باسم الله تبدأ “المجد” مشوارها الجديد
بقلم : فهد الريماوي
بعد خمسين عاماً من الزواج الكاثوليكي، والعشق العابق بالنشوة، والعشرة المضرجة بالوان قوس قزح، بين هذا القلم المخضرم وبين الصحافة المطبوعة.. تشاء الاقدار القاهرة، ومتغيرات الزمان الطاغية، ان يقع الطلاق ويتم الفراق وفك الارتباط بين القلم والورق، اوالفاعل والمفعول به.. توطئة للنزوح الى عوالم وحقائق جديدة تلائم طبيعة العصر، وتنطق بلسان الكتروني، وتتجلى على الشاشات الفضية المصقولة، وتسافر في سائر الاوقات وعموم القارات فوق بساط من الريح وامواج الانترنت.
نتفق مع الدعاء الديني المعروف : ”اللهم لا تدخلني في تجربة”، ولكن ها قد اضطرتنا الايام والاحكام الى خوض غمار تجربة صعبة ومبنية للمجهول مع الصحافة الافتراضية والشبكات العنكبوتية.. فليس من السهل والميسور على من كانوا يسطرون بالقلم، ويبدعون بخط اليد، ويتنادمون بالجملة المطبوعة، ان يتخلصوا فجأة من هذا الادمان المعتق، وان يتحولوا بين عشية وضحاها الى الكتابة بلغة الـ ”كي بورد”، وابجدية الحروف الضوئية.
على كره منا، وبالضد من طبائعنا وعاداتنا في القراءة والكتابة، بات لزاماً علينا ان نتكيف مع الضرورات والمستجدات العلمية والعملية، وان نتعامل مع الحوامل والوسائل العصرية وفق شروطها وقواعدها، وان نزاول التفكير والتعبير بما ينسجم مع آليات الاعلام الالكتروني الذي يحفل بالحركة اكثر من الفكرة، ويلهث خلف الخبر وليس المقالة، ويتسم بالاختصار والايجاز والايقاع السريع على حساب التمهل والتعقل والتطويل.
ويا لغرابة- وربما طرافة- المفارقة في آلية المطالعة، بين الصفحات المطبوعة وبين الشاشات الالكترونية.. ففي حين يحتاج قارئ الصحف والكتب الى تسليط الضوء على السطور والصفحات كي يبصر بوضوح، يحتاج قارئ الشاشات الالكترونية والحروف الضوئية الى العكس تماماً، حيث يتوخى قدراً من العتمة والظلال حتى يتمكن من الابصار.
وعليه، فقد طوينا صفحة ”المجد” الورقية مجبرين لا مختارين، ودخلنا بها ومعها تجربة الانترنت وامتحان العالم الافتراضي بأمل استكمال الدور ومواصلة المشوار.. ذلك لان تغييرالموقع لا يعني تغييراً في الموقف، واختلاف الوسيلة لا يعني اختلافاً في الرسالة، فقد كانت ”المجد” وستبقى منبراً للوعي القومي والانتماء العروبي والرسالة الوحدوية، ولسوف تجهد كل الجهد في الجمع والتوفيق بين خبراتها المكتسبة من حدائق الصحافة المطبوعة، وبين تطلعاتها الطموحة وآمالها المعقودة على الصحافة الالكترونية.. وعلى الله الاتكال.