انتشار ظاهرة شراء الشهادات العلمية بدل التعب والانشغال في اعدادها

اذا كنت تسعى للحصول على أكبر الشهادات العلمية دون عناء البحث وتحمل تعقيدات المشرفين والمحاضرين والتسكع في أروقة المكتبات من جامعة لأخرى, فما عليك سوى التوجه إلى القاهرة، فهناك ستجد ضالتك وتعود في أقل من عام إلى بلدك حاملاً شهادة الدكتوراة أو الماجستير، بعد ان تكون قد دفعت ثمنا مناسبا.

سوق الشهادات العلمية للباحثين العرب في مصر أو ما يطلق عليه “الدكاكين” بات ظاهرة لا تخفى على أحد، ورغم قدم هذا الموضوع وامتداده عبر عقود طويلة مضت، إلا أنه في الآونة الأخيرة فرض نفسه على ساحة النقاش مرة أخرى، بعدما بات السوق الأول عربيًا وشرق أوسطيًا يقصده العرب بحثًا عن شهادة يزين بها بيته أو مكتبه أو يحقق من خلالها تقدمًا في وظيفته.

والجدير بالذكر ان سوق الشهادات العلمية, نظير مقابل مادي, ليست ظاهرة مصرية أو عربية فحسب، بل ظاهرة عالمية في المقام الأول، وهذا ما أشار إليه الدكتور محمد إبراهيم السقا، أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت، في مقال له، بأن هناك عشرات المؤسسات والجامعات في مختلف دول العالم تمنح هذه الشهادات مقابل المال “.

السقا تطرق في مقاله إلى تقرير نشرته “CNN” يقول إن عدد الشهادات العلمية المزورة التي تباع في أمريكا تتجاوز 100 ألف شهادة سنويًا، ثلثها للدراسات العليا، حسبما جاء على لسان جورج جولين عضو مجلس الاعتماد الأكاديمي للتعليم العالي في الولايات المتحدة.

وبحسب التقرير فإن نحو 40000 دارس يحصلون على الدكتوراة بصورة قانونية في أمريكا سنويًا، ولكن في المقابل هناك نحو 50000 يشترونها بالمال، وقد وصل الفساد في هذه المسألة إلى الحد الذي استطاع فيه بعضهم الحصول على شهادات دكتوراة بأسماء قططهم أو كلابهم.

أما عن وسائل الحصول على هذه الشهادات، أشار المقال إلى عدة وسائل منها التزوير، وذلك بإصدار شهادة مقلدة لجامعة معروفة، أو أحيانًا تبيع شهادات مزورة لجامعات حقيقية، ثم تقوم برشوة أحد العاملين في هذه الجامعات لإدراج ملف بين الملفات الخاصة بالجامعة باسم الشخص الذي حصل على الدرجة في قائمة بيانات الجامعة، على النحو الذي يبدو من خلاله أن الشخص حصل بالفعل على الدرجة من الجامعة.

وفي روسيا لا يختلف الوضع كثيرًا عن أمريكا، حيث تنتشر ظاهرة بيع درجات الدكتوراة من خلال جامعات حقيقية وقائمة، بسبب انتشار الفساد في النظام التعليمي الروسي وسوء استخدام السلطة لتحقيق مكاسب مادية، كما أن هناك آلية لتفعيل هذه الظاهرة، فلكل بحث سعر معين، وللرسالة العلمية سعر آخر، وقديمًا كانت هذه العلميات تحت السيطرة النسبية، إلا أن دخول الإنترنت وثورة الاتصالات خلال العقدين الأخيرين قد أدوا إلى تغيير سوق هذه المطاحن بصورة هيكلية، ومن ثم بات من الصعب مراقبتها.

هذا وتتصدر مصر سوق الشهادات العلمية نظير مقابل مادي عربيًا، ومن ثم فهي قبلة الدارسين العرب الأولى، إذ بها نحو 79 جامعة، 27 منها حكومية و4 جامعات أهلية و20 جامعة خاصة و12 أكاديمية، إضافة إلى  8 كليات عسكرية تتبع وزارة الدفاع، وأيضًا ثلاث جامعات مصرية خارج البلاد، و5 فروع لجامعات مصرية خارج البلاد.

إضافة إلى تلك الجامعات فهناك مئات المؤسسات التعليمية الخاصة غير التابعة لوزارة التعليم العالي المصرية، والتي تنتشر في السنوات الأخيرة بصورة ملفتة للنظر، وتحمل أسماء أكاديميات عالمية مثل كامبريدج أو أكسفورد أو الجامعة الأمريكية للعلوم، ومن ثم فهي هدف أساسي للكثير من الدارسين العرب.

وبحسب شهادة البعض فإن هناك إقبالا كبيرا على الشهادات العلمية لا سيما الماجستير والدكتوراة، لما تضفيه من وجاهة اجتماعية وعلمية لحاملها، فضلاً عن تأثيرها في دعم مكانة صاحبها الوظيفية، حيث إن حاملي تلك الشهادات يتمتعون بامتيازات إدارية ومادية في وظائفهم مقارنة بغيرهم، لذا باتت قبلة للساعين للترقي.

ومن الملفت للنظر أن بعض الدارسين العرب في مصر ينتمون لدول بها الكثير من الجامعات المتقدمة علميًا، والتي تحتل مراتب جيدة في التصنيف العالمي للجامعات مقارنة بالتي في مصر، ومع ذلك فهناك رغبة لدى كثير من الدراسين في مختلف الدول العربية للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراة من الجامعات المصرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى