عيد العمال.. بدأ عالمياً في امريكا وعربياً في مصر
تحتفل دول كثيرة في العالم في الأول من ايار من كل عام بعيد العمال، وفي بعض البلدان يكون عطلة رسمية كما هو في مصر.
ورغم ارتباط عيد العمال عموما بالحركات اليسارية والعمالية بل والشيوعية منها إلا أن عيد العمال تعدى هذه الحركات بمرور الزمن ليصبح رمزاً لنضال الطبقة العاملة من اجل حقوقها.
ويعود عيد العمال في أصله إلى عام 1869 حيث شكل في أمريكا عمال صناعة الملابس بفيلادلفيا ومعهم بعض عمال الأحذية والأثاث وعمال المناجم منظمة “فرسان العمل” كتنظيم نقابي يكافح من أجل تحسين الأجور وتخفيض ساعات العمل قد اتخذا من 1 ايار يوماً لتجديد المطالبة بحقق العمال.
يعد يوم الأول من ايار يوم إجازة رسمية في نحو مائة دولة، وتعتبره الحركات والنقابات العمالية فرصة لتدارس أحوال الطبقة العاملة وتقييم إنجازاتها، ورفع مطالبها في مسيرات وتظاهرات عامة، ولا يخلو هذا اليوم من السياسة بالاحتجاج على الحكومات وسياستها الاجتماعية والاقتصادية، خاصة في الدول التي تكون النقابات فيها درعا من أدرع الأحزاب السياسية.
النضال من أجل ثمانية ساعات للعمل
وجاء أول ايار من عام 1886 ليشهد أكبر عدد من الإضرابات العمالية في يوم واحد في تاريخ أمريكا حيث وصل عدد الإضرابات التي أعلنت في هذا اليوم نحو خمسة آلاف إضراب واشترك في المظاهرات 340 ألف عامل وكان الشعار المطلبي المشترك لأحداث هذا اليوم هو “من اليوم ليس على أي عامل أن يعمل أكثر من 8 ساعات”.
وفي مدينة شيكاغو احتفل العمال وتظاهروا في أول ايار لتخفيض ساعات العمل وكان شعارهم “ثماني ساعات للعمل – ثماني ساعات راحة – ثماني ساعات للنوم”.
وفي أوروبا تم الدعوة في المؤتمر التحضيري لما أصبح فيما بعد الأممية الاشتراكية الثانية في 1889 لمظاهرات متزامنة في المدن الأوروبية يوم الأول من ايار1890 من أجل المطالبة بقانون يحد ساعات العمل إلى ثمانية ساعات.
ففي بريطانيا تكونت موجة جديدة من النقابات إثر الإضراب الضخم لعمال الموانئ في 1889 وفي ألمانيا حقق الاشتراكيون مكسبًا هامًا حين رفض البرلمان الألماني في نفس العام الإبقاء على قوانين بيز مارك المناهضة للاشتراكية واستطاع الحزب أن يضاعف من أصواته في الانتخابات العامة واستطاع أن ينال أكثر من 20 بالمائة من مجموع الأصوات.
وفي بلد تلو الأخرى أخذت الحكومات البرجوازية تحول احتفال الأول من ايار يوم احتجاج وصراع طبقي إلى يوم استيعاب وتعاون طبقي.
وفي مصر أيضًا كان هناك تراثًا عماليًا مستقلاً للاحتفال بعيد العمال بدأ في عام 1924 حيث نظم عمال الإسكندرية احتفالاً كبيرًا في مقر الاتحاد العام لنقابات العمال ثم ساروا في مظاهرة ضخمة حتى وصلت إلى سينما “باريتيه” حيث عقد مؤتمرًا ألقيت فيه الخطب.
ورغم ما كان يوجد من صعوبات أمام هذه الحركة النقابية المصرية فقد واصلت الاحتفالات بالمناسبة وتنظيم المسيرات والمؤتمرات طوال الثلاثينات والأربعينات ولكن مع وصول جمال عبد الناصر إلى السلطة والتأميم.
من مصانع «عبدالناصر» إلى أكاديمية «السيسى»
تنوعت اختيارات حكام مصر لأماكن الاحتفال بعيد العمال بين المصانع وقاعة المؤتمرات والقصور الجمهورية، إلى أكاديمية الشرطة، حيث كانت المصانع والميادين العامة هى الاختيارات الأكثر تكرارًا للرئيسين جمال عبدالناصر، ومحمد أنور السادات، ثم انتقلت تللك الاحتفالات فى عهد «مبارك» إلى قاعة المؤتمرات، ثم إلى قصر القبة في عهد محمد مرسى، لينتهى مكان الاحتفال إلى أكاديمية الشرطة فى أول عيد للعمال فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى.
فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بدأ الاحتفال بالعيد عام 1964، فى ميدان الجمهورية، وتكرر المكان فى العام الذى يليه. وفى 2 ايار للعام 1967 ألقى «عبدالناصر» كلمة الاحتفالية من منطقة شبرا العمالية.
وفى أول احتفال بعد نكسة 1967، احتفل عبد الناصر بالعيد فى 1968 من مصنع كفرالدوار، ثم انتقل فى عام 1969 إلى مصنع الحديد والصلب بحلوان والذى مزج فى خطبته فى تلك المناسبة بين الهم الخاص بالعمال والهم العام المرتبط بالوطن حين طالبهم بالصمود لتحرير الأرض شبراً شبراً، حسبما يشير موقع الرئيس الراحل الإلكترونى التابع لأرشيف مكتبة الإسكندرية.