الكَراهِيَةُ..

يُعَرِّفُ سيغمون فرويد (1856م-1939م) الكَراهِيَةَ بِأَنَّها رَغْبَةُ الشَّخْصِ في تَدْميرِ مَصْدَرِ تَعاسَتِهِ أَو حُزْنِهِ أَو الكُرْهِ اليهِ.. ولِذا فَقَدِ اعْتَبَرَها البَعْضُ مِنَ الأَمراضِ النَّفْسِيَّةِ الخَفِيَّةِ الّتي تَسْكُنُ في الصُّدورِ، وكَثيرًَا ما تَلْتَقي مَعَ الحَسَدِ.. واعْتَبَرَها آخَرونَ مَشاعِرَ انْسِحابِيَّةً لِعَدَمِ قُدْرَةِ الكارِهِ على مُواجَهةِ المَكْروهِ، خاصَّةً إذا كانَ الشَّخْصُ المَكْروهُ مُتَفَوِّقًَا عَلَيهِ في أَيِّ مَجالٍ مِنْ مَجالاتِ الحَياةِ.. أَو لِنِعْمَةٍ يَتَحَسَّرُ  عَلَيها وقَدْ حَلَّتْ على إِنْسانٍ غَيرِهِ.

لَسْتُ طَبيبًَا نَفْسِيًَّا ولَنْ أَكونَ! ولكِنِّي أَذْكُرُ ما ذَكَرْتُ مِنْ بابِ العِلْمِ بِالشَّيءِ وتَقْديمِ فِكْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ لِلْقارِئِ الكَريمِ عَنْ أَحاسيسَ لا نَسْتَطيعُ بِسُهولَةٍ تَحْديدَها قَدْ تُساعِدُهُ في فَهْمِ ظاهِرَةٍ اجْتِماعِيَّةٍ إِنْ تَفَشَّتْ بَينَ النّاسِ رَحَلَ الحُبُّ عَنْهُمْ، في وَقْتٍ عَصيبٍ نَعيشُهُ ما أَحْوَجَنا الى المَحَبَّةِ كي نَظَلَّ مُجْتَمَعًَا مُتَماسِكًَا وصالِحًَا يَلفظُ بُذورَ الكَراهِيَةِ.

قَدْ تَكونُ الكَراهِيَةُ مِنْ طِباعِ البَشَرِ.. ولكِنْ ألَا توجَدُ أَسْبابٌ أُخْرى تُنَمِّي هَذِهِ الطِّباعَ ؟! لَو الْتَفَتَ كُلُّ إِنْسانٍ الى ما عِنْدَهُ، وتَرَكَ ما عِنْدَ الآخَرِ لِلْآخَرِ أَلَا يُقَلِّلُ هذا مِنْ سوءِ طِباعِهِ؟ ولَو كانَ أَشْجَعَ قَليلًَا فَاعْتَرَفَ بِأَخْطائِهِ وحاسَبَ نَفْسَهُ عَلَيها، ألَيسَ هذا أَفْضَلَ مِنْ تَجْريمِ الآخَرينَ؟ ولا شَكَّ أَنَّ هذا يَقودُنا الى سُؤالِ أَنْفُسِنا: لِماذا نَكْرَهُ؟ َبلْ لِماذا نَنْسى أَو نَتَناسى ما جاءَ في الكُتُبِ السَّماوِيَّةِ أَنْ أَحِبَّ لِغَيرِكَ كَما تُحِبُّ  لِنَفْسِكَ.. وإِنْ كُنْتُ اُحَمِّلُ أَنْفُسَنا وِزْرَ الكَراهِيَةِ، لا أَنْسى أَنْ أُؤَكِّدَ على أَنَّنا لَو نَعيشٌ في مُجْتَمَعٍ/ عالَمٍ تَسودُهُ العَدالَةُ الاجْتِماعِيَّةُ بِأَبْسَطِ مَعانيها، ولَو دَأَبَتِ الحُكوماتُ على تَوفيرِ الحَياةِ الكَريمَةِ لِرِعاياها لِهَبَطَ مَنْسوبُ الكَراهِيَةِ بَينَ النّاسِ، ولِكانِتِ الحَياةُ أَجْمَلَ!!

حسين مهنّا/الجليل    

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى