ملاحظات حول تطوير القضاء
بقلم : المحامي هاني الدحلة
كان الأردن يمتلك جهازا قضائيا ممتازا في الخمسينات والستينات وما بعدها من القرن الماضي, ولكن هذا الجهاز تعرض لجملة تدخلات في شؤونه من قبل بعض رؤساء الحكومات.
مؤخرا تم تشكيل لجنة ملكية لتطوير القضاء, حيث قدمت هذه اللجنة توصيات لا يسعني إلا ان أقول أنها صحيحة وضرورية, ولكن اخشى ان يوضع تقرير هذه اللجنة على الرف, ولا يجري تنفيذ أي بند من بنوده بل تبقى الأمور على حالها بدون تطوير.
ومن الجدير بالذكر ان موضوع ” تطوير القضاء” يعتبر من أهم مهمات الدولة, لان وجود قضاء مستقل وكفء وقادر على القيام بالمهام الموكولة إليه, هو الركن الأساسي في قيام دولة ديمقراطيه قادرة على تلبية احتياجات المواطنين, ونشر الاستقرار والمساواة والعدالة في ربوع الوطن.
ولكن للأسف فان الحكومات المتعاقبة لم تول هذه الناحية اهتماما كافيا لتنفيذ التوصيات التي جاءت بها لجان تطوير القضاء, واهمها اللجنة الاخيرة التي قدمت توصياتها المقترحة, رغم ان هذه التوصيات كانت معروفة قبل ذكرها من قبل اللجنة الأخيرة, ولم تعمل اللجنة سوى تدوينها وتبويبها في صيغة تقرير هام ومدروس وضروري.
إننا من منطلق المحافظة على وجود دولة ديمقراطية تحافظ على حقوق المواطنين وحرياتهم, ندعو الدولة إلى القيام فورا بتنفيذ كافة توصيات لجنة تطوير القضاء لان أي تأخير في ذلك من شأنه زيادة الوضع حرجا, وقد تصل الأمور إذا بقيت على حالها إلى ما لا تحمد عقباه.
وليس مثال القضاء الفاشل في بلدان عربية اخرى عنا ببعيد, حيث سبق لي وذكرت في مجالات كثيرة ورسائل خطية منشورة ان من أهم وسائل قيام حكم ديمقراطي حقيقي في البلاد, تشكيل حكومة وطنية من الشخصيات الملتزمة والمستقيمة وممثلي النقابات المهنية وأحزاب المعارضة ذوي المبادئ القومية العربية والمستقلين أصحاب الخلق والاتجاه السليم والسمعة الطبية, وذلك لكي تقوم هذه الحكومة بإجراء انتخابات عامة لمجلس نواب جديد, بعيدا عن تدخل أي شخص كان او جهة كانت.
ومن المفروض ان يتم بعد هذه الانتخابات تشكيل حكومة نيابيه تمثل مختلف الاتجاهات, وان تتولى هذه الحكومة إجراء الإصلاح اللازم لكل مناحي السلطة ومرافق الحكم.
ان بلادنا جزء من الأمة العربية الكبيرة التي لو توحدت لكان لها وضع دولي مؤثر في أحداث العالم, ولكن التشتت وقيام أكثر من عشرين دولة عربية لا يجمعها سوى اجتماعات دورية سنوية أو غير ذلك وقرارات القمة والجامعة تظل حبرا على ورق جعل من الأمة العربية مرتعا لأطماع الاستعمار و الامبريالية الصهيونية والتدخلات الخارجية المتنوعة, مما افقد هذه الأمة مكانتها وقدرتها على تحقيق وحدتها, أو على الأقل توحيد صفوفها لتكون لها قدرة على خدمة مواطنيها وتحقيق آمالهم في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.