ماذا يعني تدخل البرلمان المصري في اجراءات الخطبة بين الشباب والفتيات ؟؟
كشفت برلمانية مصرية عن مشروع قانون تعتزم تقديمه لمجلس النواب بشأن تنظيم بعض المسائل المتعلقة بقوانين الأسرة في مصر، ومنها أن يتم توثيق الخطبة بواسطة عقد مكتوب وموثق في جهة رسمية يتضمن كل البنود التي تم الاتفاق عليها بين أهل الخاطب والعروس، فضلاً عن تضمينه عقوبات مادية وتعويضات ضد من يُقدم على فسخ الخطوبة، وهو ما أثار جدلا واسعا داخل الشارع المصري اليومين الماضيين.
العديد من التساؤلات فرضت نفسها عن الدافع وراء إصدار مثل هذه التعديلات في الوقت الراهن، وهل بالفعل تهدف إلى تقنين عملية الارتباط بهدف التماسك المجتمعي، وأن تدفع الشباب إلى مزيد من الالتزام، أم أن هناك أهدافا أخرى لا سيما في ظل ما يترتب على هذا التوثيق من رسوم واجبة الدفع تصب في نهاية المطاف في خزانة الدولة المصرية؟
الحفاظ على كرامة الأسرة
البداية كانت مع إعلان البرلمانية عبلة الهواري، عضو لجنة الشؤون التشريعية والدستورية بمجلس النواب، قرب انتهائها من مشروع قانون جديد يتضمن إجراء بعض التعديلات على القوانين المنظمة لشؤون الأسرة والأحوال الشخصية في مصر، وعلى رأسها مسألة تقنين “الخطبة” والتي تعني طلب الشاب الفتاة للزواج.
البرلمانية أشارت في بيان تبرير مشروعها بأن الكثير من المشكلات تواجهها الأسر المصرية بسبب عدم تقنين مسائل الخطبة وما يترتب عليها من خلافات عائلية لا سيما فيما يتعلق بأحقية كل طرف في الحصول على متعلقاته حال فسخ الخطبة، إضافة إلى الحفاظ على كرامة الأسرة وسمعة أبنائها.
التعديلات المقدمة تتضمن تنظيم الخطبة من خلال وثيقة وعقد مكتوب موقع من الأسرتين يتضمن كل التفاصيل الخاصة بإتمام عملية الارتباط، كأن يدرج به قيمة “الشبكة” وتعني الذهب الذي يقدمه الخاطب لعروسه كهدية لها، فضلاً عن بقية الهدايا الأخرى إن وجدت، ثم يتم توثيقه في إحدى الجهات الرسمية التي سيتم الاتفاق عليها.
مشروع القانون تطرق أيضًا إلى فرض عدد من العقوبات المادية والتعويضات حال إقدام أي طرف من الطرفين على فسخ هذا التعاقد بما يترتب عليه ضرر للطرف الآخر، كما أنه من المقترح أن يتضمن تنظيم عملية استرجاع الهدايا المقدمة كافة والتي تثير الكثير من الخلافات بين العائلات نظرًا لعدم وجود قانون خاص بها.
وتعمل النائبة الآن على تجميع توقيعات بقية أعضاء المجلس تمهيدًا لتقديمه للمناقشة والدراسة داخل لجنة الشؤون التشريعية والدستورية خلال جلسات رمضان المقبل.
جدل ديني
أثار القانون حالة من الجدل داخل الأوساط الدينية حيث انقسم الرأي الديني إلى فريقين، الأول يرى بعدم جواز مثل هذه التعديلات، إذ إن “الخطبة” عرف مجتمعي في المقام الأول يتباين في طريقته بين الطبقات سواء من الناحية الاجتماعية أو المادية.
أنصار هذا الفريق يرون أن الشرع يرفض تقنين الخطبة، إذ إنها اتفاق عرفي بين أسرتي الخاطب والعروس، ولا يجوز بأي حالة من الأحوال تحويل هذا الاتفاق العرفي إلى عقد موثق، وإلا بات زواجًا، محذرين في الوقت ذاته من أن هذه التعديلات ستظلم العديد من الفئات التي لا تقوى على الالتزامات والتعويضات المادية المترتبة حال الفسخ، إذ إن الأصل في تلك العلاقة هو التعارف وليس الإلزام.
وفي المقابل يرى فريق آخر أن الشريعة لم تتطرق لا من قريب أو بعيد لفكرة الارتباط على طريقة “الخطبة” ومن ثم لا مجال للتحريم هنا، إلا أن هذا الأمر يتطلب مناقشة من قبل رجال الدين بحيث يتم الوصول إلى صيغة شرعية يتم التوافق عليها.
أنصار هذا الفريق يؤكدون دعمهم لهذا المقترح الذي يأتي في إطار الحفاظ على كرامة الأسرة وسمعة البيت من أن يكون عرضة للداخل والخارج من الشباب غير الجاد في الزواج، ومن ثم فإن تقنين هذا الارتباط بالطريقة سالفة الذكر سيدفع الشباب للالتزام والجدية والتفكير والتروي قبل أن يقدم على هذه الخطوة، وحتى لا تتحول الفتيات إلى لعبة بأيدي المستهترين باسم الخطبة والارتباط، خاصة أن نسبة ليست بالقليلة من الشباب يقدم على الارتباط من باب التسلية وتضييع الوقت وحين يشعر بالملل ينسحب فورًا ويفسخ الخطبة، ومن ثم كان لا بد من تقنين هذه العملية.
ردود فعل غاضبة أثارها مشروع القانون المقترح من البرلمانية المصرية، حيث اتهمها البعض بالسير في فلك الحكومة والنظام الساعين إلى ابتزاز المواطنين ما بين الحين والآخر.