تدهور الثقة بمصداقية الاخبار جراء انتشار الاكاذيب بمعظم وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي
اعلنت قناة “روسيا اليوم” عن اطلاق موقع لها على الإنترنت خصصته لدحض الأخبار الكاذبة, وذلك بعدما انتشرت منظومات الاخبار الكاذبة والخادعة.
هذا الخطر الاعلامي الذي قال عنه الكاتب الأميركي ديفيد أوبيرتي، بأنه “قد وصل إلى حد كبير وهو يثير القلق”، دفع عدة وسائل إعلام غربية إلى ابتكار أدوات تتيح التثبت من محتويات الإنترنت بغرض التعرف أو التنديد بـ“الأخبار الكاذبة”، وتناول المسميات التي تدور أغلبها حول الدعاية، والخداع، والأكاذيب، بينما ذهبت “روسيا اليوم” إلى أن خطر الأخبار الكاذبة أكبر بكثير من ترك المهمة للجمهور للبحث والتدقيق أو التعويل على ذكائه لاكتشافها، إلى جانب حاجتها إلى التركيز على أنباء محددة، وبخاصة تلك التي تتعلق بسياسات الكرملين.
وأطلقت القناة الروسية على الموقع تسمية “فايك تشيك” وقالت في بيان إنه يهدف إلى “وضع حد للانحياز والأخطاء والتضليل الإعلامي والأكاذيب بشأن المواضيع الكبرى في التغطية الإعلامية”.
وأحصى موقع “فايك تشيك”، العديد من الأمثلة للمعلومات والأخبار الكاذبة و“للدعاية المضادة لروسيا وللأسد” ومن بينها فيلم وثائقي حول ما يعرف بالقبعات البيض وهم عناصر الإنقاذ في المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في سوريا، وقد حاز الفيلم على جائزة أوسكار في شباط 2017، إلا أن وسائل الإعلام الروسية هاجمته بشدة في عدة تقارير إخبارية.
وندد “فايك تشيك” أيضا بمقال في صحيفة واشنطن بوست نشر في كانون الاول 2016 يتهم قراصنة روسًا بقرصنة شركة لتوزيع الكهرباء في شرق الولايات المتحدة. وأقرت الصحيفة الأميركية لاحقا بأنها اقترفت خطأ.
بدورها فتحت وزارة الخارجية الروسية صفحة على موقعها على الإنترنت يحصي المعلومات التي تنشر عن روسيا وتعتبرها خاطئة ومصدرها حتى الآن فقط وسائل الإعلام الغربية.
وقناة “آر تي” التي بدأت البث في 2005 وهي ممولة من الدولة الروسية، تهدف إلى تقديم وجهة نظر روسيا من الأحداث، وهذا ما جعل الدول الغربية تتهمها بأنها ناطقة باسم الرئاسة الروسية، وبأنها وسيلة للدعاية، الأمر الذي تنفيه القناة.
وتبدو قناة “روسيا اليوم” بحاجة ماسة إلى تطوير أدواتها في مواجهة الأخبار الكاذبة أو الدعاية المضللة التي لا تناسب المصالح الروسية، إلا أن وسائل الإعلام الغربية تسعى إلى نفس الهدف مع تدني ثقة الجمهور بها وفق ما أكدت استطلاعات الرأي.
وأشار أوبيرتى، إلى دراسة أجراها أحد المواقع الإخبارية الأميركية في نهاية عام 2016، توصل من خلالها إلى عدة معلومات، جاء أهمها أن أكثر من 23 خبرا كاذبا من حيث الانتشار، قد تم نشرها كلها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وقد حصلت على 10.6 ملايين تفاعل (ما بين المشاركة والإعجاب والتعليقات، أي نحو 460 ألفا لكل منها). وأضاف لكن الأمر المحير أنه حتى الآن من غير الواضح كم هو عدد الأشخاص بالتحديد الذين يصدقون مدى صحة مثل هذه الأخبار.
وما يثير الاهتمام أنه مع وجود مئات الآلاف من المشتركين والمتابعين لأحد المواقع الإخبارية ذات نسب المشاهدة العالية، فمن المتوقع أن خبرا مثل القرصنة الروسية على شبكة الكهرباء الأميركية قد حظي بنسب لا بأس بها من المشاهدة وردود الفعل. وكل ذلك بعيد حتى عن ردود الأفعال على وسائل التواصل الاجتماعية والإذاعة والتلفزيون.
وأشار خبراء في الإعلام إلى أن “الأخبار الكاذبة” ليست المشكلة الوحيدة التي تواجهها وسائل الإعلام، فحالات الدعاية السياسية والمعلومات الخاطئة والتضليل الإعلامي والنقرات المفخخة و”الحقائق” غير الموضوعية منتشرة بالقدر ذاته، وتعد خطيرة بل إنها أكثرُ ضَررًا في بعض الحالات.
وقالت روث ماركوس في مقال لصحيفة واشنطن بوست “إن الخطوة التالية التي لا ترحم سوف تكون بلوغ كل الأخبار إلى نفس المستوى من عدم الثقة وعدم التصديق، وإن لم يكن هناك ما هو صحيح، فيمكن لكل شيء أن يكون كاذبا”.
وألقت العديد من الحكومات بالمسؤولية على مواقع التواصل الاجتماعي وشركات الإنترنت، باعتبارها الساحة الخصبة لانتشار الأخبار الكاذبة، وبالتالي عليها ابتكار أدوات كفيلة بإيقافها ووضع حد لها، وهو ما أيده الصحافيون والإعلاميون في الإعلام التقليدي.