ومن الحب ما دفع الصبية النابلسية للنزوح الى غزة
غزة - قدس برس
فوجئت الفتاة النابلسية ناهد عصيدة بحجم التصفيق الحار الذي ضجت به قاعة التخرج في حرم الجامعة الإسلامية بغزة مطلع الشهر الجاري، حينما ذكر اسمها كخريجة من مدينة نابلس بالضفة الغربية.
وقفت عصيدة (26 عاما) وزوجها الأسير المحرر في صفقة التبادل الأخيرة والمبعد إلى غزة مازن فقهاء (38 عاما) على منصة التتويج، وهي لا تصدق هذا المشهد، ما دفعها الى أن تقص على الحضور حكاية ارتباطها بفقهاء بعد إطلاق سراحه من السجون الإسرائيلية عام 2011، وقصة وصولها إلى قطاع غزة بعد رحلة متعبة جدا استمرت عدة أيام.
وقد طلبت عصيدة من الحضور لا سيما النساء أن يزغردن لها، لأنها كانت تتمنى أن تسمع هذه الزغرودة من أمها التي لم تحضر حفل التخرج، فضجت القاعة مرة أخرى بالزغاريد ووقف كل من فيها رجالا ونساء وأطفالا احتراما وتقديرا لتضحيات تلك المرأة.
وتروي عصيدة لـ”قدس برس”، كم كان صعباً عليها الارتباط بفقهاء بعد الإفراج عنه في صفقة التبادل الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال في 18 تشرين أول من عام 2011، والذي بموجبها أفرجت الدولة العبرية عن قادة الأسرى وأكثر من ألف أسير أمضوا سنوات طويلة، مقابل إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليط بعد أسره لخمس سنوات لدى المقاومة الفلسطينية.
تفكير عميق
تقدّم فقهاء بعد الإفراج عنه في صفقة التبادل، وقد أمضى 9 سنوات في سجون الاحتلال وهي بعدد المؤبدات التي حكم عليها؛ لخطبة عصيدة، بعدما أرسل أهله من مدينة طوباس بشمال الضفة الغربية إلى ذوي عصيدة في مدينة نابلس، ووافقت بعد تفكير عميق جداً، لا سيما وأن فقهاء مبعد إلى غزة، وأنه قد لا يعود إلى الضفة الغربية، إلا أنها في النهاية أخذت القرار وآثرت الارتباط بمقاوم فلسطيني نذر نفسه لمقاومة الاحتلال.
وقالت عصيدة: “بعد الزواج من مازن في كانون ثاني 2012 قررت المجيء إلى غزة برفقة والدي ووالدي مازن، حيث تعرضنا لتحقيق قاس من قبل قوات الاحتلال، وتوقعت أنه سوف تتم إعادتنا, ولكن في النهاية أكملنا الطريق إلى مصر ثم غزة”.
الطريق إلى غزة
وأضافت: “أن الطريق من نابلس إلى غزة والتي لا تزيد مدتها عن ساعتين استغرقت معنا ثلاثة أيام متواصلة في ظل تعب ومشقة كبيرة، ولكن عندما وصلت غزة ورأيت مازن زال كل هذا التعب”.
وأوضحت عصيدة أنه بعد الوصول إلى غزة والاستقرار فيها ومغادرة أهلها وأهل زوجها القطاع، بدأت معاناة من نوع آخر وهي البعد عن الأهل والاشتياق، حيث “منعهم الاحتلال من مغادرة الضفة حتى لا يقوموا بزيارتي كذلك اشترط عليهم من يرغب في أداء العمرة عدم لقاء أهل غزة”.
وأشارت إلى أنها لم تر أهلها منذ خمس سنوات وتتواصل معهم فقط عبر الهاتف إلا أنها استدركت بالقول: “لكنني في نفس الوقت لم اشعر بالغربة في غزة, فأهلها ناس طيبون جدا وقد رأيت ذلك جليا خلال حفل التخرج”.
وأكدت أن أصعب الأيام عاشتها في غزة هي الحرب الأخيرة على القطاع في صيف 2014، و”هذا القتل والدمار الذي لم أعتد عليه، وحجم الخوف الذي ساد القطاع على مدار 51 يوما”.
وأوضحت عصيدة أنها أتمت دراستها الجامعية في كلية الآداب تخصص تاريخ وآثار في الجامعة الإسلامية بغزة، بعدما كانت قد بدأتها في جامعة النجاح الوطنية في نابلس وتخرجت هذا العام بامتياز وتنوي إكمال دراستها العليا.
وأعربت عن أملها من أن تتمكن من العودة إلى الضفة الغربية برفقة زوجها بعد إبعاد قسري استمر 6 سنوات.
ويشار إلى أن هناك 163 أسيرا من الضفة الغربية أفرج عنهم في إطار صفقة التبادل إلى قطاع غزة (سمح لـ 18 منهم العودة للضفة)، استطاعوا التكيف والعيش في قطاع غزة رغم اختلاف البيئة وذلك بعد ارتباط غير المتزوجين منهم وجلب المتزوجين زوجاتهم وأبناءهم إلى قطاع غزة للعيش معهم.