الكتابة بين يدي الغربة

تحضر الكتابة فلا تجد قلماً ولا ورقاً ولا حرفاً في استقبالها, ولا تجد كاتباً يراودها عن نفسها, بل لا تجد قارئاً يتوق لها ويليق بها, فقد غاب زمن الاقلام التي تجيد العزف على الاوراق, وحل محله عهد التويتر والفيسبوك وباقي المنظومة الالكترونية الهائمة على وجهها في مرحلة انعدام الوزن.

تحضر الكتابة صباحاً فلا تعثر على فنجان قهوتها, او تصافح الصحف الطالعة للتو من اشداق المطابع, او تسمع صوت المؤذن الداعي لصلاة الفجر, او تتحسس قطرت الندى الغافية فوق اكمام الزهر.

تحضر الكتابة مساءً فلا تلقى من يحتاج اليها او يحفل بها, فلا مكان للابجدية في عالم الامية, ولا كرامة للحبر في عهد الجاهلية, ولا محل للابداع في زمن الاتباع, ولا اهمية للمخطوطات في عصر المحفوظات, ولا قيمة للتدوين في زحمة التلقين, ولا جدوى من الجملة المفيدة وسط طوفان الجعجعة الشفوية والخطابة الانفعالية والفتاوي الوبائية.

تحضر الكتابة ليلاً فلا تسمع ترحيباً, ولا تبصر يداً ممدودة للمصافحة, ولا تحظى بمن يشاركها متعة السمر.. فالكل منهمك في ملاحقة مارثون الفضائيات المتناحرة بالاهداف ما بين الطرب والارهاب, او بين المشاجرات الحوارية والمباريات الرياضية.

فيا لغربة الكتابة في زمن موبوء بالجهل, ومرزوء بالدواعش, ومقروء بالمقلوب, ومبدوء بالياء وليس بالالف.. يا لغربتها في غير اهلها, وبين الاغرار المتطفلين عليها والممتهنين لها !!

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى