اردوغان يطرد اتاتورك من جيشه ويسمح للمرأة العسكرية بالحجاب

ابتداءً من يوم امس الاربعاء, سمحت السلطات التركية بارتداء الحجاب للنساء اللواتي يخدمن في الجيش برتب ضابط او ضابط صف. وهذا الاجراء الذي يكتسب رمزية كبرى بسبب وضع الجيش التركي كحامي العلمانية في البلاد منذ تأسيس الجمهورية من قبل مصطفى كمال اتاتورك، يشمل ايضا الطالبات في المعاهد العسكرية.

وكانت السلطات قد رفعت في اغسطس من العام الماضي الحظر المفروض على ارتداء أفراد الشرطة من النساء الحجاب. وقررت الحكومة التركية السماح للشرطيات بارتداء الحجاب الإسلامي تحت غطاء الرأس الرسمي، على أن يكون من نفس لون البدلة الرسمية والا يحتوي على اي نقوش.

وطالما طالب حزب العدالة والتنمية الحاكم بالغاء القيود المفروضة على ارتداء الحجاب، ويتهم الرئيس رجب طيب أردوغان من جانب خصومه باضعاف الاسس العلمانية التي تقوم عليها الدولة التركية المعاصرة. ولكن مؤيديه يشيرون الى خطوات مماثلة خطتها كل من اسكتلندا وكندا بالسماح للشرطيات المسلمات بارتداء الحجاب.

وفي السنوات الأخيرة، رُفع الحظر على ارتداء النساء في تركيا في الجامعات، ومؤسسات الدولة لكنه ظل مطبقا على النساء العاملات في سلك القضاء والشرطة والجيش. ورفعت تركيا الحظر المفروض على ارتداء طالبات الجامعات الحجاب في عام 2010.

كما سمحت بارتدائه في المؤسسات الحكومية في عام 2013 والمدارس المتوسطة في عام 2014. ولم تظهر معارضة قوية لقرار السماح بارتداء الحجاب في الشرطة التركية. وكرر أردوغان تأكيده على ضرورة ممارسة الأتراك الحق في التعبير عن معتقداتهم الدينية، وذلك رغم تأكيده على أنه ملتزم بالتوجه العلماني الذي ينص عليه الدستور.

ويعتبر العلمانيون ارتداء الحجاب رمزا للمحافظة الدينية، وهو الاتجاه المثير للجدل في الأوساط السياسية التركية. ومنذ العشرينيات من القرن العشرين، تعمل تركيا وفقا لدستور علماني تُحكم البلاد بقوانين قائمة عليه.

لكن وجهات نظر على نطاق واسع في تركيا تؤيد ارتداء الحجاب دعما للحق في التعبير عن الحريات الشخصية. ويشكل المسلمون السنة غالبية سكان تركيا. ويسعى الرئيس التركي إلى أسلمة الجيش وجعله تحت سيطرته تحت غطاء تطهير المؤسسة العسكرية منذ محاول الانقلاب الفاشل.

وتثير خطوة الرئيس التركي جدل كبير حيال تعزيز الرجل من قبضته على الدولة من خلال وضع يده على المؤسسة العسكرية ليضمن بذلك الولاء التام للجيش وهو ما يعزز قبضته على تركيا.

وتحت غطاء التصدي للمخططات الانقلابية، يعمل الرئيس التركي من خلال قرار اعادة هيكلة الجيش إلى استبعاد جميع خصومه والتخلص منهم نهائيا ووضع مكانهم قيادات أكثر ضمانا وولاء له.

وقد بدأ فعلا عملية تطهير واسعة للجيش منذ الساعات الأولى بعد فشل الانقلاب، حيث أوقف حوالي 60 ألفا من جنود الجيش والشرطة والقضاة والموظفين العموميين والمعلمين أو احتجزوا أو وضعوا قيد التحقيق منذ إخماد محاولة الانقلاب.

كما أن حزب العدالة والتنمية يشن حاليا حملة إعلامية واسعة لتشويه صورة قادة كبار في الجيش باتوا موضع كراهية ويعتبرون خونة فيما يتم استعراضهم أمام الإعلام وإذلالهم. وسمحت حالة الطوارئ التي أثارت قلق الاتحاد الأوروبي، باتخاذ إجراءات سريعة وفعالة ضد مؤيدي الانقلاب إضافة إلى محاولة تجاوز البرلمان لسن قوانين جديدة تقيد الحريات عند الضرورة.

هذا وقد اجمع المختصون في شؤون تركيا على أن السماح للمحجبات بممارسة وظائفهن داخل المؤسسة العسكرية التركية يعتبر حدثا مفصليا في سياق الأسلمة التي يسعى إليها حزب العدالة والتنمية الحاكم.

ويلفت هؤلاء المختصون الانظار إلى أن هذا القرار الصادر عن وزارة الدفاع التركية في هذا الشأن يمثل اختراقا لثوابت العلمانية التي ظلت ملتصقة بالمؤسسة العسكرية، ناهيك عن أن هذه المؤسسة بالذات هي المدافع الأول عن الأتاتوركية التي أرساها مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة وجعلها دستور تركيا الحديثة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى