“عهد حوران”.. وثيقة مشبوهة تمهد لفصل محافظة درعا عن الدولة السورية

موقع أورينت نت المعارض

تصاعدت مؤخراً حملة الاتهامات التي طالت مسودة وثيقة “عهد حوران” التي تؤسس لوضع مشروع إدارة محلية لا مركزية في محافظة درعا بجنوب سوريا، عبر التسويق بأنها بداية لتطبيق نظام “الفدرالية” في سوريا، وتعزز “النزعة الانفصالية”، كونها تجاوزت حدود الإدارة المحلية واقترابها من نظام “الحكم الذاتي”.

وسبق لموقع “أورينت نت” أن انفرد مؤخرا بالكشف عن مسودة الوثيقة التي أنجزها مجموعة من الأكاديميين والحقوقيين من منطقة حوران، والتي من المقرر أن تعرض في خلال الأيام القليلة القادمة على المؤتمر التأسيسي ومجلس الممثلين الأول لإقرارها أو تعديلها، حيث تضع الوثيقة أسس وقواعد لتنظيم الجانب الإداري والخدمي والقضائي والقانوني والإعلامي والتعليمي والثقافي والديني في المحافظة، بينما تتضمن مبادئ وتفصيلات قانونية تتعلق بالملكية والأحوال الشخصية والحريات العامة.

تؤسس لنظام “الفدرالية”

المحامي “خالد العتيلي” من أبناء محافظة درعا، حذر بأن وثيقة “عهد حوران” هي بداية تأسيس نظام “الفدرالية في سوريا”، التي ستفتح الأبواب أمام جهات أخرى تسعى لتشكيل “أقاليمها” وتشريعها، في إشارة إلى “الفيدرالية” التي أعلن عنها صالح مسلم زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في شمال سوريا.

اقليم حوران الجنوبي

وكشف “العتيلي” في حديث لـ”أورينت نت” بأن بعض الجهات والشخصيات التي أعدت وطرحت مشروع “وثيقة العهد”، حاولت سابقاً تمرير هذا المشروع لتطبيق اللامركزية في سوريا، عن طريق المناورات السياسية والتلاعب بالألفاظ والمصطلحات، تحت أسماء مثل “الإدارة المحلية أو الإدارة المدنية”، وجميعها تهدف إلى اقامة “اقليم حوران الجنوبي”، الذي يضم “درعا والسويداء والقنيطرة”.

واعتبر الحقوقي السوري الذي كان قيادياً في (اتحاد المجالس المحلية في محافظة درعا) أن مشروع “وثيقة العهد” يراد لها أن تكون دستوراً لحوران لتنفيذ أجندات لجهات معنية (لم يسميها)، من خلال ترسيخ الإدارة اللامركزية وهي الغطاء ( للحكم الذاتي لحوران بالمرحلة الأولى).

دستور وحدود وبرلمان

وأشار “العتيلي” إلى أن المطلع على الوثيقة بشكل كامل وللمتمعن بألفاظها ومعانيها، يصل إلى نتيجة بأنها أقرب إلى الدستور من حيث توصيف السلطات الثلاث” التشريعية والتنفيذية والقضائية”، إلى جانب تناول قضية الحدود الادارية والملكية العامة والخاصة والحقوق وغيرها التي تعتبر من بنود الدساتير للدول.

وانتقد الحقوقي طرح قضية “اللامركزية” في ظل الظروف الراهنة والفوضى التي تشهدها سوريا، وفي ظل غياب حكومة مركزية تحدد الصلاحية التي سوف تتمتع بها الادارة اللامركزية، بحيث تستحوذ هذه الإدارات على صلاحيات واسعة جداً تصل إلى حدود “الفيدرالية”، ولا سيما أن الوثيقة تعتبر أن “مجلس الممثلين” يمثل أعلى سلطة في المحافظة وبيدها كافة الصلاحيات.

مبادرة موغيريني

وأبدى “العتيلي” تخوفات كبيرة في توقيت طرح مشروع “وثيقة العهد”، الذي جاء بعد شهر من طرح ” فيديريكا موغيريني”، مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي، مبادرة تدعو إلى تطبيق اللامركزية في سوريا، ودعم المصالحة وإعادة الإعمار.

وكانت موغيريني قد تلقت تفويضاً في نهاية العام المنصرم من دول الاتحاد الأوروبي الـ 28 لبدء حوار حول تحديد النظام المستقبلي للحكم في سوريا، مع القوى الكبرى في الشرق الأوسط مثل إيران والسعودية وتركيا، والمعارضة السورية.

وتعتبر “وثيقة موغيريني” أن “التحدي في سوريا يكمن في بناء نظام سياسي يمكن فيه لمختلف المجموعات والمناطق في البلاد أن تعيش في سلام جنباً إلى جنب، ضمن إطار سياسي موحد”، واقترحت “وجود دور أكبر للامركزية”، مع إعادة توزيع ممكن لسلطات الدولة في مجالات الصحة والتعليم والنقل والشرطة وغيرها إلى المحافظات وعددها 14 حاليا، أو الأقضية والنواحي. وتشدد “وثيقة موغيريني” على أن هذه الإصلاحات “يمكن أن تساعد على ضمان وحدة البلاد، وتجنب خطر تفكك سوريا”.

اللعب بالمصطلحات

الباحث السياسي “نصر فروان الحريري” من أبناء مدينة درعا الذي كان من الشخصيات التي وضعت مسودة وثيقة حوران، قبل أن ينسحب منها مؤخراً، أقر بأن الوثيقة أثارت الجدل وخلقت اشكالات عميقة وفتحت أبواب الشك والانتقادات، ولا سيما أنها تتضمن في صياغتها مصطلحات قريبة من “الحكم الذاتي أو فيدرالية”.

ورأى “الحريري” في حديث لـ”أورينت نت” أن المرحلة التي تمر فيها سوريا لا تحتاج إلى مثل هذه المشاريع، كون الأولوية يجب أن تنصب على دعم الثورة، وتطبيق المرحلة الانتقالية وفق القرارات الدولية وإعادة الإعمار والاستقرار إلى البلاد.

واشتكى الباحث السياسي من الآلية التي أتبعت في اقتراح أو تعديل أو إلغاء فقرة أو بند في الوثيقة، والتي كانت عبر تصويت أعضاء اللجنة وعددهم 22، حيث غالباً ما تكون نتيجة التصويت لصالح الشخصيات التي وصفها بأنها “أصحاب المشروع”.

استبدال “الدستور بالوثيقة”

واعتبر “الحريري” أن الاشكالية في الوثيقة تبرز في صياغتها، المشابه لـ”دستور دولة” بعد اللعب بمصطلحاته، ليتم استبدال “الدستور بالوثيقة” والمجلس النيابي بـ”مجلس الممثلين” والسلطات الثلاث بـ”الهيئات”، وتناولت “منطقة حوران” كإقليم جغرافي وأهالي حوران كشعب بدلًا من درعا كمحافظة.

لم يكن الباحث السياسي “نصر فروان الحريري” الشخصية الوحيدة التي أعلنت مؤخراً عن الانسحاب من المشروع، فقد أعلن كل من الشيخ “ناصر الحريري” عضو مجلس الشعب المنشق، والدكتور “إبراهيم الجباوي” مدير الهيئة السورية للإعلام، وشخصيات أخرى الانسحاب والتخلي عن المشروع لأسباب مختلفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى