القومية العربية: وأطماع القوميات الأخرى

بقلم: محمود الكومي/القاهرة

حين يتعاظم الدور القومى ويتمدد فى الداخل الأنسانى ويسير مسرى الدماء فى العروق فلاتتم هذه الكيمياء اِلا من خلال معادلات تفرضها الحقائق التاريخية والواقعيةوالجغرافية والسياسيةوهى تتجلى فى أمتنا العربية بما يجعلها تتفرد عن باقى القوميات لتضحى الأحق بذوبان حدودها المصطنعة وأتحاد بلدانها فى وحدة عربية شاملة من المحيط الى الخليج ,ويحقق هذا الفعل القومى المتعاظم ,  القوى القومية -التى تنكر الذات وتجاهد الأنانية والفردية وتزرع الجماعية فى الوجدان – وزعاماتها الثورية المبدعة للفكر القومى العربى وآليات تحقيقه على أرض الواقع لتضحى قوميتنا العربية فى قوامها الفريد.

وحين يتدنى الدور القومى ويترك الأنسان “ذاته” لأهوائها الفردية والأنانية المحضة, تسود الدونية لتقضى على القومية وهنا يرتع أعداء قوميتنا العربىة ( الأستعمار والرجعية العربية وحكام الدول العربية العملاء)يشهرون معاول الهدم لتقطيع أواصر الأمة العربية وتفتيت دولها الى أجزاء يسهل على كل الغزاة من القوميات الأخرى التهامها جزءاً جزءاً طالما فقدنا قوتنا التى هى فى وحدتنا وقوميتنا العربية الواحدة .

مابين التعاظم والتدنى فى الدور القومى ..مسافة شاسعة …..فى الأولى  ساق القدر الزعيم جمال عبد الناصر ( فى العصر الحديث) كزعيم ثورى قومى عربى , أبدع لفكر القومية العربية وآليات تحقيق وحدتها , وصار المد القومى لدى الشعب العربى كله طاغيا من المحيط الى الخليج,والتصدى للرجعية العربية التى تحارب القومية  وكان النضال من اجل تحرير كل أجزاء الوطن العربى التى كانت مستعمرة حتى تحررت وكان الهدف الأسمى تحرير فلسطين ويبقى الصراع مع اسرائيل صراع وجود …. وغادر “ناصر” الى رحاب ربه .

فى الثانية .. ساق القدر” السادات”الذى ساقته الرجعية العربية ممثلة فى ممالكها وحكام الخليج, الى صلح مع عدو القومية العربية اللدود “اسرائيل”ليتدنى الدور القومى وينحدر الى أقصى الحدود وتسود الذاتية والنرجسية والدونية وتسعر المذهبية والطائفية وتتبدل النظرة الجماعية الى الفردية , ليسود منظق الأستعمار فى كل وقت وآذان ” فرق تسد “-ويتبدل العدو الصهيونى الى صديق , ويبقى أستباحة اللحم العربى بعد تقطيعه أرباً بسكين حكام الرجعية العربية “المتمثل البترودولار” وجامعتهم العربية , واعداده للطهى لتلتهمه الصهيونية والأمبريالية العالمية والقوميات المتحالفة معها – التركية والكردية-فى وجبة هى الأشهى .

