ظاهرة الشرود والتشرد

تسود في المجتمعات الفقيرة والمتخلفة ظاهرة الشرود والتشرد.

والشرود هو أن الشباب والبنات من صغار السن وما فوق عندما لا يحصلون نقودا لهم من أهلهم وهم يشاهدون زملاءهم من الميسورين يلعبون بالنقود في شراء كل شيء من ملابس وترفيه وسيارات وسفر وغيره , ينشأ لديهم نوع من الحسد والغيرة يدفعهم لعمل أي شيء للحصول على النقود.

فبعضهم يعتمد على نفسه فيبيعها لمن يدفع وهنا نجد الكثير من الشباب والبنات الذين يبيعون أنفسهم للحصول على المال.. أخرون يلجأون للسرقة والاحتيال وجرائم أخرى اشد للحصول على المال أيضا.

وبعض هؤلاء الشباب والبنات الذين ينشأون في قرى أو بلدات لا يستطيعون ممارسة هذه الأعمال في قراهم وبلداتهم الصغيرة, فيذهبون للمدن الكبيرة حيث لا احد يعلم من هم وبحجة البحث عن العمل يمارسون أعمال بيع أنفسهم أو الاحتيال أو السرقة او ارتكاب الجرائم.

وقد تفشت هذه الظاهرة في المدن الكبيرة وخاصة العواصم حيث يقصدها بنات وشباب الريف والقرى والبلدات الصغيرة بحجة البحث عن العمل – كما أسلفنا – وعندما لا يجدون أي عمل فانهم يضطرون للأعمال الأخرى التي سبق ذكرها.

وكم من عائلات وعشائر كبيرة ومعروفة تركت أبناءها دون مصروف ودون نقود, وفقدتهم فذهبوا إلى مدن أخرى ولم يعودوا, بل مارسوا أعمال بيع النفس أو الاحتيال والسرقة وارتكاب الجرائم.

لذلك فان هذه الظاهرة بحاجة الى معالجة جذرية من قبل الدولة ومؤسسات المجتمع المدني والمسؤولين في كل مجال, وخاصة الأهل أولا.

صحيح ان هناك عائلات فقيرة ليس لها أي مورد وأبناؤها وبناتها بلا عمل, ولكن هذه العائلات هي الأجدر بالبحث عنها والوصول إليها ومساعدتها قبل ان يتشرد أولادها وبناتها.

إننا نناشد المسؤولين ومؤسسات المجتمع المدني وعموم المواطنين ان يراعوا مثل هذه العائلات ويساعدوها.

واعرف صديق لي يساعد أكثر من ثلاث عائلات عرف وضعها بالصدفة وعرف حاجتها, وهو يقوم رغم انه ليس غنيا بالصرف على هذه العائلات الثلاث بما يحفظ لها حياتها فقط, فهو يوفر لها على الأقل الخبز والجبن والبندوره وما شاكل, لكي تأكل على الأقل وجبه واحده في اليوم.

ورغم ان هذه العائلات المحتاجة التي لا تجد قوت يوم واحد فقد تكاثرت بسبب التعطل عن العمل وبسبب عدم وجود أعمال كافية لاستيعاب جميع المحتاجين وبسبب عدم كفاءة الدولة ومؤسسات المجتمع المدني في الوصول الى المئات من هذه العائلات.

ان من الضروري إعادة النظر في أساليب عمل مؤسسات الدولة الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني بما في ذلك تشكيل فرق ولو من شخص واحد يقوم بالتحري في الحارات والأماكن البعيدة والقريبة ممن يوجد فيها عائلات بلا عمل أو معيل, للوصول إليها وتسجيلها في سجلات المعونة الوطنية.

وكذلك وضع رقم هاتف أو مكان مؤسسة اجتماعية أو مؤسسة مجتمع مدني والإعلان عنه للاتصال به من قبل المواطنين للإرشاد عن العائلات الفقيرة المحتاجة أو الاتصال من قبل هذه العائلات نفسها بهذه الأرقام المخصصة لطلب المساعدة ليتمكن المحتاج من البقاء على قيد الحياة هو وعائلته -ليتمكن من إنقاذ نفسه من الموت جوعا.

ان الأمر لم يعد قابلا للتأخير أو الانتظار.. فعلى جميع من يستطيع المساعدة او الوصول إلى هذه العائلات ان يفعل ليكون جزاؤه خيرا عند الله وعباده.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى