تنظيم “داعش” يستعد لنشر الارهاب في العالم بعد سقوط دولته
نشرت مجلة “ذا أتلانتك” مقالا للكاتبين كولين كلارك وأمارناث أماراسنغام، بحثا فيه مستقبل مقاتلي تنظيم داعش بعد هزيمة التنظيم.
ويقول الكاتبان إن “التنظيم يعاني من انخفاض عائداته المالية إلى النصف على مدى الستة أشهر الماضية، وتعاني عملياته الدعائية من فوضى، والهجوم على غرب الموصل يقلل من المساحات التي يسيطر عليها، ونهاية ما يسمى الخلافة التي أقامها في الشرق الأوسط تبدو قريبة”.
ويضيف الكاتبان في مقالهما، أنه “في الوقت الذي لا يبدو فيه تحقيق انتصار واضح أمرا محتوما، بحسب سير الأمور حاليا، إلا أنه من الممكن للقوات الأمريكية وحلفائها القضاء على تنظيم داعش في العراق وسوريا، بقتل مقاتليه أو اعتقالهم، وطرد التنظيم من المدن الرئيسية التي شكلت عماد الخلافة المدعاة، وفي المحصلة السيطرة على معقل التنظيم في الرقة”.
وتشير المجلة إلى أن “التركيز بعد ذلك سينتقل إلى ما سيفعله مقاتلو تنظيم داعش الأجانب، الذين وصلت أعدادهم إلى عشرات الآلاف من عشرات البلدان، والجواب أن هناك احتمالات عدة”.
ويذهب الكاتبان إلى أنه “عندما ينتهي أي صراع، من خلال القوة أو الاتفاق عبر التفاوض، فإن الغالب أن ينفض المقاتلون الأجانب في اتجاهات مختلفة، ولا شك أن مقاتلي تنظيم داعش قادرون: فأثبتوا أنهم مقاتلون بارعون، واستخدموا شبكة الأنفاق التي أنشأوها لنقل الرجال والمواد، بالإضافة إلى أنهم أتقنوا إنتاج السيارات المفخخة ونشرها لإبقاء عدوهم على مسافة بعيدة عنهم”.
ويستدرك المقال بأن “المقاتلين الأشداء، خاصة الأجانب الموجودين في دائرة زعيم تنظيم الدولة أبي بكر البغدادي وكبار قادته، سيبقون في الغالب في العراق أو سوريا، وسينتظرون الانضمام إلى المقاومة السرية (تنظيم داعش رقم 2)، وأغلب الظن أن يتجمع هؤلاء الشظايا من تنظيم الدولة في تنظيم إرهابي سري، وبالإضافة إلى القيام بغارات متفرقة وكمائن، وربما بعض الهجمات الكبيرة، باستخدام انتحاريين، فهؤلاء المقاتلون سيرتاحون ثم يتسلحون ثم يتعافون”.
وتقول المجلة إنه “خلال هذا الوقت، فقد يغير هؤلاء المقاتلون ولاءاتهم بين القليل من المجموعات، بما في ذلك تنظيم الدولة وجبهة فتح الشام وأحرار الشام، (التي شكلت ائتلافا فضفاضا للمقاتلين السلفيين)، وسيسعون للبحث عن مناطق غير مسيطر عليها أبعد من أوامر القوات العراقية والسورية وحلفائهما”.
ويورد الكاتبان أن الخبير في الإرهاب بروس هوفمان يتوقع بأن يسعى بعض مقاتلي التنظيم لمصالحة مع تنظيم القاعدة، مشيرا إلى أن هذا هو الخيار الوحيد لديهم للاستمرار في نضالهم، لافتين إلى أن المقابلات مع بعض مقاتلي التنظيم الغربيين تشير إلى أن “الخلاف الفكري بين تنظيم القاعدة وتنظيم داعش أكبر من أن يتم جسره بسرعة، لكن الوقت قد يغير هذا الأمر”.
ويفيد المقال بأن “هناك مجموعة أخرى من المقاتلين هم المرتزقة الممنوعون من العودة إلى بلدانهم، حيث يتوقع أن يشكلوا مجموعة من المجاهدين الذين ليس لهم وطن، الذين سيسافرون إلى الخارج للبحث عن مسرح لجهادهم القادم –اليمن وليبيا وغرب أفريقيا وأفغانستان– لحماية حدود ما يسمونه الخلافة والحفاظ عليها وتوسيعها، وهؤلاء هم ذرية المجاهدين الأصليين الذين شكلوا صفوف تنظيم القاعدة، وحاربوا في أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي والشيشان والبلقان، وسيرحب المنتمون لتنظيم الدولة والجهاديون السنة المحليون بتدفق الجهاديين الذين صقلتهم المعارك”.
وتنوه المجلة إلى أن “هناك مجموعة ثالثة من المقاتلين هم (العائدون)، وهذا هو التجمع الذي يقلق دوائر مكافحة الإرهاب، وهذه المجموعة قد تحاول العودة إلى بلدانها، مثل تونس والسعودية أو أوروبا وآسيا وشمال أمريكا، وفرصة الدول التي لديها شرطة حدود مدربة بشكل جيد واستخبارات جيدة في التخفيف من تأثير عودتهم أكبر من غيرها، لكن قوات أمن الدول الغربية ليست متساوية، وستعاني بعضها صعوبات أكثر من غيرها في احتواء هذا التهديد، ومما يعقد القضية بشكل أكبر هو فشل الدول، خاصة تلك الواقعة في الاتحاد الأوروبي، في الاتفاق على تعريف (المقاتل الأجنبي)”.
ويبين الكاتبان أن “العائدين ليسوا مجموعة متماثلة كما قد يبدو، فبعضهم سيكون ممن أصيبوا بخيبة الأمل، وهم من ذهبوا إلى سوريا بحثا عن يوتوبيا (المدينة الفاضلة)، والمغامرة، وفرصة التعبير عن هويتهم الدينية، ووجدوا بدلا من ذلك شيئا يختلف تماما، بحسب مقابلات وأبحاث أخرى، فإن السوريين المحليين، الذين يقول المقاتلون إنهم ذهبوا (لإنقاذهم)، لم يحترموهم، وناضل هؤلاء المقاتلون للحصول على الأساسيات، مثل الطعام والمال، وتعاملوا مع محن الحرب، ويمكن استثمار عودتهم للغرب لينصحوا الشباب المتطرفين، وهؤلاء المقاتلين قد يحتاجون إلى علاج نفسي وليس للسجن”.
ويذكر المقال أن “هناك مجموعة فرعية أخرى للعائدين، سنسميها مجموعة (المفارقين الذين لم تخب آمالهم)، فكما ينضم المتطرفون للقتال للعديد من الأسباب فإنهم يغادرون لأسباب غديدة: كاقتراب الزواج، والتعب من القتال، أو لأنهم اشتاقوا لعائلاتهم، لكنهم لا يزالون ملتزمين بأفكارهم الجهادية، حيث قال أحد العائدين مؤخرا: (تركت تنظيم الدولة، لكن إن شبت معركة في مكان آخر فقد أذهب إليها)، فهذا الشخص خاب أمله في تنظيم داعش كتنظيم، ولكن ليس في الجهاد ككل”.
وتشير المجلة إلى أن “آخر مجموعة فرعية من العائدين هي مجموعة (العاملين)، وهم المقاتلون العائدون الذين يحاولون إحياء شبكات نائمة وتجنيد أعضاء جدد، أو القيام بهجمات الذئب الوحيد، وسيكونون قادرين على القيام بهجمات تحت قيادة ما تبقى من تنظيم داعش في الشرق الأوسط، وهؤلاء هم الأشد خطرا، وتعد هجمات باريس في تشرين الثاني 2015، التي تمت على أيدي مقاتلين أجانب تدربوا في سوريا وتم إرسالهم إلى فرنسا، أكثر الحالات وضوحا على هذا المثال، وتصبح خطورة العائدين العاملين أكبر في ظل المئات من العاملين الذين تم نشرهم في أوروبا، بالإضافة إلى مئات الآخرين المختبئين على أبواب أوروبا في تركيا”.
ويجد الكاتبان أنه “بالنسبة للغرب، فإن مكافحة هذه الفئات المختلفة ستحتاج إلى نطاق من الاستراتيجيات، فيجب أن تقوم القوات العراقية وبقية قوات التحالف بقتل أو أسر المقاتلين في العراق وسوريا، بالإضافة إلى أنه يجب مواجهة المتطرفين المتنقلين، الذين يسعون إلى بناء تشكيلات في الدول الضعيفة، بتدريب وتسليح الجيش وقوات الأمن في تلك البلدان، وتقويه النظام والقانون، وتشجيع الحكم الرشيد، وعدد من الأهداف بعيدة ومتوسطة الأمد”.
وتختم “ذا أتلانتك” مقالها بالقول إنه “في الوقت الذي ينشغل فيه الاتحاد الأوروبي بآثار البريكسيت وتلاعب روسيا في الانتخابات، فإن الجهاديين سيعودون إلى أوروبا، وبعضهم مصمم على توجيه ضربات، وفي الوقت الذي سينتقل فيه الإرهابيون الرحالة إلى ليبيا واليمن، فإن التحدي الحقيقي سيكون هو وقف الهجمات الإرهابية في أنحاء العالم، بما في ذلك المدن الأوروبية الكبيرة”.