الذكرى الــ69 للنكبة العربية الكبرى في فلسطين
بقلم : عبد الهادي الراجح
في الخامس عشر من أيار الجاري تمر الذكرى الــ69 للنكبة العربية الكبرى في فلسطين وزرع الكيان الصهيوني اللقيط بالقوة والبلطجة والسمسرة والإرهاب والخيانة والتواطؤ ، وكانت هناك عدة محطات مهمة مكنت الحركة الصهيونية من تحقيق حلمها ويمكن ايجاز هذه المحطات كالتالي :
1- مؤتمر بال في سويسرا عام 1897م ، الذي أقر بضرورة اقامة وطن قومي لليهود ولم يحدد المؤتمر فلسطين ذلك الوطن ، وان جاء ذكرها كما جاء ذكر اوغندا وغيرها ، ولا أعلم كيف أصبحت اليهودية وهي ديانة سماوية حركة قومية إلا نتيجة المصالح الامبريالية العالمية التي أوجدتها والمأساة أنها تطرح نفسها هي ومن أوجدها كدول علمانية.
2- الاعلان عن قيام الكيان الصهيوني في الخامس عشر من أيار مايو عام 1948م ، على حساب شعبنا العربي في فلسطين ، وللأسف اعترف العالم بأغلبه بذلك الكيان منذ ولادته الاصطناعية نتيجة الموازين والمصالح الدولية ، يضاف اليها وهو المهم أيضا نتائج الحرب العالمية الثانية والمزاعم التي تتحدث عن حرق (6) ملايين يهودي في ألمانيا النازيه وهو الرقم الذي لا يزال للآن يثير جدلا سياسيا على مدى صدقه والإيمان به ، حيث تكذبه الكثير من الحقائق التي يطول شرحها .
3- وهي ألأكثر خطرا على قضيتنا المركزية.. ابرام صفقة كامب ديفيد حيث اعترفت أكبر دولة عربية بحق الكيان المسخ بالوجود وكسرت بذلك كل الحصار خارج الدائرة العربية بل وتنازل بطل العبور المزيف أنور بني صهيون السادات عن سيادة مصر على سيناء ، ولعل واقعها اليوم وما تتعرض له يصفع السادات وسلامه في قبره ، وكامب ديفيد هي الأب الغير شرعي لكل صفقات الظلام التي أوصلتنا لأوسلو ووادي عربه وإخراج العلاقات الصهيونية السرية مع أنظمة الاعتلال العربي في الخليج المحتل وصولا لدول المغرب العربي والأردن الرسمي, ولولا كامب ديفيد ما وصلنا الى ما وصلنا اليه ، ولعل قمة المأساة التي تشبه المأساة الاغريقية كان اعتراف منظمة التحرير أو حركة فتح بشكل أدق بحق الصهاينة بفلسطين وان كان ذلك الاعتراف ساقطا بكل قوانين الأرض والسماء كونه تم بالقوة والأمر الواقع بعد مأساة حرب الخليج وتدمير العراق ، والحقيقة أن أمريكا دون غيرها من تحدث بجلب جميع الاطراف لطاولة المفاوضات التي كان الهدف منها أن تطول أكثر من اللازم وكما قال رئيس وزراء القتلة الصهاينة اسحاق شامير في ذلك الوقت وقوله موثق .
4- وهي من النقاط الخطيرة جدا ، الصراع على السلطة الوهمية بين حركتي فتح وحماس وفصل الضفة الغربية عن قطاع غزه ، ونتج عن ذلك الصراع هذا التآكل للقضية ولا شك أن كل طرف عليه ما عليه من ذلك, ففتح لم تعد هي حركة فتح بعد استشهاد الزعيم ياسر عرفات وكذلك حماس لم تعد هي حماس منذ استشهاد قائدها الشيخ أحمد ياسين.
5- وثيقة حماس التي أعادت قناة الجزيرة نشرها عدة مرات وبالطبيعة ليس عن براءة، فهذه الوثيقة تتحدث عن موافقة الحركة على دولة فلسطينية تقام على الاراضي المحتلة عام 1967م ، وهذا اعتراف خجول بالكيان الصهيوني يشبه اعتراف الشهيد أبو عمار في خطابه بالأمم المتحدة عام 1974م ، الذي تحدث به عن غصن الزيتون والبندقية وكذلك مناورته الثانية بإعلان دولة فلسطين عام 1988م ، والاعتراف بقراري الأمم المتحدة 242 و 338 والفرق بين اعتراف أبو عمار واعتراف حماس الخجول بالكيان الصهيوني أن الشهيد أبو عمار ناور في ذلك الوقت الذي كان يسمح بالمناورة من خلال الموازين الدولية انذاك.
ولكن يبقى ان ما نراهن عليه هو صمود شعبنا وليس مناورات فتح وحماس او زيارة البهلوان محمود عباس لواشنطن ، وهذه ثلاثة ملفات عربية فلسطينية في آن واحد وهو غير صحيح ، وصمود الأسرى وشعبنا من الداخل والخارج هو ما نبقى نراهن عليه بإخراج هذه الأمة من كبوتها الطويلة الى وضعها في المكان الذي يليق بها ، ورحم الله الزعيم جمال عبد الناصر الذي وصف صراعنا مع الصهاينة بأنه نتيجة ضعفنا وتمزقنا ، ووصف وعد بلفور البريطاني للصهاينة بالذي لا يملك وأعطى من لا يستحق ، وهذا مخالف لكل حركة التاريخ ونواميس الكون, فالكيان الصهيوني رغم كل ما حوله يحترق إلا أنه يثبت بالحقائق أنه كيان مسخ فرضته الظروف والموازين التي سوف تتغير بعودة الوعي للطرف العربي.
لقد علم كل العرب اليوم أن الذي بدأ بفلسطين سيكمل على غيرها ، اليس ما يحدث في مصر من خلل وفوضى وقبل ذلك احتلال العراق وليبيا ومحاولة تدمير سوريا عنوانه فلسطين التي هي البداية لنهضة الأمة أو خروجها من التاريخ لا سمح الله ، وبالتأكيد أمتنا العربية لن تغادر التاريخ ولن تفرط بالجغرافيا وشعبنا هو شعب الجبابرة الذي لن يهزم أبدا أو يستسلم .
عاشت فلسطين حرة عربية من البحر للنهر رغم أنوف الحاقدين والخونة المتآمرين ولا نامت أعين الجبناء .