المؤمنون بوحدة العرب هم قناديل هذه الامة وانبل من انجبت
كلمة المحامي الدكتور/ هاني الخصاونه في المهرجان الذي أقامه بعثيو الأردن في مجمع النقابات المهنية بعمان, بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي في السابع من شهر نيسان.
أيتها الأخوات أيها الأخوة،
في الذكرى السبعين لتأسيس حزب البعث العربي الإشتراكي نعلن وبأعلى ما في حناجرنا من صوت عن إعتزازنا بهذا الحزب وإحترامنا لنضاله لتحقيق أهدافه في الوحدة العربية والحرية والإشتراكية وإيماننا بصحة وسلامة أسلوبه في إعتماد وطلب أعلى درجات المناقبية والأخلاق والإستقامة من كل فرد ينتسب إليه.
وبالرغم مما يملأ الدنيا العربية في حالها اليوم من ضعف وفرقة وهوان وخاصة في المؤسسات الرسمية للدول العربية, فإننا نعلن أيضا وبأعلى أصواتنا أن ما نحن فيه الآن من ضعف ليس من طبائع الأمة ولا هو من سماتها, وهي الأمة العظيمة المباركة التي اصطفى الله جل وعلا آخر أنبيائه من أبنائها, وأوكل إليه حمل رسالة الخير والحق والعدل والأخوة إلى البشرية كافة.
… ولهذا فنحن براء من النعيب واللغو الذي يسخر من أهداف الأمة وحقوقها ويتهم المناضلين الصامدين من أبنائها البررة بالخشبية والشعبوية والجمود والخروج على قوانين التاريخ.
ولعمري فإن المؤمنين بوحدة العرب وحقهم في الإنتساب لكيان سياسي واحد هم أنبل من أنجبت الأمة وهم قناديل المسيرة يضيئون دجاها ويملؤون سماءها بالأقمار المتلألئه, وهم أغصان خضراء زاهية مترعة بالنسغ النابض بالحياة والخير يعتصمون بالولاء لشعبهم ويقتحمون بصمودهم ونضالهم شعاب التاريخ, ومنهم مئات الآلاف من معتقلين وشهداء وجرحى نالهم ما نالهم في معارك النضال التي خاضوها تحت راية حزب البعث العربي الإشتراكي على امتداد الساحة العربية.
أيها الأخوة،
عندما أستعيد ذكريات حياتي وكيف وجدت نفسي وأنا في الخامسة عشرة من عمري عضواً في حزب البعث العربي الإشتراكي, وكيف اقتضى مني هذا الإنتساب المبكر أن أتخلى عن خواص مرحلة الفتوة كلها والانتقال الجذري الى مرحلة الرجولة والرصانة والوقار المبكر رغم أن لحانا لم تكن قد تهيأت للحلاقة بعد, إذ كان الحزب يتشدد في إختيار أعضائه, فقبل أن يقبل الحزب عضواً فيه كان يخضعه للتدقيق في ماضيه وبيئته وتربيته وأهليته وقدرته على كسب احترام الناس وثقتهم، ولذلك فإني والآلاف غيري ممن ابتعدوا عن الحزب تنظيمياً مدينون له بتربيتنا وتغلغل مبادئ الشرف والإستقامة في ضمائرنا والإلتزام بسجايا الإيثار وحب الشعب والصدق والبر والأمانة والتواضع، فقد حصنت هذه المبادئ ضمائرنا من إغراء الدنيا وأقامت في أعماقنا سداً منيعاً يصد عنا وسواس الإنحراف والإنغماس في الأنانية وإمتاع الذات وإشباع غرائزها.
إننا مدينون بهذه التربية للبعث الذي تأسس على مبدأ أساسي وهو ان المستقبل العربي يبينه المناضل العربي حين ينقلب على ذاته وينسلخ عن كل شوائبها ويبدلها بما نشأت عليه امته حين كان محمد صلوات الله عليه كل العرب وحين طلب البعث من العرب لكي ينهضوا أن يصبحوا كلهم محمداً الأمين ….. بالقدوة والتأثر.
أيها الإخوة،
لقد نما حزب البعث وكبر، كشأن كل كائن إجتماعي واتسعت قواعده في أقطار الأمة وأصابته الطعنات مرات ومرات ودخلت إليه وخرجت منه أفواج وجماعات وأفراد, ولكن تاثير مبادئه وبسالة الميامين من أبنائه وخاصةً في مقارعة الاستعمار والدفاع عن فلسطين والتمسك بالعروبة ظلت حية ومؤثرة فيه وبوصلة لمسيرته..
ولا شك ان العروبة لدى البعث وعاء جامع يشتمل على كل ما يكرم المواطن العربي ويعلي من أنسانيته، فهي لا تقوم على الدم والإنساب وإنما تقوم على الأخوة والإنسانية وعلى الثقافة واللغة المشتركة. وفي عقيدة البعث أن العقل والإيمان كما العروبة والإسلام يتكاملان ولا يتناقضان.
ولأن البعث لم يكن حزباً اجتماعياً فقط بل كان حركة حية متصلة عضويا بكل فرد عربي فالوحدة والحرية والإشتراكية هي من شروط البقاء الوجودي الإنساني للعرب وليست من شروط الحياة الكريمة للإنسان العربي فقط . ولهذا أنتشر البعث خلال فترة وجيزة وامتد ووصل إلى السلطة الكاملة في قطرين عربيين, ونال من جراء مكوثه في السلطة معاناة ممتدة إلى يومنا هذا ولم تتوقف للحظة واحدة مكائد المستعمرين ومواليهم ضد هذا الحزب, فتلقى السهام المتكاثرة والمؤامرات وحملات التضليل والتشويه والرشى لتشويه البعث والنيل منه ومن تاريخه.
وعزاؤنا فيما نحن فيه أن بين ظهراني هذه الأمة ما تزال هناك فئة ثابتة على عهدها لم يثنها إنكشاف صدور أبنائها وظهورهم للأعداء عن مواصلة الكفاح، حيث تمتلئ قلوب هذه الفئة بالثقة بالنصر وبالفرج وباليسر بعد العسر وباليقين بأن.. لنا الغد ومجده المخلد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،