هادي اللواء علي محسن الأحمر نائبا عاما لقائد القوات المسلحة، والأخير عضو في حزب “التجمع اليمني للإصلاح” وهو الحزب الذي يمثل الأخوان المسلمين عمليا في اليمن.

فالإمارات ترفض أي وجود للأخوان المسلمين في مستقبل اليمن، وتحارب نفوذهم بشكل قوي في الداخل اليمني ناهيك عن الداخل الإماراتي، أما السعودية فتشجع هذا الفريق وعلاقاتها به مميزة. ولذلك تستخدمه اليوم في مواجهة النفوذ الإماراتي في اليمن تحاشيا للدخول في مواجهة مباشرة مع أبو ظبي.

هذه الوقائع تؤكد نشوب خلاف جوهري وعميق بين السعودية والإمارات، خلاف أبعد من مسألة نزاع على حصص بين المسؤولين والمدراء في حكومة هادي، بل يتمحور حول منهجية التفكير لدى كل من الطرفين، ويبدو أن الإمارات تملك أوراق قوة أكثر من السعودية في اللعبة اليمنية تريد أبو ظبي استغلالها بشكل كامل.

هذا وتحاول الرياض وأبو ظبي إبقاء الصراع ضمن الحلقة الأضعف أي هادي، فليس للبلدين مصلحة بالدخول في مواجهة مباشرة ومفتوحة غير  معروفة النتائج، خصوصا بالنسبة للرياض التي لا تملك أطرافا قوية ميدانيا، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن المرحلة السياسية والعالمية الحالية تفرض على الرياض التهدئة وضبط النفس أمام الإمارات, وذلك من أجل تمرير زيارة ترامب المزمعة خلال الأيام المقبلة  بهدوء، لتتمكن من قطف ثمار هذه الزيارة التي بدأ التحضير لها ولقمة بعض الزعماء العرب مع ترامب.

المؤسف حقا في هذا الأمر, هو أن اليمن بات ملعبا لهذا الصراع الدامي، الذي أودى بحياة الكثيرين ضمن مواجهات بين حلفاء السعودية والإمارات، ولعل الخطر اليوم أكبر من ذي قبل، بعد ان أطلقت دولة الامارات العنان بشكل فاضح لانفصال الجنوب اليمني عن شماله, وهو ما يرفضه الشعب اليمني المستعد دوما لتقديم الغالي والرخيص في سبيل الحفاظ على وحدة اليمن وحريتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى