مصالح متبادلة وراء تسريب المعلومات من السياسيين الى الصحفيين

اوضح تقرير منشور في دورية «كولومبيا جورناليزم ريفيو»، التي تصدرها كلية الصحافة في جامعة كولومبيا بنيويورك، ان لجوء السياسيين لتسريب المعلومات للصحفيين, هو سلاح ذو حدين, نظرا لأن المسؤولين يتعمدون أحيانا تسريب معلومات إلى صحافيين خدمة لأجنداتهم، أو أجندات الوزارات أو الدوائر التي يعملون فيها.

وقالت الدورية إن التسريبات «يمكن أن تكون مقصودة، أو غير مقصودة». وإن المسرب قد يريد التأثير على الصحافي (ويريد كسب ثقته في المستقبل)، في نفس الوقت الذي قد يريد فيه الصحافي أن يؤثر على المسؤول (بأن يخدم أجندته).

واشارت الدورية الى وجود ما يسمى (بالونة الاختبار)، اذ عندما يريد المسؤولون معرفة ردود فعل الناس على برامج أو قرارات معينة قبل إصدارها, فانهم يسربون معلومات أولية، أو مختصرة، ثم يقررون، على ضوء ردود الفعل، إذا كانوا سيصدرونها، أو لا.

يحدث هذا – امريكيا – في الوقت الحاضر في موضوع إلغاء قانون الضمان الصحي الذي كان أصدره الرئيس السابق أوباما, حيث يريد الجمهوريون استبداله بقانون جديد. ولكن، لأن الموضوع معقد، ولأن الجمهوريين لم يعدوا قانونا جديدا حتى الآن، فانهم ينشرون أخبارا، من وقت لآخر، عن مشروع قانون حول هذا البند أو ذاك، ويحاولون الاستفادة من ردود الفعل وهم يعدون القانون الجديد.

في غالب الحالات، يحدث الآتي: يتصل مسؤول بصحافي ويقول له: «عندي لك خبر سيجعل رئيسك يزيد راتبك». وعندما ينشر الصحافي الخبر، يتصل بالمسؤول، ويقول له: «اطلب من رئيسك أن يزيد راتبك».

في نفس الوقت، يمكن تسريب معلومات تحرج معارضين، أو خصوما سياسيين، أو حكومات معادية. في هذه الحالات، يتحمس المسرب لنشر الخبر، ويقبل الصحافي لأن نشر الخبر سيرفع أسهمه، أو اسم صحيفته.

في العام الماضي، سرب صحافيون، بالتعاون مع موظفين في بنما، وثائق سرية عن الملاذات الضريبية في الخارج. أحرجت المعلومات كثيرا من الناس في كثير من الدول. واستقال بعضهم، وحوكم بعضهم. لكن، لمع نجم الصحافيين الذين جمعوا ونشروا المعلومات.

في عام 1971. نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» ما صارت تسمى «أوراق البنتاغون»، إشارة إلى تقرير عملاق وضعه الجنرالات عن مستقبل التدخل الأميركي في حرب فيتنام. وكان التقرير متشائما، وأحرج الجنرالات، وأحرج الرئيس رتشارد نيكسون. وقد وصل محامو نيكسون إلى المحكمة العليا بهدف وقف النشر، ولكنهم خسروا.

وفي عام 1972، بدأت صحيفة «واشنطن بوست» نشر أخبار عن «فضيحة ووترغيت» (تسلل عملاء تابعين للحزب الجمهوري إلى رئاسة الحزب الديمقراطي في مبنى ووترغيت، في واشنطن، بهدف سرقة معلومات عن الحملة الانتخابية في ذلك العام). اعتمدت الصحيفة على مصدر سري. وورطت، ليس فقط مسؤولين في قيادة الحزب الجمهوري، ولكن، أيضا، مسؤولين في البيت الأبيض، ثم الرئيس نيكسون نفسه الذي اضطر لأن يستقيل.

وفي عام 2012، اي بعد 40 عاما، تم الكشف عن أن نائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) في ذلك الوقت، مارك فيلت، كان هو من يسرب المعلومات إلى الصحيفة.

في عام 2003. نشر الكاتب روبرت نوفاك معلومات سلبية سربت له عن فاليري بليم، التي كانت جاسوسة في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، وزوجة السفير جوزيف ويلسون، من معارضي غزو العراق. وكان القصد من التسريب هو إحراج ويلسون.

وفي عام 2010. سربت الجاسوسة جيلسي مانينغ أكثر من ربع مليون وثيقة تابعة للبنتاغون ووزارة الخارجية عن السياسات الأميركية في أفغانستان والعراق. وكانت من بينها وثائق عن قتل مدنيين في العراق كانوا يتظاهرون في بغداد ضد الاحتلال الأميركي.

وفي نفس العام، سربت منظمة «ويكيليكس» مئات الآلاف من الخطابات المتبادلة بين رئاسة الخارجية والسفراء الأميركيين، خلال العشر سنوات الماضية, وقد سبب النشر إحراجات كثيرة لعدد من السفراء والحكومات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى