صمود الاسد وانتصارات جيشه ومتانة تحالفاته تضطر واشنطن للتسليم بضرورة بقائه على رأس الدولة السورية
أعلن شون سبايسر, المتحدث باسم البيت الأبيض امس الجمعة, أن على الولايات المتحدة تقبل واقع حكم الرئيس بشار الأسد في سوريا.
وقال سبايسر في مؤتمر صحفي: “بخصوص الأسد، هناك حقيقة سياسية علينا أن نقبلها فيما يخص موقفنا الآن، لاننا فقدنا فرصا كثيرة في ظل الإدارة الأمريكية السابقة فيما يتعلق بمصير الأسد”.
وأضاف المتحدث يقول: “نحن بحاجة الآن إلى التركيز على هزيمة داعش”… ” لان للولايات المتحدة أولويات راسخة في سوريا والعراق, وقد أوضحنا أن مكافحة الإرهاب وخصوصا هزيمة التنظيم هي على رأس أولوياتها”.
وكانت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي قد أكدت أمس الاول أن سياسة بلادها في سوريا لم تعد تركز على إزاحة الرئيس بشار الأسد.
قالت السفيرة هيلي، إن واشنطن لم تعد تركز على إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، بل تسعى إلى إيجاد السبل لإنهاء الحرب في سوريا.
واضافت هيلي تقول للصحفيين: “يختار المرء المعركة التي يريد خوضها.. وعندما ننظر إلى هذا الأمر نجد أنه يتعلق بتغيير الأولويات، وأولويتنا لم تعد التركيز على إخراج الأسد من السلطة”.
وجاءت تصريحات هيلي، بعد أن كان وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون قد أعرب عن تغير في موقف البيت الأبيض من حكم الأسد, حيث اعلن في مؤتمر صحفي مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في أنقرة، أنه كانت هناك مناقشات حول كيفية تحقيق تقدم في سوريا، ولكن وضع الرئيس بشار الأسد سوف يقرره, على المدى الطويل, الشعب السوري”.
وبعد واشنطن اعلنت باريس هي الاخرى عن عدم تمسكها برحيل الأسد, حيث صرح جان مارك آيرولت, وزير الخارجية الفرنسي امس الجمعة إنه لا ضرورة للتركيز على مصير الرئيس بشار الأسد كشرط للتوصل إلى اتفاق سلام في سوريا.
هذا للتصريح اللافت للانظار يعكس تغيّرا نسبيا في الموقف الفرنسي حيال التسوية السورية، وربما يكون مرتبطا بتوجه دولي لمقاربة الأزمة من زاوية مختلفة، بعد أن فشل المجتمع الدولي في تحقيق أي تقدم لحلها على امتداد السنوات الماضية.
وجاء هذا التطور في الموقف الفرنسي بعد ساعات من تأكيد تيلرسون وزير الخارجية الأميركي من تركيا، أن “مصير الأسد يقرره على الأمد البعيد الشعب السوري” وهو أوضح تصريح لمسؤول كبير في إدارة دونالد ترامب حيال الأزمة السورية.
وقال آيرولت عند وصوله إلى اجتماع لحلف شمال الأطلسي “إذا كان البعض يريد أن يتركز الجدل بأي ثمن حول ‘هل نبقي أو لا نبقي على الأسد’، فالسؤال لا يطرح بهذا الشكل.. موضحا أنه سينتهز فرصة وجود وزير الخارجية الأميركي في الاجتماع ليطلب “توضيحات” للبعض من مواقف واشنطن حول قضايا مثل نفقات الدفاع ومكافحة الإرهاب والانتقال السياسي في سوريا.
ومن الجدير بالذكر ان اعتراف الإدارة الأميركية يوم امس الاول بأن رحيل الأسد لم يعد “أولوية” وبأنها تبحث عن استراتيجية جديدة لتسوية النزاع المستمر منذ سبع سنوات في سوريا، قد أغضب فصائل المعارضة السورية واصابها بخيبة امل شديدة.
فقد صرح ناصر الحريري, رئيس وفد المعارضة في جنيف، امس الجمعة قائلاً : “نحن متمسكون بالوصول لحل سياسي عادل دون بشار الأسد وأركانه”، لافتا إلى أن تصريحات المسؤولين الأميركيين متضاربة ولا يمكن البناء عليها، مطالبين واشنطن بالوضوح في هذا الشأن.
ومن جانبها، صرحت فرح الأتاسي, عضو وفد “الهيئة العليا للتفاوض” ، أنها لا تفهم من أين ظهر التضارب في التصريحات الأميركية حول رحيل الأسد، وترى أنه “لا مكان للأسد في الحكومة الانتقالية”.