إذا كان جيبهُ غاليا.. فلتكن روحه كذلك

بقلم : ماجد عبد العزيز غانم/ جرش

تعودنا ان نشيد بأجهزتنا الامنية كلما شاهدنا حرصهم على القيام بواجباتهم الموكلة اليهم للحفاظ على الامن في بلدنا رغم أن هذا عملهم وواجبهم ، لكن هذا لا يمنع من شكرهم على ما يبذلونه من جهود ، ولكن بالمقابل عندما نشاهد أو نلمس منهم أي تقصير فإن هذا الأمر لا يمنع أيضا من أن ننوه وننبه لهذا التقصير ، وهذا لا ينتقص من جهودهم الدؤوبة للحفاظ على الامن ، ايضا هو لا يقلل من احترامنا لكل افراد الاجهزة الأمنية في بلدنا فهم منا ونحن منهم .

ما دفعني للكتابة حول هذا الموضوع هذا اليوم هو ما شاهدته يعيني يوم امس الاول واثناء عودتي من عملي ، فعلى مسافة لا تزيد عن المائة متر من دوار القيروان في مدينة جرش كان قد وقع شجار حاد بين طرفين حيث بدا لي أنهما يتشاجران حول أحقية من يصطف بسيارته منهما قبل الآخر، وقد شاهدت عددا كبيرا من المواطنين يتجمهرون حولهما ويحاول بعضهم تهدئة الامور وفض النزاع القائم بين الطرفين المتشاجرين ولكن دون جدوى ، حتى كادت الأمور تصل الى ما لا يحمد عقباه.

الذي لفت انتباهي وانتقادي, وجود رجل أمن على الدوار يسمع الصوت ويشاهد من بعيد ما يحدث, ولم يحرك ساكنا، لكني قد ألتمس له عذرا لإنشغاله بتنظيم حركة السير حول الدوار، غير ان الأهم من هذا وهو ما أثار حفيظتي وحنقي مرور سيارة دورية النجدة من جانب المشاجرة ومشاهدة أفرادها لما يحدث وإكمالهم السير وكأن ما يحدث لا يعنيهم بشيء، مما اضطرني للتحدث بصوت عالٍ قليلا ، لماذا لم يتدخلوا لفض الشجار ؟ ما الذي ينتظرونه ليتدخلوا ؟ هل هم بحاجة الى شكوى من احد الاطراف كي يتدخلوا أم ينتظرون حدوث جريمةٍ كي يتحركوا للقيام بواجبهم ؟

لقد حضرني في هذه اللحظات ما حدث قبل يومين من هذا الشجار في مدينة جرش أيضا, حيث وقعت مشاجرة بين طرفين حول أمر بسيط, كما ذكرت الأجهزة الأمنية ألا هو المزاحمة أثناء قيادة السيارة ، وكانت نتيجته فاجعة حيث توفي أحد الطرفين على يد الآخر ، فالأول انتقل الى رحمة الله والثاني يقبع في السجن وعائلات الطرفين تأكلهما الحسرة لما حل بهما ، وحتى هذه اللحظة ما زالت دوريات الأمن والدرك تحيط ببيوت أقارب الجاني تحسبا من حدوث أي ردة فعل من قبل الطرف الآخر .

ما يستدعي التساؤل هنا, هو أليس تدارك الأمور والتدخل المبكر في كل شجار او نزاع يحدث بين طرفين أفضل من انتظار النتائج التي غالبا تكون سيئة على كل الاطراف بل حتى على الأجهزة الأمنية نفسها، ألا يعتبر هذا التدخل درءاً لجريمة كانت ستحصل لا قدر الله ؟ ألا يعتبر هذا التدخل وسيلةً للوقاية من أي تداعيات قد تحصل بعد فوات الاوان ؟ والأهم هنا بالنسبة للأجهزة الأمنية ألا يعتبر التدخل المبكر عاملا اساسيا في توفير جهودهم التى سوف تُهدر عبثا بعد حدوث اي مكروه لاي مواطن كما حصل في الحادثة السابقة ! أم ان لدينا فائضا من الأفراد في الأجهزة الأمنية المختلفة ونريدها ان تعمل بعد حدوث كل جريمة لا قدر الله !

الذي استفزني للكتابة حول هذا الامر هو شعوري بل شعور أغلب المواطنين ان أرواحهم رخيصة لدى حكوماتنا وأجهزتها ما دامت الامور تسير على هذا المنوال ، لكن العجيب ان جيوب المواطنين ثمينة وغالية على قلوبهم ، فهي المصدر الاول والممول الرئيسي لخزينة هذا البلد الذي باتت مقدراته للأسف نهبا للناهبين ومرتعا للفاسدين من كل حدب وصوب ، فجيب المواطن يوميا معرضة لكل أشكال الإستنزاف من قبل الحكومة واجهزتها، من ضرائب ورسوم، ومخالفات سير، وغلاء فاحش للاسعار أصبح لا يطاق، الى آخره من الابداعات التي تتفرد بها حكوماتنا على مستوى العالم في مجال الجباية من المواطن .

خلاصة الأمر ما دامت جيوب المواطنين ثمينة على قلوب حكوماتنا وأجهزتها فلتكن ارواح هؤلاء المساكين ثمينة أيضا، على الأقل كي يستمر بئر البترول والذي هو جيب المواطن يصب في خزينتها !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى