ماذا بقي من عيد العمال

لا أعلم ماذا بقي للعمال من عيد لكي يحتفلوا به كما جرت العادة في الأول من أيار، الذي اصبح له مذاقا ولونا خاصا, ولكنه ليس عماليا، ولم يعد هناك قيمة لهذه المناسبة ولكنه عيدا باسم العمال يحتفل به من هم أعداء العمال تحت أسماء وعناوين مختلفة ، ولكن ما أعرفه أيضا أن الأول من أيار أصبح مجرد يوما للاحتفالات والبذخ المبالغ فيه، وعندما يشاهدها العمال لا يملكون من امرهم إلا التحصر والآلام  على ظروفهم ومن يزاود باسمهم، ولازلت أذكر رسما كاريكاتوريا  نشر في جريدة العربي الناصري في عيد العمال يقول (بعيد العمال الكل يرتاح إلا العمال ، أبنائهم الاغنياء يسهروا ويشربوا في أشهر الفنادق وأبناء العمال يجمعوا العلب الفارغة) .

الأول من ايار  من كل عام وجد ليكون مناسبة لتكريم العمال في هذا اليوم الذي أجمعت عليه البشرية كنوع من الاعتراف بحق هذه الطبقة التي كانت وستبقى كالجندي المجهول يعطي ويقدم حتى روحه بلا ممنة من أحد ولا بهدف الظهور أمام الشاشات، وربما يموت بصمت في ميدان العمل أو في حادث عمل ما ولا أحد يعلم عنه شيء.

في عيد العمال حتى في الدول الرأسمالية المستغلة يكرم رواد العمال من خلال نقاباتهم أما في بلادنا للأسف فالعمال مضطهدين وغاية أحلامهم ايجاد فرصة عمل محترمة يعتاشوا منها وبيت يأويهم ، أما الحقوق الأخرى فهم يشاهدوها على شاشات التلفزة خاصة في عيدهم اذا وجدوا وقتا لمشاهدة ذلك ولو بالصدفة ، ومن أعطى وقدم من أجل حقوق العمال جرى خنقه وقطع رزقه وما حدث مع كاتب هذه السطور ليس بعيدا عن ذلك .

ويأتي اليوم من يحدثنا عن عيد العمال ولكن ليوم واحد فقط من العام ، والمؤسف أكثر أن من يحتفل بعيد العمال ويكرم بعضهم هم أنفسهم صوتا لدى الجهات المتنفذة من أرباب العمل والسلطة لمحاربة أي وعي عمالي ولو نظرنا  لمعظم النقابات العمالية سنجد في وطننا أن معظمها شبه تعيين ودورها وأد ومحاربة حقوق العمال ومكتسباتهم وليس العكس .

الأول من ايار لم يعد عيدا للعمال منذ انهيار دولتهم الأولى الاتحاد السوفيتي بكل ما عليها من ملاحظات لكنها كانت ندا لإمبراطورية الشر الأولى أمريكا وبالتالي كان هناك نوعا من المكتسبات للعمال حتى في امبراطورية الشر وأتباعها وعملائها بهدف ابعاد العمال عن دولتهم الأولى الأم ، ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ظهر الوجه الأكثر قباحة لأمريكا والرأسمالية بشكل عام .

وفي هذه المناسبة التي فقدت معناها وقيمتها الانسانية أتمنى تحديد من هم العمال وهناك من يقول كل من يعمل مقابل الأجر هو عامل وهذا ببساطة غير صحيح وإلا أصبح العالم كله عمال وطبقة واحدة .

وعلى هذا الأساس تحديد هوية من هو العامل أصبح ضروريا ، وما هو مطلوب في هذه المناسبة أن تشد الهمم والنضال من اجل ايجاد نقابات عمالية حقيقة تفرز من يمثل مصالح العمال وليس من يتاجر على حسابهم ، اليس ملفتا للانتباه أن أكبر النقابات هي النقابات العمالية وبنفس الوقت هي أضعف تلك النقابات لأن الهدف محاربة كل صحوة عمالية ، ووجدنا من يبقى على رأس عمله في اتحادات عمال أكثر من 25 عاما فماذا يعني ذلك  وما هو دوره إلا تنفيذ مطالب من أوجده في ذلك المكان .

وما نشهده اليوم من تحالف طبقي بين السلطات الحاكمة ورأس المال هو ما افرز ما تمر به الحركة العمالية من ظروف ، ومن يدفع الثمن في كل ذلك هم العمال الكادحين .

وعلى هذا الاساس لا بديل عن نقابات عمالية حقيقة تناضل من أجل العمال وحقوقهم ومنتخبة بشكل صحيح من العمال بدون تدخل السلطة وأرباب العمل، وغير ذلك سنبقى ندور في حلقة فارغة لا طائلة منها ولنعيد لهذه المناسبة واليوم التاريخي معناه الحقيقي الأول من ايار عيد العمال، ولا عزاء للصامتين .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى