تسويق الفسيخ لاول مرة عبر الانترنت في اعياد شم النسيم المصرية
القاهرة - قدس برس
يحرص المصري أحمد حامد كعادته في كل عام، على الذهاب إلى محلّ “شاهين”، أشهر محل لبيع الأسماك المملحة بمنطقة السيدة زينب بالقاهرة، في اليوم الذي يسبق عيد شمّ النسيم، فيقف منذ السابعة صباحاً في الطابور بانتظار دوره لشراء الفسيخ والملوحة.
حامد البالغ من العمر 55 عاما، وهو موظف بوزارة العدل المصرية، يحدّث “قدس برس” مبتسماً عن “الفسيخ والرنجة”، ويقول إنهما الأكلة الرسمية للشعب المصري في عيد شم النسيم، الذي صادف امس الاثنين 17 نيسان.
ويضيف “مهما ارتفع سعره أو حذرت وزارة الصحة كلّ عام من تسبب الفاسد منه في حالات وفاة، إلا أنني أذهب سنوياً لشرائه من محل شهير لضمان صلاحيته”.
ويضيف: “فكرنا هذا العام أن نصرف النظر عن أكل الفسيخ بعد ارتفاع سعره إلى 150 جنيه للكيلو، والرنجة إلى 200 جنيه، ما يعني حوالي 25 في المائة من راتبي، لكننا تراجعنا لأنها من جهة فهي عادة نمارسها منذ سنوات، ومن جهة ثانية لأن أسعار الأطعمة على اختلافها ارتفعت”.
“الطابور” الطويل الذي يقف فيه الزبائن أمام محل “فسخاني شاهين” بالسيدة زينب، يضم نساءً ورجالاً، بسطاء وأغنياء، تحدّق أعينهم جميعاً بقائمة الأسعار: ألف جنية كيلو البطارخ – 150 جنيه كيلو فسيخ نبراوي – 140 فسيح دمياطي – 120 ملوحة .. الخ.
فسيخ أون لاين
أما الجديد هذا العام، فكان بإمكانية شراء الفسيخ “أون لاين” عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو تقليد حديث، انتشر بين المصريين الباحثين عن فرص عمل.
ويعمل الكثيرون في مصر على بيع السلع عبر مواقع التواصل كالمصاحف الملونة في رمضان، وخراف الأضاحي في العيد، وملابس ومأكولات شعبية وغيرها.
وتقول صاحبة حساب “الفسيخ النبراوي” على موقع التواصل الاجتماعي، إنها تبيع الفسيخ والأسماك المملحة للزبائن وتوصلها إلى المنازل عن طريق مندوب، وتضمّ صفحتها أكثر من 7 آلاف عضو.
ويشهد الطلب على الأسماك من عندها إقبالاً كثيفاً نظراً لأنها تبيع كيلو الفسيخ بـ 105 جنيه أي بسعر أقل من السوق.
أما بائعة الفسيخ “أون لاين” التي اكتفت بذكر اسمها مدام منى، فتقول إنها متخصصة في بيع كل شيء عبر الانترنت، مضيفة “زوجي لديه شركة ولكنه يرفض أن انزل من بيتي للعمل فقررت العمل من منزلي في بيع سلع مختلفة عبر الانترنت”.
وتتابع في حديثها لـ “قدس برس”: “أشتري وأبيع كل حاجة عن طريق الانترنت، ومنذ 3 سنوات اتفقت مع محل كبير لبيع الأسماك المملحة في مدينة نبروه بمحافظة الدقهلية (شمال مصر الشهيرة ببيع الفسيخ)، وأبيع الفسيخ طوال العام وليس في موسم شم النسيم فقط”.
وتعرض منى عبر صفتحها على موقع فيسبوك أسعار الأسماك المملحة، فيما يدور بينها وبين عملاءها نقاش مستمر حول الأسعار والطلبات وكيفية التوصيل.
أما مها الخولي، التي تبيع الفسيخ أيضاً عبر الانترنت، فتقدّم أسعارا منافسة عن غيرها.
وتقول : إنها “تسعى في المواسم المختلفة لبيع السلع التي يطلبها الجمهور عبر الانترنت، لتوفير الرزق لأسرتها، وترى أنها أنسب تجارة للسيدات بعيدا عن مشاكل الوقوف في محال تجارية أو التعامل مع جهات حكومية، كما أن أغلب زبائن الانترنت يكونون من فئات اجتماعية مهذبة”.
وتعرض بائعة الفسيخ أون لاين التوصيل أيضا للمنازل عبر مندوب توصيل مقابل 20 جنية فقط، إلى جانب تنظيف الفسيخ مجانا، وتضيف بأنها تبيع أيضا “الفطير المشلتت والجبنة القديمة وغيرها”.
وتقوم سيدات بتصنيع الفسيخ من السمك البوري في منازلهن وبيعه في موسم شم النسيم، لكنّ ارتفاع أسعاره مؤخراً من 30 و40 جنيه إلى 60 و80 جنيه، أدى إلى توقف الكثير منهن عن تصنيعه.
في المقابل، تقول شادية محمد (61 عاما) وهي موظفة على المعاش، “إن الفسيخ عليه مشاكل كثيرة ونسمع كل عام عن حالات تسمم عبر وزارة الصحة ولا بد أن أشتريه بنفسي من محل معروف بدل المجهولين عبر مواقع التواصل”.
وتضيف: “لنفرض أن أحدا اشترى عبر الانترنت وتسبب الفسيخ في مشاكل صحية لمن يشكو؟ ومن يشكو؟”.
وتتابع قائلة بأن أسعار الفسيخ زادت 120 في المائة هذا العام، حيث كانت تشتري الكيلو العام الماضي بـ 60 جنيه فقط ولكنه ارتفع هذا العام لـ 150، و”في محال تبيعه منظفا جاهزا للأكل بـ 200 و250 جنيه للكيلو”.
وتُعرف مدينة نبروه بمدينة المنصورة شمال مصر بأنها “عاصمة الفسيخ”، حيث يوجد بها 90 مصنعا لإنتاج 50 طنا من الفسيخ خلال موسم شم النسيم.
تحذير كل عام بلا استجابة
وقبيل بدء الاحتفال بموسم “شم النسيم” في مصر كل عام، ينتشر الجدل الصحي والديني مرة أخرى بشأن الاحتفال بهذه المناسبة دينيا، وما يواكبها من مظاهر مصرية لها أصول فرعونية مثل تناول الأسماك المملحة (الفسيح والملوحة) والبيض الملون.
ولا يمر عام دون أن تصدر وزارة الصحة المصرية بيانا يحذر المصريين من تناول الفسيخ نهائيا، “لما يمثله من خطر داهم على الصحة قد تصل إلى إصابة الاشخاص بالشلل التام أو الوفاة”، ومع هذا لا يلقي أحد بالا لهذه التحذيرات.
ويقول الدكتور عمرو قنديل، رئيس قطاع الشؤون الوقائية، إن “طريقة تحضير الفسيخ غالباً تكون غير آمنة من الناحية الصحية … والسموم الموجودة في الفسيخ لا يبطل مفعولها وتأثيرها على الإنسان إلا إذا تعرض الفسيخ لدرجة حرارة 100 درجة مئوية لمدة عشر دقائق مثل القلي في الزيت”.
ويؤكد أن تناول الأسماك المملحة والمدخنة، وخاصة الفسيخ في عيد شم النسيم يمثل خطراً شديداً على الصحة قد يصل إلى الشلل أو الوفاة، لهذا توفر وزارة الصحة كميات من مصل “البوتيلزم” لحالات الطوارئ تصل تكلفتها إلى 5 ملايين جنيه، وتكثف الحملات للرقابة على المنشآت الغذائية وأماكن تصنيع وبيع الأسماك المملحة.
وعيد الربيع أو شم النسيم هو عيد مصري فرعوني قديم يأتي في اليوم الثاني لاحتفال أقباط مصر بعيد القيامة، ويعتبر أجازه رسمية ويحتفل فيه المصريون بتناول الاسماك المملحة مثل الهارنج (الرنجة) والفسيخ والسردين، وغالبا ما تشهد مستشفيات مصر فيه حالة طوارئ بسبب حالات التسمم التي تنتج عن تناول أسماك فاسدة.