اضواء على مصطلح “الهوية”

حرصتْ شعوبُ العالم منذُ بداية البشريّة حتّى هذا اليوم إلى المُحافظةِ على تميُّزها وتفرُّدها اجتماعيّاً، وقوميّاً، وثقافيّاً، لذلك اهتمتْ بأن يكون لها هويّةٌ تُساعدُ في الإعلاءِ من شأن الأفراد في المُجتمعات، وساهم وجود الهويّة في زيادةِ الوعي بالذّات الثقافيّة والاجتماعيّة، ممّا ساهمَ في تميُّزِ الشّعوب عن بعضهم بعضاً، فالهويّة جزءٌ لا يتجزّأ من نشأة الأفراد منذُ ولادتهم حتّى رحيلهم عن الحياة.

ساهم وجود فكرة الهويّة في التّعبيرِ عن مجموعةٍ من السّمات الخاصّة بشخصيّات الأفراد؛ لأنّ الهويّة تُضيفُ للفرد الخصوصيّة والذاتيّة، كما إنّها تعتبرُ الصّورة التي تعكسُ ثقافته، ولغته، وعقيدته، وحضارته، وتاريخه، وأيضاً تُساهمُ في بناءِ جسورٍ من التّواصل بين كافة الأفراد سواءً داخل مجتمعاتهم، أو مع المُجتمعات المُختلفة عنهم اختلافاً جُزئيّاً مُعتمداً على اختلافِ اللغة، أو الثّقافة، أو الفكر، أو اختلافاً كُليّاً في كافّةِ المجالات دون استثناء.

تعريف الهويّة

 تُعرفُ الهويّة في اللّغة بأنّها مُصطلحٌ مُشتقٌّ من الضّمير هو؛ ومعناها صفات الإنسان وحقيقته، وأيضاً تُستخدمُ للإشارةِ إلى المَعالم والخصائص التي تتميّزُ بها الشخصيّة الفرديّة، أمّا اصطلاحاً فتُعرفُ الهويّةُ بأنّها مجموعةٌ من المُميّزات التي يمتلّكها الأفراد، وتُساهمُ في جعلهم يُحقّقون صفة التفرّد عن غيرهم، وقد تكون هذه المُميّزات مُشتركة بين جماعةٍ من النّاس سواءً ضمن المجتمع، أو الدّولة.

ومن التّعريفات الأُخرى لمصطلحِ الهويّة أنّها كلُ شيءٍ مُشترك بين أفراد مَجموعةٍ مُحدّدة، أو شريحة اجتماعيّة تُساهمُ في بناءِ مُحيطٍ عامٍ لدولةٍ ما، ويتمُّ التّعاملُ مع أولئك الأفراد وفقاً للهويّة الخاصّة بهم.

أنواع الهويّة

 تُقسمُ الهويّة إلى مجموعةٍ من الأنواع، ويُساهمُ كلُّ نوعٍ منها في الإشارةِ إلى مُصطلحٍ، أو فكرةٍ مُعيّنة حول شيءٍ ما، ومن أهمّ أنواع الهويّة:

– الهويّة الوطنيّة: هي الهويّةُ التي تُستخدَمُ للإشارةِ إلى وطن الفرد، والتي يتمُّ التّعريفُ عنها من خلال البطاقة الشخصيّة التي تحتوي على مجموعةٍ من المعلومات والبيانات التي يتميّزُ فيها الفرد الذي ينتمي إلى دولةٍ ما.

– الهويّة الثقافيّة: هي الهويّةُ التي ترتبطُ بمفهومِ الثّقافة التي يتميّزُ فيها مُجتمعٌ ما، وتعتمدُ بشكلٍ مُباشرٍ على اللّغة؛ إذ تتميّزُ الهويّة الثقافيّة بنقلها لطبيعة اللّغة بصفتها من العوامل الرئيسيّة في بناءِ ثقافة الأفراد في المجتمع.

– الهويّة العُمْريّة: هي الهويّةُ التي تُساهمُ في تصنيفِ الأفراد وفقاً لمرحلتهم العُمْريّة، وتُقسَمُ إلى الطّفولة، والشّباب، والرّجولة، والكهولة، وتُستخدَمُ عادةً في الإشارةِ إلى الأشخاص في مَواقفَ مُعيّنة، مثل تلقيّ العلاجات الطبيّة.

