اردوغان يحرز “انتصارا بطعم الهزيمة” في استفتاء التعديلات الدستورية امس
أعلنت لجنة الانتخابات، بعد فرز 100% من الأصوات في استفتاء تركيا، أن 51,2% من المشاركين قالوا “نعم” للتعديلات الدستورية، مقابل 48,8 قالوا “لا”.
وأدلى الأتراك امس الأحد بأصواتهم في استفتاء تاريخي حول تعديلات دستورية منها إلغاء منصب رئيس الوزراء، ما سيعزز صلاحيات الرئيس رجب طيب أردوغان، ويغير شكل النظام السياسي في البلاد.
وصوت نحو 24 مليون و300 ألف بـ “نعم” مقابل نحو 23 مليون و200 ألف صوتوا بـ “لا”، علما أن البيانات التي نشرتها وكالة “الأناضول” أظهرت أن الأصوات المعارضة للتعديلات تصدرت في أكبر ثلاث مدن تركية وهي إسطنبول وأنقرة وإزمير بالإضافة إلى جنوب شرق البلاد الذي تقطنه غالبية كردية.
وقد اتهم أبرز حزبين معارضين في تركيا امس الأحد السلطات التركية بـ”التلاعب” بنتائج الاستفتاء حول توسيع سلطات إردوغان الذي أظهرت نتائجه شبه النهائية غير الرسمية فوز مؤيدي توسيع سلطات الرئيس.
واعلن اردال اكسونجر الأمين العام المساعد لحزب الشعب الجمهوري المعارض (ديمقراطي اشتراكي) أنه سيطعن بنتائج نحو 37 بالمئة من صناديق الاقتراع ويمكن أن يرتفع هذا الرقم إلى 60 بالمئة، حسب ما نقلت عنه وسائل اعلام تركية.
وقال، إن ممارسات غير قانونية نفذت لصالح الحكومة في الاستفتاء الذي جرى على تعديلات دستورية ستوسع صلاحيات الرئاسة.
وتابع قائلا: “ان العديد من الممارسات غير القانونية تنفذ لصالح الحكومة حاليا لكن ستفوز في النهاية”، مشيرا إلى قرار المجلس الأعلى للانتخابات قبول أصوات غير مختومة.
وقال حزب الشعوب الديمقراطي المعارض والمؤيد للأكراد أيضا عبر تغريدة إنه سيطعن في صحة البطاقات في ثلثي صناديق الاقتراع، معتبرا أن “المعطيات التي تصلنا تفيد بأن تلاعبا قد حصل يوازي ثلاث أو أربع نقاط مئوية”.
ويندد الحزبان المعارضان بقرار المجلس الانتخابي احتساب البطاقات غير المختومة التي استخدمت خلال الاستفتاء، واعتبرا هذا الأمر خرقا للقواعد المرعية الاجراء.
كما ندد بولنت تزكان وهو أيضا أمين عام مساعد في حزب الشعب الجمهوري في تصريح لشبكة “سي ان ان تورك” بقرار المجلس الانتخابي.
وصرح عثمان بايدمير المتحدث باسم الحزب أن اثنين من نوابه توجها إلى مقر المجلس الانتخابي لتقديم اعتراض على هذا القرار.
وجاء في بيان على الموقع الإلكتروني للمجلس الأعلى للانتخابات قبل ساعات من إغلاق مراكز الاقتراع أن المجلس سيحصي أصواتا لم يختمها مسؤولوه بوصفها صحيحة إلا إذا ثبت أنها مزيفة, متعللا بوجود عدد كبير من الشكاوى من أن مسؤولي المجلس في مراكز الاقتراع لم يقوموا بختم كل أوراق الاقتراع.
واستخدمت في الاستفتاء بطاقة تصويت واحدة تحمل ختما رسميا وتقسم جزأين: الأول طبعت عليه كلمة “نعم” لمؤيدي التعديل والثاني كلمة “لا” لمعارضيه.
وطالب تزكان المجلس الانتخابي “بالعودة فورا عن هذا الخطأ”، داعيا إياه الى اتخاذ تدابير تضمن اجراء الاستفتاء في إطار العدالة.
وتؤكد الحكومة أن هذا التعديل لا بد منه لضمان استقرار البلاد ومواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية.
لكن المعارضة ترى فيه جنوحا إلى الاستبداد من قبل رجل تتهمه بإسكات كل صوت منتقد، خصوصا منذ محاولة الانقلاب الفاشل في 15 تموز 2016 والذي يعتقد أن السلطات كانت تعلم به وتغاضت عنه عمدا لتدشين أوسع حملة تطهير في البلاد وتصفية للخصوم وتوظيفه لصالح توسيع صلاحيات الرئيس.
ومن جانبه قال محمد زاهد جول، المحلل السياسي التركي، من المؤكد أن قبول نسبة ليست بالكبيرة للتعديلات الدستورية سيكون له تداعياته على الحزب الحاكم وحتى على حزب الحركة القومية.
وتابع جول، في تصريحات صحفية امس، أن النسبة التي كانت متوقعة لمن سيصوتون بنعم أكبر من هذا الرقم، وهذا دليل على أن الحزب الحاكم لم يستطع أن يقنع جمهوره بجدوى الاستفتاء، وهذه نقطة أساسية، واعتقد أننا سنشهد تغيرات متتالية في الساحة السياسية التركية.
وأضاف جول، اعتقد أن غداً سيكون يوماً مختلفاً، لأن التعديلات الدستورية ستنشر في الجريدة الرسمية، وبعدها ستبدأ بعض التغيرات وفقاً للدستور الجديد، وعلى رأس تلك التغيرات ربما مؤتمر عام داخل حزب العدالة والتنمية، يتيح من خلال هذا المؤتمر لأردوغان أن يترأس حزبه مرة أخرى، والأمر الآخر، أن هذه التعديلات الدستورية لن تكون مفعله حقيقي إلا بعد أول انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة في العام 2019.
واختتم جول بالقول: لا اعتقد أن تكون هناك حالة من التظاهر أو الرفض من جانب المعارضة لأنها في النهاية منيت بهزيمة، بغض النظر عن نسبتها لأنها لم تستطع تحقيق ما كانت تطمح له من رفض التعديلات الدستورية، واعتقد أن تداعيات النتيجة على الحزب الحاكم وعلى حزب الحركة القومية ستكون أكبر وأكثر، فقد انتصر الحزب الحاكم ولكنه “انتصار بطعم الهزيمة”.
وقد اعترض عدد من سكان أحياء مدينة إسطنبول التركية على نتيجة هذا الاستفتاء, وقاموا بالقرع بالأواني من نوافذ منازلهم، وفقا لما نقلته وكالة “رويترز”، احتجاجا على النتيجة التي أعلنت مساء امس الأحد لصالح الموافقة على التصويت.
ونقلت الوكالة عن شهود عيان بالمدينة التي تعد كبرى المدن التركية إن سكان أربعة أحياء على الأقل قاموا بهذا الشكل التقليدي من أشكال الاحتجاج.
وقام عدد أخر من سكان المدينة بنشر تسجيلات مصورة وصور على مواقع التواصل الاجتماعي لمجموعات صغيرة من المحتجين يخرجون للشوارع في بعض المناطق.
اما نيهان عثمان أوغلو، حفيدة السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، فقد علقت على نتائج الاستفتاء الدستوري، قائلة عبر حسابها على تويتر “الحمد لله”.
وكانت نيهان من أكبر المساندين لاردوغان، حيث قالت في تصريحات سابقة إنها “لا تريده أن يُترك وحيدا كما حصل مع جدها من قبل”.
وأشارت إلى أن النظام البرلماني هو “بمثابة عقبة أمام أي قائد يسعى من أجل قضية وطنية”، وأنها رأت عدة قادة وطنيين يتعرضون للأذى بسبب النظام البرلماني.
وأضافت: “النظام البرلماني كان السبب في حدوث الانقلابات، عندما قال كنعان أفرين قائد أحد الانقلابات، إننا أعدمنا مواطنين يمينيين ويساريين، ألم يعدموا بسبب النظام البرلماني؟”.