الطباعة ثلاثية الأبعاد تحدث ثورة في ميدان التشييد والبناء.. بكبسة زر
بدأت الطباعة ثلاثية الأبعاد في اقتحام مجالات متعددة في حياتنا اليومية إلى أن وصلت إلى مجال التشييد والبناء، وباتت تؤشر على قرب حلول الوقت الذي سوف تبنى فيه مدن كاملة بكبسة زر.
24 ساعة ونقرة على زر طابعة ثلاثية الأبعاد، قادرتان على بناء منزل كامل متعدد الطوابق وبتكاليف منخفضة لا تتعدى الـ10 آلاف دولار، فضلاً عن أنه سيكون صديقًا للبيئة.
هذا ما دفع السعودية إلى توقيع عقد شراكة مع شركة صينية كبرى لإنشاء 1.5 مليون وحدة سكنية باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد الواعدة والصديقة للبيئة، بقيمة مالية بلغت 1.45 بليون دولار.
وتأتي هذه الخطوة في إطار عمل السعودية على اللحاق بالركب، بالإضافة إلى خفض تكاليف الجمع والنقل والبناء، بحيث يمكن الحصول على مكان للعيش صديق للبيئة وبأسعار معقولة جدًا، فضلاً على أن الطابعات ثلاثية الأبعاد في العادة أسرع وأوفر وأسهل في الاستعمال من التكنولوجيات الأخرى للتصنيع.
دبي واكبت هذا التقدم، فقد قامت بافتتاح أول مكتب مطبوع بتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد في مايو 2016، والذي يشكل المبنى المؤقت لمؤسسة دبي للمستقبل، ويقع في حرم أبراج الإمارات.
ويعتبر المبنى الأول من نوعه على مستوى العالم من ناحية كونه معدًا للاستخدام العملي، حيث تمت مراعاة التكامل بين تصميم المبنى وطباعته من جهة وتوفير الخدمات الرئيسية ضمن المبنى مثل الكهرباء والمياه والاتصالات والتكييف من جهة أخرى.
وقد تم استخدام طابعة بارتفاع 20 قدمًا وطول 120 قدمًا وعرض 40 قدمًا، كما تم استخدم ذراع آلي “روبوت” لتنفيذ عمليات الطباعة، فقد تطلبت عملية الطباعة عاملاً واحدًا لمراقبة سير عمل الطابعة إضافة إلى فريق عمل مكون من 7 أشخاص لتركيب مكونات المبنى في الموقع.
وتسعى شركة ناشئة في دبي تدعى “كازا” الآن بعد هذه التجربة إلى بناء مدينة كاملة بكبسة زر، حيث صممت الشركة رافعة مزودة بطابعة ثلاثية الأبعاد، وأطلقت عليها اسم “Minitank” وتقول الشركة إن الرافعة قادرة على طباعة 200 متر مربع من الأسمنت في اليوم، أي بسرعة تفوق سرعة طرق البناء التقليدية بنسبة 50%.
لكن الصين سبقت دبي في تطبيق الطابعة ثلاثية الأبعاد على أرض الواقع، فقد نجحت شركة صينية عام 2015 بصناعة منازل باستخدام طابعة “ثلاثية الأبعاد” عملاقة، حيث وصل عدد الطوابق بتلك المنازل إلى خمسة طوابق.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية في يناير 2015، فقد بدأت شركة شنغهاي وين سان للتصميم الهندسي نشاطها منذ نحو 10 أشهر، حيث تمكنت من “طباعة” المنازل باستخدام مزيج من الطين وبقايا مواد البناء، وبتكلفة نحو 3100 جنيه إسترليني للمنزل الواحد، أي أقل من خمسة آلاف دولار أمريكي، وتم تشييد المنازل بحديقة صناعية في مقاطعة “جيانغسو” الصينية.
وعلى الرغم من أن تكلفة المبنى المكون من خمسة طوابق قد تصل إلى نحو 100 ألف جنيه إسترليني، أي ما يقارب 150 ألف دولار أمريكي، فإن ثمن الوحدة السكنية سيكون أقل بكثير من الوحدة المبنية بالطريقة التقليدية.
هولندا قررت أيضًا اللحاق بالركب، وأعلنت عزمها بناء جسر للمشاة بهيكل عنكبوتي ستجري طباعته بتكنولوجيا ثلاثية الأبعاد سيكون جاهزًا خلال عام 2017.
أما في السويد كشف علماء مواد عن تطويرهم لتكنولوجيا الطباعة الثلاثية الأبعاد التي يمكنها تحويل بقايا المواد النباتية إلى منازل، وستحتضن جامعة أوميا Umea في شمال البلاد مشروعًا يهدف إلى إنتاج مواد من السيليلوز Cellulose للطباعة بتكنولوجيا ثلاثية الأبعاد.
وقال خبراء في مجال التشييد والبناء إن الأثر الحقيقي لهذه التكنولوجيا يكمن في قدرتها على توفير كلفة البناء بنسبة تتراوح بين 50% و70%، وكلفة العمالة بنسبة تراوح بين 50% و80%، وأشاروا أنه في حال استخدام النفايات الإنشائية والزجاج والأسمنت والفولاذ كمواد إنشائية، أي كحبر للطابعات ثلاثية الأبعاد يمكن تصنيع مبان سكنية يبلغ ارتفاعها 6.5 متر وطولها 152.4 متر وعرضها 9.7 متر.
وتتيح الطابعات ثلاثية الأبعاد للمطورين القدرة على طباعة أجزاء وتجميعات وتركيبات مصنوعة من مواد مختلفة وبمواصفات ميكانيكية وفيزيائية مختلفة في عملية بناء واحدة، كما أن التكنولوجيات المتقدمة للطباعة ثلاثية الأبعاد تنتج نماذج تشابه كثيرًا منظر وملمس ووظيفة النموذج الأوّلي للمنتج، وقد حققت الطباعة ثلاثية الأبعاد إنجازًا جديدًا على مستوى التوقيت بنجاحها في بناء منزل كامل صديق للبيئة خلال يوم واحد فقط.