قد يثور السؤال من البعض ليطرح نفسة , وأين أنت من القومية الفارسية ؟

وتبقى الأجابة حاضرة .. لكى يبقى الواقع والطبيعى أنه يحق لكل قومية أن تدافع عن وجودها وتأمن حدودها وأن تطرح نفسها وفكرها بقواها الناعمة , وفى أطار من أحترام الجيران من القوميات الأخرى  , وحين تتقاطع المصالح يبقى التعاون مسار ,,, وعندما ينهش الأرهاب أحشاء سوريا والعراق وتتأمر دول مجلس التعاون الخليجى خاصة – قطر والسعودية – عليهما أملا فى تحقيق أهداف الصهيونية والأستعمار لأجل تفكيكهما والقضاء على جيوشهما , وتنحاز لهما ايران تدرء عن حدودها تأمر الارهاب والأستعمار وتساعد جيوشهما ودولهما فى البقاء, وتدخل روسيا على الخط من اجل هذا الهدف ومن اجل القضاء على الأرهاب قبل أن يصل حدودها ,تتقاطع المصالح ويبقى انه لابديل عنهما فى مجابهة دول عربية رجعية – كان بحكم العروبة عليهم واجب مساعدة  سوريا والعراق لتقطع خط الرجعة على أى تعاون بينهما وبين ايران وروسيا , لكن طالما تنكروا لهما وتأمروا عليهما مع الصهيونية والأمبريالية  فلابديل أمامهما اِلا التعاون مع من  جاء يساعد فى حفظ كيان الدولتين , وهنا فالمنطق يقول التعاون مفروض واِلا فالبديل الأنهيار.

تُرِكَت ليبيا فريسة للجامعة العربية التى تُسَيرها دول مجلس التعاون الخليجى فأستدعت الناتو وقوات جوية من قطر والأمارات والسعودية فدمرتها وتركتها فريسة للأرهاب , وهى تُعَد الآن للتقسيم دويلات ( برقة وطرابلس وفزان )هكذا تأمر أمريكا والصهيونية العالمية , وسط صمت مريب من الجامعة العربية وتواطؤ من حكام مجلس التعاون الخليجى , ولم تتصدى الجامعة العربية ولم تعلن الحكومات العربية الأستنفار لمجابهة هذه المؤامرة العار.

فى العراق أقتضم شماله وأقتطعت أجزاء منه لتعود القومية الكردية فتية على حساب الأمة العربية وتلتهم أربيل وأجزاء أخرى وهى الآن فى سبيل ضم كركوك وما يتاح بمعاونة اسرائيل والأمريكان , وصمتت جامعتنا العربية ومررت المؤامرة و تماهى الحكام العرب مع زعماء الأكراد فى عدوانهم على الأمة العربية طالما صدرت لهم الأوامر من العم السام والكنيست الصهيونى ,وبالمثل ران صمت مريب حين غزى جيش  القومية التركيه شمال العراق  وأقام معسكره فى بعيشقة فى الموصل , وغضت الجامعة العربية الطرف عن هذا العدوان والأحتلال والأدهى وثَقَت قطر والسعوديه عرى الصداقة مع تركيا  وهكذا كان الحال أيضاً فى جنوب السودان .

ولأنها الأقليم الشمالى  للجمهورية العربية المتحدة , لذا فالمؤامرة علي ” سوريا ” هى الأعنف والمبتغى لتدمير كامل الأمة العربية بالنفاذ الى الأقليم الجنوبى “مصر “,,,اِن اِنهار جيشها وتفككت دويلات لاقدر الله , وهى عصية الى الآن رغم مرور 6 سنوات من التآمر الكونى عليها .. لكن مايعنينا الآن وهو سبب تدشين هذا المقال ماهو آت :

أن التآمر الأمريكى الاسرائيلى وصل الى مداه فى التأصيل للقومية الكردية فى سوريا خصما من أراضيها العربية وعلى حساب القومية العربية …وقطر والسعودية تساعدان وتمولان , وصارت , “منبج”رأس حربة الأكراد بالتحالف مع كوماندوز ومستشارين عسكريين أمريكان لتنطلق الى الآفاق تقتضم أشلاء من أراضى كان  يسيطر عليها الأرهاب الممول خليجيا والمدرب أسرائيليا  , وكما طَبَعَت الجامعة العربية مع أسرائيل بصعود ابو الغيط على كرسى الأمين العام , هاهى تتماهى مع أطماع الأكراد فى سوريا وتؤثِر السكوت ليمر مشروع التجزئة والتقسيم لتصعد القومية الكردية على حساب القومية العربية من جديد لتتلاقى مع أكراد العراق فى أتحاد .

ويبقى لُب التأمر من جانب القومية التركية طمعا فى مزيد من الأرض العربية السورية ولِتُأَمِن حدودها مع دولة كردية تضع أوزارها فى أراضى العراقى وتتمدد فى أرض سوريا العربية ولاتجرؤ على الأراضى التركية – فى ظل تعاون تركى سعودى قطرى بأسم السنة والأسلام وهو منهم جميعا بُراء.

و على ذلك بدأ المخطط التركى فى شمال سوريا يلوح الآن فى شمال سوريا , لتتضح تفاصيله .. فالسلطات التركية تقوم بشراء اراضي واملاك المواطنين السوريين في مدينة الباب بريف حلب الشمالي، مقابل مبالغ مالية كبيرة، واعطائهم بدل عنها منازل في منطقة الراعي الحدودية بين تركيا وسورية.

وقد شكل الأتراك لجنة من عدة اشخاص من ابناء المنطقة، مهتمهم التفاوض مع المواطنين، واقناعهم ان الاتراك يرغبون بشراء المباني فقط وان الاراضي تبقى بملكيتهم.

على أن تقوم تركيا بتنفيذ مشروعا سكنيا شمال مدينة الباب وسيضم أكثر من 11 ألف شقة بالإضافة إلى مدارس و مستشفيات ومبان خدمية أخرى.

وما يجري هو الخطوة الأولى من مخطط واسع يهدف إلى سلخ شمال سوريا وضمه إلى تركيا، حيث تم تقسيم المناطق الخاضعة لسيطرة القوات المدعومة تركياً شمال سوريا إلى منطقتين تتبعان إلى ولايتي كلّس وغازي عنتاب، وبدأت الولايتان تشرفان بشكل مباشر على شؤون هذه المناطق” وهذه الخطوة ” تتبعها خطوات أخرى ابرزها ربط هذه المناطق اقتصادياً مع تركيا، ما سيؤدي بشكل تلقائي إلى التعامل بالليرة التركية في تلك المنطقة”.

مخطط تحت سمع وبصر الجامعة العربية وتتماهى فيه دول خليجية ,وتُعقد القمة العربية مؤخراً على ضفاف البحر الميت بالأردن ولم تفتح فاه , وانما هرول الروساء والملوك العرب ,  الى واشنطن ليأتمرون بأوامر ترامب يتماهون مع المؤامرة على قوميتنا العربية وخصماً من أراضيها لصالح قوميات كردية وتركية , تصب فى الهدف الأمبريالى الأمريكى وهو تفتيت الأمة العربية لتقودها أسرائيل على أمل تحقيق استراتيحيتها من النيل للفرات وهدم الأقصى من أجل سراب الهيكل المزعوم .

وحين يكون المستهدف وطن يبقى السكوت خيانه , فوطننا العربى كله مستهدف الآن , فهل نتركه الى زوال ؟ أم نشعلها حرب شعواء نحن الشعب العربى على حكام الرجعية العربية ومؤامرات الأستعمار , ونؤكد من جديد على أن عدونا الحقيقى أسرائيل وأن صراعنا معه صراع وجود, لنجهض كل محاولات الرجعية العربية فى خلق عدو وهمى بديلا عن أسرائيل ,لحظتها سيرتعد الأكراد والأتراك ,لذا  فلابد للوجدان العربى أن يتطهر  , وأن نُعيد الشفافيه الى رؤى أنساننا العربى , ليدرك حقيقه’ الأصاله , ويستنشق عبق التاريخ ويغوص فى تراب الأرض العربية وينهض بالمفهوم الوحدوى ويُفَعِله ليزداد أيمانه به حيث لابديل عنه للأستقرار وسط عالم الكبار , وهو لن يصل الى ذلك اِلا بعد أن يدرك المفهوم الحقيقى للقومية العربية واِيمان راسخ بالوحدة العربية كآلية لقومية عربية واحدة- فى مواجهة كل القوميات -تسالم من يسالمها وتعادى من يعاديها كما قال زعيمها ” جمال عبد الناصر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى