“أمنستي” تدين السلطة الفلسطينية جراء القمع الهمجي للمسيرة الشعبية الرافضة لمحاكمة الشهيد باسل الاعرج

 

سلطت منظمة العفو الدولية «أمنستي»، في تقرير مفصل صدر عنها امس الاثنين، الضوء على أعمال القمع الهمجي والممنهج التي تعرضت لها المسيرة الشعبية الحاشدة، التي خرجت أمس في مدينة رام الله، رفضًا لمحاكمة شهيد «التنسيق الأمني» باسل الأعرج، على يد أجهزة أمن السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس.

وأكدت المنظمة الدولية، في تقريرها أن جميع الأدلة المصورة وشهادات الشهود التي جمعتها في مكان الاحتجاج السلمي الذي نظمه نشطاء فلسطينيون أمام مجمع محاكم رام الله، تشير إلى أن قوات أمن السلطة قد استخدمت القوة المفرطة لقمع هذه المظاهرة السلمية.

وذكر التقرير أن باحثي المنظمة وثقوا انتشار قوات أمن السلطة الفلسطينية في رام الله مدججين بكامل سلاحهم ويحملون الهروات والدروع، بادروا لتوجيه الضرب العنيف ضد المحتجين المتظاهرين أمام مقر المحكمة، بواسطة هروات خشبية بالإضافة لاستخدام رذاذ الفلفل وقنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، ما أسفر عنه إصابة 21 شخصا من المشاركين في التظاهرة بينهم 8 نساء و4 صحفيين كانوا يغطون الحدث، نقل عدد منهم للمستشفى لتلقي العلاج بينهم والد الناشط الشهيد الأعرج.

وقالت نائب المدير الإقليمي للمنظمة، مجدلينا المغربي: “لا يوجد أي مبرر لاستخدام العنف ضد مظاهرة سلمية، حيث أن الأدلة المصورة التي حصلت عليها المنظمة تظهر قوات الأمن الفلسطينية تلجأ إلى وسائل وحشية ومفزعة لسحق الاحتجاجات في انتهاك صارخ لالتزاماتها بتعزيز وحماية الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي في بروتوكولات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.

وعلقت المغربي على إعلان رئيس الحكومة لدى السلطة الفلسطينية رامي الحمد الله، عن تشكيل لجنة للتحقيق في تصرفات عناصر الأمن بالقول: “يتعين على أجهزة الأمن الفلسطينية ضمان سير التحقيق الذي أعلن حول الحادث بشكل مستقل وحيادي وشامل، وأن يخضع جميع عناصر الأمن ومن أصدر الأوامر للمساءلة عن أفعالهم”، مؤكدة على أن المعايير الدولية لحقوق الإنسان تقتضي أن تتجنب قوات الأمن استخدام القوة لتفريق التجمعات السلمية.

وأكد باحثوا المنظمة بحسب التقرير أنهم لم يلاحظوا أي مشهد يدل على مبادرة المتظاهرين لاستخدام العنف ضد عناصر الشرطة قبل أن يعتدوا عليهم بالهروات والغاز المسيل للدموع ورذار الفلفل، حيث اتضح أن عددا من الذين تعرضوا للاعتداء قد أصيبوا بكدمات ورضوض نتيجة الضرب المبرح بالهروات الخشبية بالإضافة للاختناق بالغز المسيل للدموع.

وأشار التقرير إلى تعرض 4 صحفيين كانوا موجودين بمكان الاحتجاجات للضرب على يد عناصر الشرطة لمنعهم من تغطية الاحتجاجات، هم صحفيين اثنين يعملون في تلفزيون وطن، ومراسل قناة رؤيا الفضائية، ومراسل قناة فلسطين اليوم، في حين لم ترصد أية إصابة في صفوف قوات الأمن.

وينقل التقرير عن القيادي خضر عدنان والذي كان يشارك في المظاهرة والذي نقل للمستشفى نتيجة إصابته: “كنت واقفا بشكل سلمي عندما هاجمنا العشرات من عناصر الأمن بهراواتهم، ومن ثم ألقوني على الأرض وضربوني بشكل عنيف، وأقدم أحدهم على الدوس على رأسي، وواصل آخرون ضربي، وتمزيق ملابسي، حيث أعاني من إصابات على ظهري، وكتفي، وساقي”.

ويشير إلى أنه تم اقتياده إلى قسم المباحث الجنائية مع ستة آخرين، مبينا أن تعرض لإهانات لفظية قبل أن يتم الإفراج عنه وعن أربعة من بين المحتجزين، في حين بقي الاثنان الآخران رهن الاعتقال.

كما ينقل تقرير “أمنستي” عن المحامي فريد الأطرش، الناشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان ورئيس مكتب بيت لحم في الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان، والذي كان حاضرا في الاحتجاج المذكور تأكيده على تعرضه للضرب والسحل وتوجيه اللكمات والركلات، كما أبلغ منظمة العفو الدولية أنه شهد أيضا أحد ضباط الشرطة يعتدي بالضرب على والد الشهيد باسل الأعرج، الذي اغتالته قوات الاحتلال الإسرائيلي الأسبوع الماضي في رام الله، وأضاف “عندما حاولت حماية أبو الشهيد باسل، أقدم عدد من عناصر الأمن وألقوني على الأرض وأخذوا بضربي على قدمي”.

كما أصيب خلال التظاهرة الناشط باسم التميمي، وهو أحد المعتقلين السابقين في سجون السلطة الفلسطينية يقول لـ”أمنستي”: “لا أستطيع أن أصدق أنهم فعلوا ذلك بنا، كنت أتحدث مع مدير الشرطة، وقلت له إننا سوف ننهي الاعتصام خلال 15 دقيقة وقد فعلنا تقريبا ذلك، وعندما كنا نهم بفعل ذلك، هاجمنا حشد كبير من رجال الشرطة بطريقة مفرغة، استخدموا الهراوات الخشبية وبدأوا بضرب الناس يمينا ويسارا، مشيت إلى الوراء عندما أطلقوا النار على المتظاهرين، كما أطلقوا قنابل الغاز المسيل للدموع وقد أصبت بواحدة بشكل مباشر في أسفل ظهري، لم أكن أتوقع أن تتصرف الأجهزة الأمنية بهذه التصرفات”.

كما تعرضت زوجة باسم التميمي، الناشطة ناريمان التميمي هي الأخرى للضرب بعد أن تدخلت لتطلب من عناصر الأمن وقف الضرب، وتقول: “ماذا فعلنا؟ نحن لم نرتكب أي خطأ، أعاني الآن من إصابة في كتفي وذراعي، لم أكن أتوقع أن تقدم الأجهزة الأمنية على فعل شيء من هذا القبيل”.شاهد العيان، حافظ عمر، أحد المشاركين في الاحتجاج السلمي يقول: “المحتجون كانوا يقفون بشكل سلمي عندما طلبت الشرطة منهم مغادرة المنطقة، ولما رفضوا الانصياع لأوامرهم بدأ عناصر الأمن بدفعهم وضربهم بالهراوات، وقد شاهدت رجلين يتعرضون للضرب المبرح من قبل عناصر الشرطة، وقموا بسحلي واقتادوني عنوة وانهالوا علي بالضرب بالهراوات على ذراعي وظهري وساقي”.

وكان ما بين 100 و 150 شخص قد تجمعوا خارج مبنى المحكمة في مدينة البيرة احتجاجا على محاكمة ستة رجال فلسطيني متهمين بحيازة أسلحة نارية، يعتقل 4 منهم حاليا من دون تهمة أو محاكمة في الاعتقال الإداري في سجون الاحتلال الإسرائيلي هم: هيثم سياج، ومحمد حرب، ومحمد السلامين، وسيف الإدريسي، أما الناشط الخامس، فهو الناشط باسل الأعرج الذي اغتالته قوات الاحتلال الأسبوع الماضي، في حين لا يزال الناشط السادس، علي دار الشيخ، حرا ولم يتم اعتقاله من قبل سلطات الاحتلال، وكان حاضرا في المحكمة أمس.

ويبين التقرير أن السلطة الفلسطينية اتخذت خطوات ليست كافية ضد بعض عناصر الأمن الذين بادروا للاعتداء على أشخاص أو متظاهرين في الضفة الغربية كان معظمها عبارة عن إجراءات تأديبية دون الوصول لمحاكمات جنائية على الرغم من استخدام القوة المفرطة من قبلهم.

ويقول التقرير: “يتعين على السلطة الفلسطينية ضمان عدم لجوء قوات الأمن للقوة المفرطة، والمسيئة، والتعسفية أو غير القانونية، وتقول المغربي: “أي شخص يشتبه في مسؤوليته عن الاستخدام التعسفي أو المسيئ للقوة ضد أشخاص أو محتجين أو متظاهرين يجب أن تتهم محاكمته محاكمة عادلة”.

وتعلق المنظمة بالقول: “نظرا لسجل السلطة الفلسطينية الضعيف في جلب عناصر الأمن إلى العدالة بعد حملات العنف التي تقودها ضد الاحتجاجات السلمية، سيكون من الأهمية البالغة بالنسبة لهم أن يدركوا رسالة واضحة بأنه لن يتم التسامح مع استخدام القوة المفرطة وأن الانتهاكات بحق الاحتجاجات السلمية لن تمر دون عقاب”.

وفي قطاع غزة طالبت فصائل وقوى وطنية وإسلامية، السلطة الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، منددة باعتداء الأجهزة الأمنية التابعة لها على الوقفة الاحتجاجية ضد محاكمة الشهيد باسل الأعرج بمدينة رام الله.

وقال عضو المكتب السياسي لـ “الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين” طلال أبو ظريفة، في كلمة ألقاها بالنيابة عن الفصائل خلال فعالية أسبوعية لذوي الأسرى بغزة، “إن ما فعلته الأجهزة الأمنية من قمع لمسيرة أمس تصرف غير أخلاقي ويحتاج لمسائلة وطنية”.

وأضاف “هذه الجريمة يجب ألا تمر وأن تكون حافزا للجميع من أجل وضع حد لتكرار هكذا اعتداءات”.

ودعا إلى تشكيل لجنة تحقيق تسفر عن تقديم كل من شارك بالاعتداء على مسيرة الأمس، إلى القضاء، و”وضع حد لتغول أجهزة أمن السلطة على الحريات العامة والحريات الصحفية”.

من جانبه، رأى المتحدث باسم حركة “الجهاد الإسلامي” داوود شهاب، أن محاكمة الشهيد باسل الأعرج، واعتداء أجهزة التنسيق الأمني على متظاهرين رافضين لسياسة التنسيق الأمني، هو “جريمة مركبة”.

وقال شهاب “ما يجري يتم بقرار سياسي وتعليمات مباشرة من القيادة الفلسطينية في الضفة (…)، والاحتلال هو المستفيد الوحيد من هذه الإجراءات وملاحقة المقاومة”.

ودعا السلطة إلى وقف التنسيق الأمني وسحب اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل وإلغاء معاهدة “أوسلو”، و”رفع اليد عن المقامة كي تدافع عن شعبها”.

وأضاف “السلاح الشرعي هو السلاح الذي يقف في وجه الاحتلال الذي تحمله المقاومة في مواجهة الاحتلال، وليس السلاح الذي يأتي بترخيص من الاحتلال ليتحول إلى أدواة للقمع”.

فيما أكد منسق “لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية” زكي دبابش، على رفض ممارسات الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية ضد المتظاهرين من أهالي الأسرى والشهداء.

وقال دبابش، “لن نسمح أن تمر هكذا أفعال ضد أهالي الأسرى والشهداء دون أن يكون لنا موقف ونعبر عن رأينا بكل حرية دون ان تكون لنا أي حسابات سياسية”.

وأضاف منسق اللجنة المنظمة لاعتصام غزة، “لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية التي تشرف على هذا الاعتصام الأسبوعي كل يوم اثنين رأت ضرورة أن تكون لها وقفة احتجاجا على ما وقع أمس ضد أهالي الشهداء والأسرى”.

وكان نشطاء فلسطينيون، قد وجهوا دعوات لتنظيم وقفات احتجاجية بعنوان “سيُحاكمهم باسل”، في الأراضي الفلسطينية وعدد من دول العالم، رفضًا لمحاكمة الشهيد باسل الأعرج ورفاقه الأسرى في سجون الاحتلال على خلفية حيازتهم “سلاح دون ترخيص”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى