اردوغان يفوز بموقع الرئاسة ولكنه يخسر نصف الشعب التركي
شهدت معظم المدن التركية أمس مظاهرات رفضا لنتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية، أعقبها اعتقال الشرطة عشرات المحتجين.
ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع إعلامية متنوعة، مقاطع فيديو تظهر فيها تجمعات كبيرة للطلاب والمواطنين في شوارع اسطنبول للتعبير عن رفضهم للتعديلات الدستورية، بعد تسجيل موافقة 51% من مواطنيها على الاستفتاء, حيث خرج نحو ألفي شخص في اسطنبول ورفعوا شعارات مناهضة لنتيجة الاستفتاء، وهتف المتظاهرون “جنبا إلى جنب ضد الفاشية” وسلكوا شوارع منطقة كاديكوي على الضفة الآسيوية للمدينة وصولا إلى مقر المجلس الانتخابي الأعلى.
وقد نظمت مظاهرات أخرى مماثلة ولكن بحجم أقل في مختلف أنحاء تركيا, حيث هتف المتظاهرون خلال مسيرتهم “الـ”لا” لم تنته” و”الـ”لا” ستفوز”، وهما شعاران انتشرا بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وسارع أكبر حزبين معارضين، حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي، إلى رفض نتيجة الاستفتاء منددين بـ”تلاعب” شابه، وأكدا عزمهما على طلب إعادة احتساب الأصوات.
كما أعلنت المعارضة التركية طعنها على نتائج الاستفتاء أمام المحكمة الدستورية العليا بدعوى وجود تزوير وعمليات فرز سرية واللجوء للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إن لزم الأمر.
وقال نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري بلونت تزكان إن حزبه تلقى العديد من الشكاوى بعدم قدرة العديد من المواطنين على الإدلاء بأصواتهم بخصوصية وفقا للقانون.
وأشار تزكان إلى أن بعض الأصوات تم فرزها سرا ملمحا إلى حدوث تزوير وأن قبول لجنة الانتخابات بالأصوات غير المختومة يتعارض بشكل واضح مع القانون.
وقال: “في الوقت الحالي من المستحيل حصر عدد الأوراق غير المختومة والحل الوحيد الذي ينهي الجدل حول شرعية التصويت على الاستفتاء هو إلغاؤها منعا للتوتر”.
وأشار إلى أن حزب الشعب الجمهوري سيتقدم بشكاوى إلى السلطات المحلية للانتخابات وبناء على نتيجة الطعون سنتوجه للمحكمة الدستورية في تركيا والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وأي سلطة أخرى ذات صلة إن لزم الأمر.
وكان زعيم حزب الشعب الجمهوري أعلن أمس فور صدور نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية رفضه لفوز خيار “نعم” وأكد على توجهه للطعن على النتائج مع شريكه في المعارضة حزب الشعوب الديمقراطي.
وقال كمال كليتشدار أوغلو إن “معلوماتنا تظهر أن هناك تلاعبا في حدود 3- 4 نقاط مئوية”.
من جانبها شككت نائبة رئيس حزب الشعوب الديمقراطي بغالبيته الكردية فيليز كيرستجي أوغلو في شرعية النتائج وقالت إن الحملة الدعائية للتصويت في الاستفتاء لم تكن عادلة, واصفة النظام الرئاسي الذي سينبثق عن نتائج الاستفتاء بأنه “غير شرعي لأن الشعب رفض تغيير الدستور بهذه الطريقة”.
وكان المراقبون الدوليون، الذين أوفدتهم منظمة الأمن والتعاون في أوروبا والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا في لجنة مشتركة، لمراقبة الاستفتاء التركي، قد اعلنوا ارتكاب العديد من المخالفات.
ومن المخالفات التي أشار المراقبون إليها، أن الحملة التي سبقت الاستفتاء في تركيا “لم تكن متكافئة” حيث هيمن معسكر “نعم” على التغطية الإعلامية، كذلك عملية فرز الأصوات شابها تغيير في الإجراءات في اللحظة الأخيرة.
وصرح سيزر فلورين بريدا من اللجنة المشتركة أن “التغييرات التي جرت في مرحلة متأخرة من عملية فرز الأصوات ألغت ضوابط مهمة” في إشارة إلى قرار المجلس الانتخابي السماح باحتساب بطاقات الاقتراع التي لا تحمل ختما رسميا.
وأضاف أن إجراء الاستفتاء في ظل حالة الطوارئ التي فرضت عقب المحاولة الانقلابية في يوليو الماضي، يعد انتهاكا “للحرية الأساسية”.
وكانت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا أرسلتا 63 مراقبا من 26 دولة للإشراف على الاستفتاء.
وفي تقرير لها من أنقرة قالت وكالة الصحافة الفرنسية: بعد فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بفارق ضعيف في استفتاء لتوسيع صلاحياته بات عليه السعي إلى المصالحة في بلده المنقسم، لكن خياره النهائي بين التهدئة والمواجهة لم يتضح حتى الساعة.
واضافت الوكالة تقول : رغم أمل أردوغان في إحراز تأييد واسع لم يجمع معسكر “نعم” أكثر من 51,41% من الاصوات, فيما فاز معسكر “لا” في كبرى مدن البلاد الثلاث اسطنبول وأنقرة وإزمير.
وكان أردوغان قد تبنى اثناء الحملة خطابا شرسا ضد معارضي التعديلات الدستورية المطروحة واعتبرهم تكرارا موازين “للارهابيين”، وكذلك ضد اوروبا مع تنديد الرئيس التركي “بممارسات نازية” بعد الغاء تجمعات داعمة له في بلدان أوروبية بقرار محلي.
واعتبر فادي حاكورة من مركز البحوث “تشاثام هاوس″ في لندن ان أردوغان لن يغير أسلوبه بعد الاستفتاء, وقال “لا اعتقد ان اردوغان سيبتعد عن المقاربة الهجومية التي تبناها حتى الآن”، بل انه قد “يعزز خطه المتشدد جدا وأسلوبه السياسي الرافض للتنازلات”.
من جهته اعتبر رئيس تحرير “حرييت ديلي نيوز″ الناطقة بالانكليزية مراد يتكين ان “اردوغان سياسي يملك تجربة كافية ليدرك ان هذا الفوز الضعيف لن يتيح له التصرف بالحرية التي يجيزها هامش أوسع″.