حالات الهويّة

 حالات الهويّة مجموعةٌ مِنَ الحالات التي قام عالم النّفس أريكسون بصياغتها حول المفهوم العام للهويّة، وتُقسَمُ إلى أربعِ حالاتٍ؛ وهي:

1- تحقيق الهويّة: هي إدراك الأفراد للهويّة الفرديّة الخاصّة بهم، والتي تهدفُ إلى تقدير الذّات، واحترام الصّفات الشخصيّة، وزيادة الإنتاجيّة العامّة في المجتمع.

2- تعليق الهويّة: هي مُعاناة بعض الأفراد بأزمةٍ في هويتهم الفرديّة؛ إذ يفقدون أيّة قدرة في التعرّفِ على الهويّة الخاصّة بهم بسبب تعرّضهم لاضطراباتٍ نفسيّة.

3- انغلاق الهويّة: هي حالةٌ تُصيبُ الأفراد عندما يتمُّ فرضُ بعض الأشياء عليهم، مثل: نوع الملابس، أو التخصّص الدراسيّ، أو موعد النّوم، ممّا يُؤدّي إلى انعدام شعورهم بالهويّة الخاصّة بهم.

4-  تفكّك الهويّة: هي حالةٌ تنتجُ عن ضعفٍ في فهمِ الهويّة؛ وتنتجُ عن تعرّضِ الأفراد للاضطهادِ والظّلم النّاتج عن سوء المُعاملة، خصوصاً في مَرحلةِ الطّفولة، ممّا يُؤدّي إلى تفكّك الهويّة.

 العوامل المُؤثّرة على بناء الهويّة

 توجدُ مجموعةٌ من العوامل التي تُؤثّرُ على بناءِ الهويّة عند الأفراد؛ ومن أهمها:

– المجتمع: هو أولُ العوامل المُؤثّرة على بناءِ الهويّة؛ إذ يُساهمُ المجتمع في بناء هويّة الأفراد وتشكيلها بناءً على طبيعةِ البيئة المُحيطة بهم، ويتأثّرُ الأفراد بسلوكيّات الأجيال السّابقة لهم سواءً في العائلة، أو الحيّ، أو المجتمع عموماً، وتُساهمُ في بناءِ الهويّة الفرديّة الخاصّة بهم، ومُساعدتهم على فهمها بطريقةٍ أوضح.

– الانتماء: هو الارتباطُ بالمكان الذي يعتمدُ على دورِ الهويّة في تعزيز مفهومه؛ إذ ينتمي الفردُ للدّولة التي يعيشُ فيها، ويُعتَبرُ مواطناً من مواطنيها، ولهُ حقوقٌ وعليه واجبٌ تنظّمها أحكامُ الدّستور، وعليه، فإنّ الهويّة عبارةٌ عن وسيلةً للتّعزيزِ من هذا الانتماء عند الأفراد، والجماعات.

الخلاصة

 توجدُ العديدُ من التّعريفات الخاصّة بالهويّة، وكلُ تعريفٍ منها يهدفُ إلى توصيلِ مجموعةٍ من الأفكار والمعلومات التي تعكسُ طبيعتها، كما أنّ للهويّة مجموعةٌ من الأنواع؛ كالهويّة الوطنيّة، والثقافيّة، والعمريّة، وكلُ نوعٍ من هذه الأنواع يُساهمُ في نقلِ صورةٍ مُعيّنة عن الخصائص، والمُكوّنات الخاصّة بها، وأيضاً تتميّزُ بطاقةُ الهويّة الرسميّة التي تُصدِرها الجهات الحكوميّة في الدّول بمجموعةٍ من المُحتويات الخاصّة بها، والتي تُساهمُ في التّعريف بصاحبها، كما أنّ أغلبَ الأفراد قد يتعرّضون لإحدى الحالات الخاصّة بالهُويّة، وعليهم معرفةُ الطُّرق السّليمة للتّعاملِ معها وفهمِ مَضمونها. وتوجدُ مجموعةٌ من العوامل التي تُؤثّرُ على بناءِ الهويّة عموماً عند الأفراد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى