امريكا تحافظ على معوناتها المالية لاسرائيل فيما تعتزم تخفيضها لمصر والاردن

 

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، يوم امس الاول الخميس، أن إسرائيل هي الوحيدة التي تم منحها ضمانات لتلقي مساعدات. جاء ذلك على لسان المتحدث باسمها، مارك تونر، في الموجز الصحافي الذي عقده من مقر وزارته بالعاصمة واشنطن.

وذكر تونر “مساعداتنا لإسرائيل مضمونة، وهذا يعكس، في الحقيقة، التزامنا القوي بواحدة من أقوى شركائنا وحلفائنا”، مضيفا “أما بالنسبة لمستوى باقي المساعدات، بما فيها مستوى المساعدات العسكرية الأجنبية فإن هذا في طور التقييم، وسيتم اتخاذ قرارات بشأنها مستقبلاً”.

وتابع “نحن مازلنا في بداية عملية اقتراح الميزانية، وسيتم حل هذه المسائل بعد دراسة ومعاينة دقيقة خلال الأشهر القادمة”.

تصريح المتحدث باسم الخارجية الأميركية بخصوص المساعدات الأجنبية، جاء في رد على سؤال حول إذا ما كانت المستقطعات في الميزانية وتقليص نفقات برامج وزارة الخارجية المتعلقة بالمساعدات الأجنبية، سيمس كلا من الأردن ومصر اللتين تجمعهما معاهدات سلام تتضمن حماية للحدود معها.

وتتجه إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى خفض نفقاتها الخارجية، بغاية تعزيز النفقات العسكرية بواقع 54 مليار دولار، لترتفع ميزانية الدفاع (البنتاغون) من 583 مليار دولار إلى 639 مليار دولار.

الإشارة الخاصة بالقاهرة وعمّان، نظر لها العديد من المتابعين على أنها تنطوي على تناقض ظاهر، ففي الوقت الذي تعتبر فيه واشنطن القاهرة وعمان حجري زاوية للسلام في المنطقة، ورأسي حربة في مواجهة الإرهاب، بدا احتمال تقويض المساعدات المادية رسالة في الاتجاه المعاكس.

واستبعد البعض إمكانية تقليص المساعدات الأميركية لكل من مصر أو الأردن، لأهمية دور الدولتين في حل أزمات المنطقة.

وكانت مسألة تخفيض المساعدات أحد الملفات التي ناقشها سامح شكري وزير خارجية مصر مع أيمن الصفدي وزير خارجية الأردن، أثناء زيارة الأخير للقاهرة الخميس.

وأثارت الرسالة الأميركية ارتياب الكثيرين في المنطقة العربية، فعندما تستثني الولايات المتحدة إسرائيل من عملية التخفيض العام، فهذا يعني الإصرار على انتهاج سياسة عدم التوازن الأميركية.

ومفهوم أن ضمان أمن إسرائيل أحد المرتكزات الرئيسية في السياسة الأميركية في المنطقة، لكن من غير المفهوم أن يكون التقليص العام يمس مساعدات مصر والأردن.

واعتبر البعض أن ورقة المساعدات التي ينوى البيت الأبيض اعتمادها، غير منفصلة عن ملف التسوية في الشرق الأوسط، ومحاولة القيام باختراق حقيقي في عملية التسوية المتعثرة منذ فترة، حيث تريد إدارة الرئيس دونالد ترامب طمأنة إسرائيل، والتأكيد لها بأن أي تطور في فضاء التسوية لن يخل بالحفاظ على المعادلة التقليدية لتفوقها في المنطقة.

ولا يستبعد أشرف سنجر خبير الشؤون الأميركية والأكاديمي بجامعة كاليفورنيا، أن تكون الخطة ورقة يتم التلويح بها لتسريع وتيرة العودة إلى عملية السلام، وضمان تفوق إسرائيل عسكريا هو جزء من سياسة ترامب، هدفه التأكيد أن فكرة الدولة التوسعية لم تعد تصلح في الفترة الحالية، ويمكن تحقيق التفوق عبر أدوات مختلفة.

وأضاف يقول : أنه لا يزال هناك تخبط وارتباك في سياسات واشنطن حيال القضية الفلسطينية، وتبحث عن حلول ومقترحات لاستئنافها، بصورة تضمن نجاح تدخلها المقبل، لكنها لم تستقر الآن على المدخل المناسب.

ثمة زاوية أخرى، تتعلق بالخطة المقترحة للموازنة الجديدة للولايات المتحدة، وهي تأثير تلك الموازنة (حال إقرار تخفيض المساعدات) وتداعياتها على كل من مصر والأردن، من حيث التأثيرات الجانبية، ماديا وعسكريا وسياسيا.

وتؤكد المؤشرات الراهنة، أن واشنطن حريصة على توثيق علاقتها مع كل من القاهرة وعمان، وبالتالي فالشق السياسي سيظل ثابتا، حتى إشعار آخر.

ومن الناحية العسكرية، سوف تبحث الدولتان عن بدائل، حسب حجم التخفيض، عند جهات أخرى لسد الثغرة المتوقعة، وإن كانت مصر تأقلمت من التطويق الذي قامت به إدارة باراك أوباما، ونجحت القاهرة في تعويض خسارتها الأميركية من خلال عقد صفقات تسليحية متنوعة مع دول كبرى مثل روسيا والصين وألمانيا وفرنسا.

وقرأت نورهان الشيخ خبيرة الشؤون الأميركية بجامعة القاهرة، الحديث عن الموازنة الأميركية في سياق العلاقة بين القاهرة وواشنطن، والتي رغم الرسائل الإيجابية، إلا أن هناك هواجس لدى الولايات المتحدة، خاصة أن القاهرة مازالت لم تقدم ما يقنع أنها يمكن أن تكون حليفا قويا لواشنطن.

بينما الحال مع الأردن يبدو مختلفا، وتؤكد معطيات كثيرة أنها أكثر قربا من مصر بالنسبة للولايات المتحدة، فهي لم تنحرف نحو دول تتعارض سياساتها مع المصالح الأميركية، كما هو الموقف مع مصر، وبالتالي إذا تم تقليص المساعدات عموما، فمن الممكن تعويض الأردن عبر مصادر تمويل أخرى.

وأضافت نورهان الشيخ في تصريحاتها لـ“العرب” أن فكرة تقليص المساعدات الخارجية لمصر يعطي انطباعا رمزيا بأن العلاقات بين الدولتين ليست كما يروج لها الإعلام، ويجعلها عرضة لبعض التقلبات في المستقبل، لأن هذا الاتجاه قد يصطحب معه روافد سياسية، قد تنعكس على التعاون بين الجانبين في الملفات الحارقة بالمنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى