فلسطين وهي تجدد العزم على انتزاع حريتها !

بهذه الماهية الجهادية المتصاعدة تتقدم فلسطين وتقهر غاصبيها وتبشّر بانتفاضات وبدايات جديدة ، وبهذا العزم الملحمي الذي لا يلين تخاطب العالم وتتقدم بأوراق اعتمادها وتعلن حضورها وتجدد العزم على انتزاع حريتها .

الآن تحاصر فلسطين حصارها ولا تترك برهة للمستسلمين والحواة والدجالين  فلفلسطين فكرها وارادتها ونصوصها الموازية وكيميائها الخاصة الفريدة ، وقلما انتبهت فلسطين المقاومة وأصغت الى أزعومات ” الدولتين ” و ” أسراطين ” التي يراد لها أن تكون مهادنة ومستسلمة وبلا معنى  وسيادة ، ودائما ما كان في روح وعقل فلسطين ذلك النداء المقدس : أن حيّ على الجهاد والمقاومة ! ولم يكن لأحد مهما كان علوّه وغلوّه أن يغالبها على هذا العزم أو أن يراودها على هذا الخيار والحلم أو أن يثنيها عن الإقدام والمنازلة .

وفلسطين كانت ولا تزال قلب العرب وعقلهم فهي التي تجرح  وهي التي تفصح ، وهي الجاذبة والمؤلفة والموحدة  للعرب ، ولا يقاسمها أحد أو طرف أو صقع عربي على هذه الفرادة والخصوصية وهذا الاستقرار في الروح ، وذلك ما جعل منها بحق ودائما مسألة مركزية في حياة العرب وانطلاقهم نحو الحرية ، ولذا كان لها ولا يزال هذا الرأسمال الرمزي الذي يجعلها نقطة بداية وانطلاق وهذه المكانة الفعلية في الوعي والواقع .

لقد تعجب الناس في لحظة الفوضى العربية الراهنة من ظاهرة وإمكانية إزاحة فلسطين عن فضاءات وعناوين المواجهة ، ومنهم من تورط بالظن  بإمكانية غياب فلسطين ، ولا نعرف كيف تهيأ  للبعض أن يغيب القلب والعقل والإرادة إذا صمت قول وفعل فلسطين أو استراحت للتمعن بجراحاتها وانجراحاتها ؟ لقد كان في فلسطين دائما ذلك الصمت المدهش المخبأ والواعد والكامن والمتحفز الذي ينذر ويؤذن بتأسيس بدايات جديدة للتحدي  وكان فيها أيضا الصخب المرافق للولادات المباغتة ، وهذا هو مبعث ونداء الاطمئنان الذي ترسله فلسطين كلما ظن  البعض أنها الى إزاحة وغياب ، وكلما تخيل الصهاينة أن الارادة الفلسطينية إلى انحسار وزوال .

وسوف تتكرر وتتوالد هذه المعاني في كل برهة إجرامية إفنائية يقدم عليها الصهاينة ضد شعب فلسطين ، وهي في المرحلة الراهنة قنبلتهم الفكرية – المعنوية الإعجازية المرافقة لتوالدهم الكثير والسريع واستشهادهم الملحمي الذي يجعلهم شعبا من الجبارين ذوي البأس الشديد والعزيمة التي لا تلين  ،  وهي من جانب آخر كارثة الوعي الصهيوني الذي يقرأ الضلالات ولا يقرأ الخفايا والدلالات ، وهو درس المقاومة الفلسطينية البازغة قبل قرن والمتواصل حتى اليوم والذي  سيجبر الصهاينة على قراءته ولو بعد حين ، ولن يحول بين فلسطين وحريتها الجدران العازلة والتلموديات المزيفة ولا الاستكبار الذي يبدية المستعمرون والغاصبون لأرض الغير .

الجميع إذن أمام سؤال فلسطين وإدهاشها ، والجميع يتفرجون ، يألمون أحيانا ولا يألمون ومثل الشعراء في كل واد يهيمون ، ولكنهم لا يحرون جوابا ومخرجا ولا يلوون على موقف ، إضافة إلى أنهم  لا يتعلمون بأن الحجارة  والبسالة قد تفضي إلى إبداع حلول ، وأن ثقبا صغيرا في الجدار قد يفضي إلى هدمه وإندثارة ، وأن النووي مهما تعاظم لا يقهر رامي الحجارة – مشروع الشهيد المدافع عن حريته وإنما يزيده إصرارا على التحدي ، ودرس فلسطين أكبر وأوسع من هذه المفردات والتفاصيل ففيه أيضا  البعد الحضاري والتاريخي المتصل ، وفيه دلالات على إمكانية انتصار الارادة الإنسانية على القوة الغاشمة ، وفيه ما يجبر العالم على إعادة قراءة التاريخ الزائف للصهيونية العنصرية المتحولة إلى نازية وفاشية جديدة  ، وفيه أيضا كل المحفزات لكي يطرح العرب على أنفسهم ( وبمناسبة درس فلسطين المتجدد والمفتوح بقوة هذه الأيام ) كيفية توليد رؤى جديدة لمواجهة هذا الواقع العربي المتراجع في ظل هذا النموذج الارشادي الفلسطيني المجسد الآن في شوارع فلسطين  حيث تجرح السكين المتواضعة قلب وعقل الصهاينة وخططهم وتجعلهم في ضلال مبين  ، وحيث  “تخربط ” هذه السكين الخطط والخرائط وتضع علامة جديدة ودالّة على أول السطر .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى