الاستقبال الحافل للمقاتل الدقامسة بعد اطلاق سراحه يعكس حجم العداء الشعبي الاردني الهائل لاسرائيل
عمّان - قدس برس
في 12 آذار 1997، وبعد مضي ثلاث سنوات على توقيع اتفاقية التسوية بين الأردن وإسرائيل، والتي عرفت باسم “اتفاقية وادي عربة”، قام العسكري الأردني أحمد الدقامسة المكلف بحراسة الحدود في منطقة الباقورة، بإطلاق النار تجاه طالبات ومعلمات إسرائيليات أثناء رحلة مدرسية في المنطقة بعد استهزائهن به أثناء أدائه الصلاة، ما أدى إلى مصرع 7 منهن وإصابة 5 أخريات.
وظلت القضية، التي عُرفت بعد ذلك الحين بقضية “الدقامسة”، حاضرة بقوة في الشارع الأردني طوال فترة اعتقاله التي دامت 20 سنة؛ حيث صدر بحقه قرار بالسجن المؤبد من قبل محكمة عسكرية، على خلفية ما فعل.
إلا أن آخر ثلاثة أعوام قد شهدت تصاعد حالة الرفض الشعبي لاستمرار اعتقال الدقامسة في سجون بلاده، وذلك بعد قتل القوات الإسرائيلية للقاضي الأردني رائد زعيتر في 10 آذار عام 2014 على جسر الملك حسين الحدودي.
تقارب تواريخ وقوع عملية الباقورة وقتل زعيتر، أثار تساؤلات لدى الأردنيين عن ازدواجية المعايير؛ فحادثة آذار 1997 اُعتبرت “إرهابا” استوجب العقاب، أما جريمة آذار 2014؛ فلم تحظَ سوى بـ “التسويف والمماطلة” في التحقيق بمجرياتها.
غضب الأردنيين ازداد بعد إعدام قوات الاحتلال الإسرائيلي للشاب سعيد العمرو من مدينة الكرك في 16 أيلول عام 2016 في منطقة “باب العامود” بالقدس المحتلة، ولم يتم محاكمة القاتل أيضاً.
وقوبلت دعوات الأردنيين المتكرّرة للإفراج عن الدقامسة وتكريمه كبطل قومي، بالرفض؛ إذ ردّت الحكومات الأردنية المتعاقبة طلب إدراجه ضمن قوائم المشمولين بالعفو الملكي، كما رفضت مطالبات لمجلس النواب الأردني وشخصيات سياسية بالإفراج عنه.
فيما تساءل القائد القومي ووزير العدل الأسبق المحامي حسين مجلي عام 2011، قائلا إنه “لا يعرف ما هي السيادة بالنسبة للأردن إذا لم يتمكن من الإفراج عن سجين؟!”، بعد احتجاجات إسرائيلية على المطالب الشعبية بالإفراج عنه.
الدقامسة تحوّل إثر ذلك إلى أيقونة لدى أبناء الشعب الأردني حيث تم تشكيل لجان شعبية اجتمعت على هدف الدفاع عن “الجندي البطل”، وسعوا حثيثا لاستصدار عفو ملكي يشمله، لكن دون جدوى.
صباح امس الأحد، عاد أحمد الدقامسة إلى حريته بعد أن غاب في السجون الأردنية 20 عاما، ليعود إلى مسقط رأسة في بلدة “إبدر” التابعة لمحافظة إربد شمال الأردن، وبالقرب من الحدود مع فلسطين المحتلة.
يشار إلى الدقامسة يُعاني من مشاكل صحية ألمت به أثناء حبسه كارتفاع ضغط الدم وتصلب بالشرايين وإصابته بجلطة قلبية، حيث أجرى عملية قسطرة عام 2014.
وكان اطلاق سراح الدقامسة، قد اثار حالة من الغضب وردود الفعل الحادة في تل أبيب, حيث قالت المعلمة التي كانت بصحبة القتيلات، جميلة شوكرون، إن خبر إطلاق سراح الدقامسة أفسد عليها وعلى الشعب الإسرائيلي وعائلات القتيلات فرحتهم بعيد “المساخر” (البوريم العبري).
ونقلت القناة السابعة في التلفزيون العبري، عن شوكرون، قولها “لم أتخيل أن يتم الإفراج عن الدقامسة، وكنت آمل ألا يرى ضوء النهار وهو في السجن، وألا تقوم السلطات الأردنية بإطلاق سراحه”.
وأضافت “كان يجب الحكم عليه بالمؤبد عن كل جريمة إضافة إلى 20 عامًا عن كل شخص جرح في الهجوم الذي نفذه”، داعية تل أبيب للضغط على السلطات الأردنية من أجل إرجاع الدقامسة إلى السجن.
ووصف أليكس جونز (والد إحدى القتيلات الإسرائيليات)، الإفراج عن الجندي الأردني بـ “اليوم الأسود والحزين بالنسبة للشعب الإسرائيلي”.
وتابع “أنا لا أعتقد أن هذا الشخص يستحق أن يكون حرًا (…)، خوفنا هو أنه سوف يعود ويكرر ما فعل (…)، كان يجب أن يحكموا عليه بسبعة أحكام بالسجن المؤبد، وإطلاق سراحه استهزاء بنا”.