.. وتستمر انتفاضة الأسرى

بقلم : أكرم عبيد

في ظل صمت وتواطؤ معظم الأنظمة العربية والعالمية المتصهينة وتحت شعار ” نعم للجوع لا للركوع ” اعلن اكثر من 1500 اسير فلسطيني وعربي في سجون العدو الصهيوني اضراب الكرامة عن الطعام ليقدموا نموذجا ساطعا في تحدي ادارة السجون الصهيونية وقراراتها وقوانينها الاجرامية الادارية التي لم يشهد العالم مثيلا لها في التاريخ الحديث .

ان هذه الثقافة الوطنية المقاومة تعتبر امتدادا طبيعيا للاشتباك اليومي والمواجهات المباشرة للحركة الأسيرة التي خاضت عشرات الاضرابات الجماعية والفردية عن الطعام وحققت من خلالها الكثير من الانتصارات وانتزعت الكثير من الحقوق والمكاسب وسجلوا انتصارات مهمة على العدو الصهيوني وخرجوا الى عالم الحرية في تجارب فريدة يمكن الاستفادة منها لتحقيق المزيد من المطالب الانسانية والحقوق وفي مقدمتها طي سجل الاعتقال الاداري الصهيوني الحقير .

وانطلاقا من هذه المعادلة اكدت هيئة شؤون الاسرى والمحررين ان حالة من الاستنفار القصوى تشهده السجون الصهيونية بعد تحركات الحركة والاسيرة وانضمام المئات من الاسرى الى اضراب الحرية والكرامة فتعمدت ادارة السجون الصهيونية منع أي اتصال مع الاسرى المضربين او زيارتهم وخاصة المؤسسات الدولية من الصليب الاحمر الدولي الى المحامين بالرغم من قرار محكمة العدل العليا التي سمحت للمحامين بزيارتهم لكن ادارة السجون رفضت الاستجابة للقرار بحجة ان صحة بعض الاسرى المضربين عن الطعام لا تسمح بزيارتهم وهذا يعني خرق فاضح للقوانين والاعراف الدولية وحقوق الانسان واتفاقيات جنيف الرابعة.

وقد اكدت الهيئة على لسان محاميها ان عقوبات غير مسبوقة فرضتها سلطات الاحتلال الصهيوني على المضربين عن الطعام والمتضامنين معهم بموجب ما يسمى قانون شاليط العنصري وغيره من القوانين الإجرامية التي لم تترك خلالها سلطات الاحتلال الصهيوني أية وسيلة حربية أو نفسية إلا واستخدمتها في الممارسات التعسفية والوحشية لكسر إرادتهم الصمودية وإخضاعهم لشروطها واملاءاتها الصهيونية المذلة  على الاسرى المضربين والمتضامنين معهم بالإضافة لعمليات التنكيل والإهانات وحشرهم في اقسام مغلقة بعد مصادرة كل محتوياتهم الشخصية وعزلهم عن العالم في زنازين انفرادية تفتقد للحدود الدنيا من مقومات الحياة الانسانية .

في الحقيقة تدخل معركة الأمعاء الخاوية في سجون الاحتلال الصهيوني للأسرى المضربين عن الطعام اليوم الثالث عشر وهم أكثر قوة وصمودا وصلابة مع إصرارهم على تحقيق اهدافهم في الحرية والنصر  أو الشهادة ولا خيار ثالث أمامهم لتحقيق مطالبهم العادلة بعدما حاولت إدارة مجرمي الحرب الصهاينة تحطيم إرادتهم ونفسيتهم كمقدمة لتحطيم  إرادة ونفسية  عائلاتهم بعد حرمانها من زيارتهم لفترات زمنية طويلة .

وقد أفادت بعض المصادر الفلسطينية أن أعداد الأسرى المضربين سترتفع الى الالاف وقد تعم السجن الصهيونية في الأيام القليلة القادمة ليشمل كل الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني البالغ عددهم حوالي 7000 أسير  وسط حراك شعبي فلسطيني مهم على امتداد الأراضي الفلسطينية المحتلة في فلسطين كل فلسطين ومخيمات اللجوء وجمهور المقاومة العربي على امتداد الوطن العربي وكل احرار العالم لدعم ومساندة تحركهم وتحقيق كامل مطالبهم العادلة .

لكن التحرك الشعبي والرسمي العربي والإسلامي والدولي ما زال دون ما يتطلع له شعبنا الفلسطيني بشكل عام وحركته الأسيرة المضربة عن الطعام بشكل خاص ومع ذلك  بدا يتلمس معاناة الأسرى  ويتطلع لمعركتهم العادلة بمزيدًا من القلق بسبب رفض سلطات الاحتلال الصهيوني الاستجابة  لمطالبهم العادلة وقد يتسبب هذا التجاهل الصهيوني بتعاظم الحراك الشبابي الفلسطيني ليتحول الى انتفاضة شعبية  فلسطينية ثالثة قد تعيد خلط الأوراق السياسية  في المنطقة من جديد وقد تطيح بأهم الاتفاقيات التصفوية مع العدو الصهيوني بدءا من كامب ديفيد إلى اوسلو ووادي عربة وقد تسقط سلطة معازل اوسلو وتعجل في حلها والعودة لخيار المقاومة والصمود حتى تحقيق كامل أهداف شعبنا وامتنا في تحرير كامل الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة.

لذلك لابد من تحرك فلسطيني وعربي ودولي عاجل للضغط على سلطات الاحتلال لدعم ومساندة انتفاضة الأسرى لتحقيق مطالبهم العادلة وخاصة المؤسسات الدولية المعنية بشؤون الاسرى   للتحقيق في ظروف اعتقالهم وحماية حقوقهم  وإنقاذ حياتهم والضغط على سلطات الاحتلال الصهيوني لتحسين ظروف اعتقالهم وتحقيق مطالبهم العادلة وفي مقدمتها إلغاء سياسة العزل والاعتقال الإداري وقانون شاليط العنصري والاقتحام الليلي والتفتيش العاري والسماح لهم بالتعليم وإكمال الدراسة الجامعية والاطلاع على الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية وزيارة عائلاتهم بشكل دوري ومنتظم بمراقبة الصليب الأحمر الدولي وخاصة أسرى قطاع غزة المحرومين من زيارات الأهل منذ حوالي بضع سنوات دون مضايقة السجانين وحواجز الاحتلال العسكرية الصهيونية .

نعم إنها حرب شاملة وممنهجة حولت شعباً بأكمله إلى شعب أسير يحمل على جسده آلام السجون وعذابات الزنازين والغربة في الوطن…يقضي شبابه أعمارهم اليانعة في الظلمات الدامسة وتحت وطأة الممارسات التعسفية والوحشية والتصفية بدم بارد والموت في زنازين العزل.

لذلك إن قضية الأسرى الفلسطينيين تعتبر من اكبر القضايا السياسية والإنسانية في العصر الحديث ونتيجة من نتائج الاحتلال الصهيوني والسبب الرئيسي في معاناة الشعب الفلسطيني منذ ما يزيد عن ثمان وستين عاما من أبشع الجرائم التي لم يشهد التاريخ الحديث مثيلا لها خاصة بعدما دخل اكثر من مليون مواطن فلسطيني سجون الاحتلال الصهيوني منذ بداية الاحتلال الصهيوني منذ عام 1948 .

وهذا ما يفرض على شرفاء شعبنا الفلسطيني المقاوم وامتنا وكل أحرار العالم فتح معركة قانونية والتوجه لمحكمة لاهاي الدولية لتصحيح وضع الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني وتوضيح المكانة القانونية للأسرى باعتبارهم أسرى حرب كخطوة أولى لضمان وتوفير الحماية للأسرى وإعادة الاعتبار لمكانتهم الوطنية والسياسية والإنسانية كأسرى حركة تحرر وطني وليسوا أرقاما أو مجرمين بموجب  القوانين الاحتلالية العنصرية  الصهيونية .

إن الأسرى في سجون العدو الصهيوني بحاجة اليوم إلى إعلام يقف بجانبهم ويؤمن بقضيتهم فكراً وفعلاً لتدويل قضيتهم وجعل العالم يتعرف على هذه القضية وعلى ظروفهم المزرية داخل سجون الاحتلال ويتعرفون على معاناة أسرهم وفضح ممارسات الاحتلال الصهيوني الإجرامية ضدهم وخاصة أن معظمهم قضوا في السجون الصهيونية أكتر مما قضوا خارجها والاهم أن الأسرى اليوم في سجون الاحتلال الصهيوني  بحاجة لحشد كل الطاقات والإمكانيات للأجنحة العسكرية الفلسطينية المقاومة لأسر عدد من جنود الاحتلال الصهيوني لتحريرهم كمقدمة لتحرير فلسطين كل فلسطين والأراضي العربية المحتلة كأولوية من أولويات شعبنا وكل شرفاء امتنا وأحرار العالم خاصة أن لحركة الأسيرة تجسد اليوم أروع الأمثلة في الوحدة الوطنية الفلسطينية التي يجب أن تقتدي بها بعض الفصائل الفلسطينية التي غلبت السلطة على واقع المقاومة الطريق الأقصر لتحرير فلسطين كل فلسطين والأراضي العربية المحتلة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى